قال مسؤولون ان بذوراً زراعية ملوثة بفيروسات استوردها رجال اعمال مغاربة من اوروبا تسببت في اتلاف جزء كبير من محاصيل البندورة، احد اكبر المنتجات الزراعية في البلاد، ما ادى الى ارتفاع اسعارها في السوق المحلية الى ارقام قياسية. ولم يستبعد المسؤولون ان تكون الفيروسات الزراعية من أصل اسرائيلي ودخلت الى المغرب عبر اسبانيا او عن طريق التهريب انطلاقاً من مدينتي سبتة ومليلة اللتين تحتلهما اسبانيا في شمال المغرب. قال وزير الزراعة والتنمية الريفية المغربي اسماعيل العلوي ل"الحياة" ان الفيروس المذكور الذي يعرف باسم "الذبابة البيضاء" دخل الى المغرب بعدما اكتشف في اسبانيا وظهر في مناطق اخرى حول البحر الابيض المتوسط، مشيراً الى انه تسبب في اتلاف جزء مهم من المحاصيل. واعتبر ان الفيروس "غريب عن ارض المغرب وهو دخيل وليس من الاهالي". وكان المغرب دأب على استيراد البذور من عدد من دول الاتحاد الاوروبي ويستخدمها المزارعون المحليون في تطوير بعض الزراعات وخصوصاً البندورة، التي صدر منها المغرب السنة الجارية نحو 163 الف طن معظمها الى اسواق الاتحاد الاوروبي وبعض دول شمال افريقيا، بزيادة نسبتها اربعة في المئة على الفترة المقابلة من العام الماضي. وقال الوزير "ان حرية التعامل وفتح الاسواق سببا دخول الفيروسات الزراعية، ونحن لا يمكننا ان نقوم بالتخلي عن الحرية التجارية لان هذا الامر المؤسف حصل، بل علينا ان نجابه هذا الوضع كما واجهته دول اخرى حول البحر المتوسط وتعاني من المشكلة نفسها. وعلينا كذلك تحسين المراقبة وتوعية المزارعين والفلاحين، ونناشد جميع رجال الاعمال الذين يتعاملون في الميدان بان يتحلوا بروح المواطنة اكثر من المنفعة الضيقة". ويعمل المغرب بنظام المقاطعة التجارية من الدرجة الاولى مع اسرائيل، لكن شركات اوروبية تسوّق بعض المنتجات الى المغرب عبر تسميات مختلفة او ما يعرف ب"التجارة الثلاثية". وسوقت شركات اسرائيلية في الماضي انظمة للري الاصطناعي الى قرى مغربية. وتوقفت هذه العلاقات منذ انطلاق الانتفاضة الفلسطينية في ايلول سبتمبر عام 2000 بعد أيام قليلة من مشاركة وفد اسرائيلي في معرض دولي للزراعة في الدار البيضاء. ولم يستبعد وزير الزراعة، الذي يشغل ايضاً منصب الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة الائتلافية التي يقودها عبدالرحمن اليوسفي منذ ربيع 1998، ان يكون رجال اعمال مغاربة استوردوا هذه الفيروسات الزراعية مباشرة من اسرائيل. وقال: "هذا أمر ممكن لكون المنتجات الزراعية والصناعية لم تعد تخضع كما كانت من قبل الى الحدود التي اضمحلت نسبياً والتي ادى تراجعها الى ظهور هذا الخطر الذي اصبح محدقاً بجميع الزراعات، ولذلك فان عدداً كبيراً من الدول تقوي المراقبة عند دخول السلع الى المطارات والموانئ وهذا ما نقوم به كذلك". واضاف: "مع كل اسف نحن نجد انفسنا بجوار اوروبا، والعلاقات التجارية بيننا والاتحاد الاوروبي قوية، كما ان استمرار احتلال اسبانيا لمدينتي سبتة ومليلة على البحر الابيض المتوسط وما يترتب عن ذلك من تهريب يزيد من هذه الاخطار ويستحيل على جهاز الدولة ان يطوق المدينتين ويحرم كل تبادل بينهما وباقي القطر، وهذه من الاشياء التي علينا الاهتمام بها والحكومة واعية بهذا الامر وتجتهد للقيام بما يجب في هذا المضمار". وتقدر قيمة السلع المهربة من المدن المغربية التي تحتلها اسبانيا على البحر الابيض المتوسط بنحو بليوني دولار في المتوسط وهي غالباً منتجات زراعية وغذائية انتهت مدة صلاحيتها او منتجات صناعية آسيوية ضعيفة الجودة. وتوقع الوزير من جهة اخرى ان يحقق المغرب انتاجاً متوسطاً من الحبوب الرئيسية، قدرها في الموسم الحالي بنحو 40 مليون قنطار وتغطي نصف حاجات البلاد. لكنه اعتبر ان تحديد اي رقم في الوقت الحالي هو مجازفة، في انتظار نتائج تساقطات فصل الربيع التي تعتبر حاسمة في الانتاج الزراعي الذي واجه ثلاثة أعوام من الجفاف الحاد. وقال الوزير: "ان الحكومة وضعت برنامجاً للتنمية الريفية لمواجهة آثار الجفاف، بلغت كلفته السابقة نحو 800 مليون دولار، يتضمن تطوير التجهيزات المحلية في الارياف واقامة شبكات للري وفتح المعابر الطرقية ودعم المزارعين للبقاء في قراهم عبر جدولة ديونهم لمصرف القرض الزراعي". يذكر ان الزراعة تمثل نحو 17 في المئة من اجمالي الناتج القومي ويعتمد عليها ربع السكان. وتقدر المساحة المزروعة في الموسم الحالي بنحو خمسة ملايين هكتار.