بدا ان السلطات الجزائرية بدّلت استراتيجيتها في التعامل مع الوضع في منطقة القبائل، بعدما فشلت الجهود التي قامت بها على مدى الشهور الماضية لضرب الجناح المتشدد في تنسيقيات العروش البربرية من خلال تعزيز الجناح المعتدل فيها. إذ لجأت أجهزة الأمن الى شن حملة اعتقالات واسعة في صفوف المتشددين البربر الذين يُهددون بمنع إجراء الانتخابات الاشتراعية المقبلة في مناطقهم. ويبدو ان خيار الحكومة في التعامل مع الوضع سيظهر جلياً اليوم في طريقة تعاملها مع مسيرة شعبية دعا اليها المتشددون البربر. واصلت قوات الأمن الجزائرية، أمس، سلسلة الإعتقالات التي تستهدف القادة المتشددين في تنظيمات العروش البربرية. وأفيد أن 46 من هؤلاء اعتُقلوا في اليومين الماضيين وبينهم ستة من منطقة فريحة وحدها. وقال مصدر قريب من الحكومة أن القضاء وجه الى الموقوفين خمس تهم تتعلق ب"حيازة أسلحة بيضاء، المساس بالنظام العمومي، الدعوة إلى العصيان المدني، التخريب، والمساس بالأملاك العمومية". وأصدرت المديرية العامة للأمن الوطني بيانات تحرٍ في حق عدد من الناشطين البربر أبرزهم السيدان بلعيد أبريكة ومصطفى معزوزي. ويُعتقد بان بعض المطلوبين دخل في مرحلة العمل السري. وتجددت المواجهات أمس بين المتظاهرين البربر وقوات مكافحة الشغب قرب مسرح كاتب ياسين في تيزي وزو، وخلّفت عدداً من الجرحى في صفوف قوات الأمن اصيبوا بوابل من الحجارة. وذكرت مصادر محلية أن المواجهات بدأت بعدما تجمّع عشرات الشباب قرب المسرح الذي احتلّته الشرطة بعدما حجزت كميات كبيرة من القنابل الحارقة. وذكر مصدر رسمي أن قوات الأمن إعتقلت 40 عنصراً قيادياً متشدداً في تنظيمات العروش في كل من ولايتي تيزي وزو وبجاية. وتابع أن قاضي التحقيق أمر بإيداع 39 منهم رهن الحبس الإحتياطي. وتنظم العروش البربرية، اليوم، مسيرة للإحتجاج على بقاء فرق من الدرك في منطقة القبائل وضد سلسلة الإعتقالات التي قامت بها أجهزة الأمن ضد ناشطي العروش البربرية. ويتوقع أن تعمد قوات مكافحة الشغب إلى تفريق المسيرة، في أول خطوة من نوعها تقوم بها السلطات منذ تردي الأوضاع في منطقة القبائل عقب مقتل الشاب ماسينيسا قرماح في مركز للدرك الوطني بقرية بني دوالة في 18 نيسان ابريل 2001. وتشهد تيزي وزو وبجاية منذ عشرة أشهر حال فوضى عارمة مع تخلي الدولة عن كثير من مهماتها وسحب الافراد المكلفين تسيير الطرق. ورأى مصدر سياسي مطلع أن الحكومة "قررت وضع حد لتجاوزات المتطرفين" بهدف "تحرير سكان منطقة القبائل من الضغط الذي يمارسه ناشطو العروش" عليهم لمنعهم من إستئناف الحياة العادية. وفي ولاية البويرة، فرقت قوات مكافحة الشغب مسيرة شعبية جابت أحياء المدينة قبل أن تتحول إلى مواجهات مع قوات الأمن التي تمكنت بعد ساعات من إعادة فتح الطريق الوطني الرقم 5 الذي أغلق في وجه المارة. وابرزت صحف أمس "التغيير" في موقف السلطات من القضية القبائلية. وكتبت "الوطن" ان "كل شيء يدل على ان السلطة قررت انهاء الاستراحة، والسؤال الذي ما زال مطروحاً هو: لماذا غيّرت موقفها باشهار حرب على الجناح المتشدد في تنسيقية العروش بعد ان حاولت اضعافه بدون جدوى". وقالت صحيفة "وهران"، من جهتها، ان من الآن فصاعداً "تبين ان دوامة خطيرة انطلقت ومن الضروري ايقافها بسرعة". الانتخابات وأرجأت جبهة القوى الإشتراكية حسم قرار مشاركتها في الإنتخابات المقبلة في انتظار بروز مؤشرات جديدة في شأن إمكان تنظيم الاقتراع في موعده المقرر في 30 أيار مايو المقبل. وكان الحزب البربري الآخر "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية"، أعلن قبل أسبوعين مقاطعته الإنتخابات المقبلة. وجاء قراره بعد إعلان التنظيمات الراديكالية في العروش البربرية مقاطعتها الاقتراع ومنع إجرائه في منطقة القبائل.