ينظر المراقبون باهتمام الى زيارة الرئيسة الاندونيسية ميغاواتي سوكارنوبوتري لكوريا الشمالية غداً والتي تأتي في اطار جولة آسيوية تستغرق 13 يوماً تشمل أيضاً الصين وكوريا الجنوبية والهند. ويعلق بعضهم آمالاً على ان تساهم زيارة ميغاواتي لبيونغيانغ في تخفيف حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية، ان لم تفلح في لعب دور الوسيط لاحلال السلام بين الكوريتين. ولا يعول المراقبون كثيراً على مهارات ميغاواتي الديبلوماسية في تحقيق اختراق للجدار الحديدي المضروب على بيونغيانغ، بقدر ما يعوّلون على العلاقات التاريخية التي تربط عائلة سوكارنو بعائلة كيم. اذ كان احمد سوكارنو والد ميغاواتي ومؤسس اندونيسيا على علاقة وثيقة بعائلة كيم، ومنذ رحيل سوكارنو ومجيء سوهارتو الى الحكم عام 1965 انقطعت العلاقة بين البلدين. وكانت ميغاواتي التقت الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ ايل مرة واحدة عام 1955 في جاوة الغربية في اندونيسيا، عندما اصطحبها والدها الى المؤتمر الافروآسيوي. وكان كيم أيضاً حاضراً مع والده كيم سونغ، وعمل الزعيمان الوالدان على تأسيس منظمة عدم الانحياز. وستكون ميغاواتي ثاني زعيم اندونيسي يزور بيونغيانغ بعد والدها الذي زارها للمرة الاخيرة عام 1964، ودعا فيها الى تأسيس محور لمكافحة الامبريالية والاستعمار الحديث، بين جاكرتا وهانوي وبكين وبيونغيانغ. وطلب الوساطة بين الكوريتين لم يكن مبادرة اندونيسية، وانما جاء من جنوب شبه الجزيرة في سيول، اذ أعلن وزير الخارجية الاندونيسي حسن ويراغودا ان ميغاواتي قبلت طلب كوريا الجنوبية منها اقناع بيونغيانغ استئناف مفاوضات السلام مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. ومعلوم ان ميغاواتي ليست بالسياسية الماهرة، فهي لم تفلح بعد في التعامل مع ازماتها الداخلية الكثيرة، لكن محطتها الاولى في بكين الحليف الاساسي لكوريا الشمالية ولقاءها مع الرئيس جيانغ زيمين مفيدة في تسهيل مهمتها مع كيم. ويتساءل المراقبون هل تتدخل الظروف الدولية لمساعدتها في استغلال الخيط التاريخي الذي يربطها ببيونغيانغ، وتفلح في نزع فتيل مشتعل يوشك ان يقترب من برميل البارود في شرق آسيا؟ ويبقى السؤال الآخر: في أي اتجاه ينبغي ان تهب رياح التهدئة؟ ومن عليه ان يقدم التنازل؟ بيونغيانغ الشريرة، بحسب التصنيف الاميركي، والتي تملك اسلحة رادعة، أم سيول ومن ورائها واشنطن، "محور الخير"؟ جولة ميغاواتي في مجملها تتناغم مع برنامج الحكومة الاقتصادي، وتركز على العلاقات الاقتصادية، ولذلك تشمل دولاً لها ميزة اقتصادية، ان لجهة القدرات الانتاجية المتقدمة او الاسواق الكبيرة القادرة على استيعاب الانتاج الاندونيسي، ولذلك يأمل الشارع الاندونيسي ان تساهم هذه الجولة في تحريك الاقتصاد الوطني الذي يعاني الكثير من الازمات. وهي قد تعود الى جاكرتا وفي جعبتها شيء من المنافع الاقتصادية، لكن الصراعات الاستراتيجية والتاريخية تبقى بعيدة من طاولة المجاملات والكرم الديبلوماسي اكراماً لصداقات الآباء، اذ مرت مناسبات اكثر اهلية لاعلان حسم الصراع وتحقيق السلام في شبه الجزيرة الكورية، لكن قرع طبول الحرب بقي يصم الآذان.