قد يتم ذلك أو لا يتم، لكن عدداً من كبار كتاب العالم، من أعضاء "البرلمان العالمي للكتاب"، سوف يشدون رحالهم الى رام الله اليوم الأحد تضامناً مع الشعب الفلسطيني وانتفاضته التي حركت ضمير العالم وهزت أعماق عدد كبير من المثقفين في مشارق الأرض ومغاربها. وسيشارك في هذه الرحلة ثمانية كتّاب. اثنان منهم من حملة جائزة نوبل للآداب، وهم: راسل بانك رئيس البرلمان العالمي للكتاب، ووول شوينكا، وخوسيه ساراماغو، وبرايتن برايتنباخ، وباي داو، وخوان غويتيسولو، وفنسنزو كونسولو، وكريستيان سولومون" كما سيرسل الفيلسوف الفرنسي الشهير، رائد المدرسة التفكيكية جاك دريدا رسالة تضامنية مع الشعب الفلسطيني. يسبق هذه الرحلة بيان شديد اللهجة أصدره "البرلمان العالمي للكتاب" ضد سياسة شارون الاجرامية في الأرض المحتلة، مشيراً الى ان الحرب الدائرة في فلسطين تتم بين واحد من أقوى جيوش العالم وشعب أرضه محتلة، وأن شارون يستسلم لضلال استخدام القوة العسكرية حيث تحولت الحرب الى مؤسسة دائمة على يدي شارون. وقد دعا البيان الى ضرورة انهاء الاحتلال والاحتكام الى المفاوضات لحل الصراع الدموي الدائر بين الفلسطينيين والاسرائيليين. ونظم "البرلمان العالمي للكتاب"، قبل ذهاب ممثليه الى رام الله، حملة توقيعات من الكتّاب والمثقفين من أنحاء العالم كافة في معرض باريس للكتاب يوم أمس السبت لإدانة الاحتلال الاسرائيلي والدعوة الى انهائه فوراً وايقاف آلة الحرب الاسرائيلية الجهنمية عن الدوران في فلسطين. إذاً، وغضّاً للنظر عن الأوضاع الحالية، المتوترة المشوبة بالحذر في فلسطين الباسلة، سيتتوجه عدد من أكبر كتّاب العالم ومثقفيه الى رام الله ليستقبلهم شاعر فلسطين الكبير محمود درويش. وهناك تنظم لهم المؤسسات الثقافية الفلسطينية برنامجاً مكثفاً للاطلاع على الدمار الشامل الذي خلفته الآلة العسكرية الاسرائيلية على الأرض، وعلى الحياة المستحيلة التي يحياها الشعب الفلسطيني في ظل الحصار والموت اليومي. حرك شلال الدم الفلسطيني ضمير المثقفين في العالم، وها هي الجبهة الثقافية التي تدافع عن فلسطين تتشكل لينتصر الدم على السيف وتشرق الحرية على فلسطين من غياهب الظلمة الحالكة. فقبل أيام قليلة نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية بياناً مدفوع الأجر وقعه عدد كبير من المثقفين الاسرائيليين، من بينهم أهم كتّاب اسرائيل: عاموس عوز ويزهار سميلانسكي وأ ب يهوشواع وسامي ميخائيل، وطالبوا فيه بإنهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية على ما احتلته اسرائيل من أراض فلسطينية عام 1967 وضرورة اللجوء الى المفاوضات لانهاء أسس الصراع. وجاء ذلك رداً على بيان موقع من عدد كبير من المثقفين الفلسطينيين وعلى رأسهم ادوارد سعيد ومحمود درويش، طالبوا فيه المثقفين الاسرائيليين بتحديد موقفهم من مسلسل القتل الذي تديره حكومة شارون في الأرض الفلسطينيةالمحتلة. لعلّ الحدثين، رحلة مثقفي العالم الى فلسطين واقرار المثقفين الاسرائيليين بضرورة رحيل الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية، يشيران الى تحولات عميقة في السياق الثقافي - السياسي في شأن قضية فلسطين بعد 11 أيلول سبتمبر بعدما حاول شارون أن يسوّق في العالم خطته لاقتلاع "الإرهاب الفلسطيني!" جاهداً عبر أشهر ستة في أن ينتزع من الفلسطينيين لا مجرد الاستسلام بل شرعية مقاومة الاحتلال والرغبة في التحرر. لكن شلال الدم الفلسطيني، والمقاومة الباسلة للآلة العسكرية الشارونية الغاشمة، انتصرا على خطة شارون وجعلا الضمير الثقافي العالمي، على الأقل، يستجيب نداء كتّاب فلسطين ومثقفيها للتضامن مع الشعب الذي يتعرض لأقسى أنواع القهر والحصار والإبادة الجماعية على يد نظام الأبارتهايد الأخير في العالم.