الحكايات التي تحيّرت فيها ألباب الباحثين من الأدباء الأوروبيين والعرب، تغلب عليها سمة الهزل والإضحاك لتهذيب النفوس الشريرة وجعلها نفوساً خيّرة. وقد حظيت المرأة بحصة الأسد بين جميع حكايات هذه الليالي حيث كانت الثقة خفيفة بالنساء عامة مما لا يدع مجالاً للشك بأن كل مصيبة تحدث لأي انسان كان ملكاً أم من العامة، فلا بد أن يكون سببها امرأة. أما نحن فنقول لولا النساء لما كان الرجال ولولا الحب لما وجد الشعر ولا الشعراء. تتحدث حكاية "ألف ليلة وليلة" عن ملك الملوك وولديه وبكرهما شهريار الذي توّجه أبوه ملكاً والذي رفض إلا أن يقتسم الملك مع أخيه شاه زمان. ومرت السنوات فاشتاق شهريار لرؤية أخيه شاه زمان الذي توجه لزيارة أخيه ولم يعلم انه سيغرق في بحر همّه لخيانة زوجته الملكة له مع قائد حرسه، فاضطر لقتلهما لغسل عاره وليطفئ حقد ناره. واستقبل شهريار أخاه بالعناق ولاحظ الهم على وجهه. فاقترح عليه رحلة صيد ولكن شاه زمان اعتذر وفضل البقاء في رحاب قصر أخيه الذي رأى فيه ويا لهول ما رأى، زوجة أخيه السلطان وجواريها مع العبيد والخدم يتطارحون الغرام بلا تستر ولا احتشام. ولما عاد شهريار من رحلة صيده روى شاه زمان لأخيه الملك القصة وفي قلبه ألف غصّة. وانتفض شهريار من الغضب وثار كعاصفة اللهب، وتظاهر الملكان من جديد أنهما في رحلة صيد، وعادا الى القصر متسللين حتى رأى شهريار زوجته الوفيّة تمارس هوايتها الدنيئة، وهكذا أمر جنده بالانتقام، ورفع شهريار يديه الى السماء قائلا: رباه ولا اعتراض على حكمك يا رب العالمين. وتمنى وأخوه الملك أن يكونا من الفقراء والمساكين لا من الأمراء والسلاطين. وقرر شهريار العودة الى الحكم شرط أن يتزوج كل ليلة بعذراء ويقتلها في الصباح. وهكذا هربت أكثر عذارى المملكة حتى ظهرت شهرزاد بنت الوزير الأكبر وشاهدت والدها الوزير مهموماً فقالت له: "قل لمن يحمل هماً ان هماً لا يدوم مثل ما يفني السرور هكذا تفني الهموم". وألحّت شهرزاد على والدها أن يزوجها من الملك شهريار قائلة: اما أن أعيش فأنجو بنفسي أو أكون فداء لبنات جنسي. وأدمن السلطان على حكاية شهرزاد التي كانت له كالدواء حيث زرعت فيه الخير والتسامح ليعود الملك الكبير يركع ويصلي لربه كي يغفر له. وعمّ الخير الرعية بعودة شهريار الى شعبه انساناً خيراً وعادلاً، وأمر السلطان شهريار بفتح أبواب قصره لاستقبال شعبه وعمّ الفرح القصر والشعب.