في ظل الانفتاح الاجتماعي الذي تعيشه المجتمعات العربية تغير الكثير من العادات والمفاهيم والممارسات في حياتنا. فبعد ان كانت العلاقة بين الشاب والفتاة مرفوضة بشتى أنواعها، أصبح أمراً عادياً ومألوفاً ان نرى الشباب ينتقلون من علاقة الى أخرى. وأصبحت كلمة "أحبك" من أسهل الكلام، وليس اسهل منها الا التنصل منها بحجة عدم القدرة على الزواج للأسباب الاقتصادية والاجتماعية المعروفة. والخطير في موضوع استسهال العلاقات العاطفية وتعددها ما يلجأ اليه بعض الشباب في التباهي أمام أصدقائه وأقاربه بحب الفتيات له ليثبت نفسه محبوباً و"دون جواناً". لماذا يتباهى الشاب بتعداد علاقاته العاطفية؟ هل هي محاولة لإثبات الذات؟ أم أنها عادة تبدأ في سن المراهقة وتبقى ملتصقة بالشاب الى ما بعد المراهقة؟ تقول لينا ابراهيم 21 عاماً/ طالبة أدب عربي: "هناك خطأ في تربية الشاب الشرقي، فالمجتمع يغفر للشاب ذنوبه بل لا يعتبرها ذنوباً وانما هي حقوق مشروعة، الشاب يجب ان يتصرف كما يحلو له، أن يخرج من منزله متى يشاء ويعود في ساعة متأخرة من الليل ولا أحد يسأله أين أمضى أوقاته، وهذا الأمر نجده حتى داخل العائلات المحافظة، مثلاً حين تتصل صديقة أحد شبان العائلة نجد الأم تتسع ضحكتها كما يقال الى خلف أذنيها متباهية بابنها ومعجباته أمام الجارات والأقارب، والأب يغض النظر عن الموضوع وكأن شيئاً لم يحدث. ومن هنا يصبح الشاب مستهتراً يتصرف بتهور و"ينوّع" في علاقاته ويتباهى بها لأنه في النهاية لن يحاسبه أحد على أخطائه". أما رامي علي 24 عاماً - طالب في كلية الطب فيفاخر بأنه ينوع في علاقاته العاطفية لأنه يمل بسرعة ولا يحب العلاقات المستمرة. لكنه يستدرك: "قليلات هن اللواتي كذبت عليهن بأن حبي لهن أبدي وسأكلله بالزواج، لأنني لن أتزوج قبل أن أؤمن مستقبلي، فأنا بعد أكثر من تجربة أصبحت صريحاً مع الفتيات، فمنذ بداية العلاقة أقول لها إنك حبيبة فقط وليس عندي أكثر من ذلك، وهي تتصرف كما يحلو لها. فليس الذنب ذنبي إذاً إذا تركتها وصادقت غيرها بعد مدة قصيرة لأني كنت صريحاً منذ البداية ولم أقدم لها أي وعود، ومن حقي أن أتباهى أمام أصدقائي بالفتيات اللواتي أعجبن بي لأنه ليس من السهل أن يوقع الشاب الفتيات بحبه من خلال أول لقاء أو لقاءين". وتعتبر حنان محمد 25 عاماً - موظفة ان "تعدد العلاقات العاطفية في حياة الشاب دليل على نقص كبير في شخصيته يحاول تعويضه من خلال التباهي بأنه محبوب ومرغوب من الجنس اللطيف، لكنني شخصياً ألوم الفتاة قبل الشاب على مثل هذه العلاقات الفاشلة لأنها هي التي تستطيع تحديد نوع العلاقة منذ البداية، فنحن لم نعد نعيش في مجتمع منغلق لتكون الفتاة ساذجة وبلهاء تسمح للشاب بأن يتسلى بها فترة ريثما يجد غيرها ومن ثم يبدأ بإثارة الأقاويل حول علاقته بها مشوهاً سمعتها أمام الناس". أحمد أسعد 26 عاماً - مهندس: "رأيي مختلف عن رأي رامي علي، فهو يعتبر أن الشاب الذي يتباهى بتعداد علاقاته العاطفية هو شخصية سخيفة وسطحية. فأنا لا أختار أصدقائي من هذا النوع لأنه بمجرد أن يكون فلان صديقي، وبهذه العقلية المتخلفة فهذا يسيء لي شخصياً، لكن لماذا يقع دائماً اللوم والتهم على الشاب، فهناك الكثير من الفتيات اللواتي يوقعن الشباب بحبهن مع وعود بالإخلاص والحب الأبدي وبعد ذلك تنسحب الفتاة وكأنها حمل وديع وتبدأ لعبة جديدة مع شاب آخر. لكنني أعتقد أن من يتلاعب بمشاعر الآخرين، سواء كان شاباً أو فتاة، فهو بهذه الحالة انسان مجرد من الأحاسيس ولا يمت للإنسانية بصلة. وتقول منى حسن 22 عاماً - طالبة أدب انكليزي: "نحن نعيش في مجتمع مملوء بالتناقضات الاجتماعية نرى فيه الشبان يتحدثون بالعادات والتقاليد والدين ويفرضون آراءهم على أخواتهم وزوجاتهم بينما يسمحون لأنفسهم بارتكاب الأخطاء التي منها تعداد علاقتهم مع الفتيات. فالشاب يجلس مع حبيبته ويسمعها أروع الكلمات ويبني لها عالماً من الأحلام الكاذبة وبعد فترة ينتقل الى غيرها ويبدأ بعلاقة جديدة كالتي أنهاها، وأنا مقتنعة بأن الشاب الذي اعتاد على مثل هذا النوع من العلاقات سيستمر بها حتى بعد الزواج لأنه لم يتعلم الإخلاص منذ طفولته فهل سيتعلمه بعد الزواج؟ طبعاً لا، لأن من شب على شيء شاب عليه. وسيبقى مراهقاً طوال حياته، لكني أتساءل هل هذه هي حقاً عاداتنا وتقاليدنا التي تسمح للشاب بأن يدمر قلوب الفتيات ومن ثم يبدأ بالتفاخر بعدد ضحاياه. أما أنور اسماعيل 24 عاماً - مصور فيقول: "أنا بحسب طبيعة عملي لدي الكثير من العلاقات مع الفتيات، لكن هذا لا يعني أنه من حقي أن أتباهى بذلك أمام أقاربي وأصدقائي، فنحن يجب ان لا نشوه صورة الآخرين وبخاصة الفتيات لأن مجتمعنا لا يرحم الفتاة ان أخطأت خصوصاً أن هناك تمييزاً بين الفتاة والشاب في المجتمع الشرقي".