يحكى في ما مضى عن فلاح امتلك ثوراً قوياً جداً، وكان فخوراً جداً بثوره، ولطالما تبجح بقوته أمام أصحابه وأهل قريته. ذات يوم، قرر الفلاح أن يدخل في رهان مع رجال القرية ليثبت لهم قوة ثوره وقدرته على فعل ما لا يستطيع فعله أي ثور آخر، فذهب إلى مركز القرية حيث يتجمع الناس عادة، وأعلن للجميع بأن ثوره قادر على سحب مئة عربة، وإن أخفق في ذلك فسوف يدفع لهم ألف قطعة فضية. ضحك الرجال، ثم قالوا له سوف نُحْضِرُ غداً مئة عربة، ونلتقي هنا في مركز القرية لنرى ماذا ستفعل أنت وثورك. في صباح اليوم التالي، أخذ الفلاح ثَورهُ وتوجه الى حيث وضعت المئة عربة، فوجد حشداً كبيراً من الناس تجمعوا لمشاهدة الثور القوي وكيف انه سيجر هذا العدد المهول من العربات. أخذ الفلاح ثوره وربطه في المقدمة وطلب منه البدء بسحبها، لكن الثور لم يتحرك وبقي متسمّراً في مكانه. كرر الفلاح طلبه من الثور مرة أخرى لكن الثور لم يستجب. شعر الفلاح بالحرج، وأخذ الدم يغلي في عروقه، وبدأ يصرخ ويعنف الثور: - قم أيها المتحجر، تحرك أيها الحيوان الغبي ... تألم الثور من فِعلة صاحبه وهو الذي لم يعتد على سماع الشتائم والإهانات، فقرر ألا يتحرك من مكانه مطلقاً. أخذ الفلاح يضرب الثور بالسوط كي يجبره على الحراك، لكن لا السوط، ولا الشتائم جعلته يتحرك ولو خطوة واحدة. عاد الفلاح بعد ذلك إلى منزله خاسراً وحزيناً بعدما دفع لرجال القرية ألف قطعة فضية، ورمى بنفسه على الفراش وراح يبكي بحرقة وهو يسأل نفسه: - لماذا خذلني ثوري هكذا وأنا أعلم كم هو قوي؟ لماذا سبّب لي كل هذه الخسارة والإحراج مع أهل قريتي وأنا الذي أتفاخر دائماً بقوته؟ سمع الثور بكاء صاحبه فاقترب منه وسأله: - لماذا شتمتني وضربتني بالسوط وأنت لم يسبق لك أن فعلتها معي؟ أدرك الفلاح ساعتها الخطأ الذي ارتكبه وعرف الرد على تساؤلاته، ثم طلب من ثوره أن يسامحه على فعلته تلك. اقترب الثور من الفلاح بتودد وقال له: خذني غداً إلى القرية وسوف أُريك ماذا سأفعل كي أعيد لك القطع الفضية التي خسرتها وأعيد لي ولك المكانة التي نستحقها. في صباح اليوم التالي، أطعم الفلاح ثوره جيداً ونظّفه وعلّق في رقبته طوقاً من الورود ثم اصطحبه إلى مركز القرية حيث العربات ما زالت هناك، وعند وصولهما أخذ الجميع يضحك ويهزأ من الفلاح وثوره. وقف الفلاح بكل فخر وثقة وقال: - سوف أعطيكم 2000 قطعة فضية إذا فشل ثوري اليوم بسحب المئة عربة. أما إذا نجح سوف تعطونني أنتم ألفي قطعة فضية. وافق الجميع على هذا الرهان وتجمّعوا ليروا ماذا سيحصل، وهم ما زالوا يضحكون ويهزأون من الثور وصاحبه. ربط الفلاح ثوره بالعربة التي في المقدمة، وطلب منه وبكل لطف أن يجر العربات قائلاً له: - يا صديقي العزيز، أنت أيها الرائع، هيا أَرِهِمْ كم أنت قوي وشجاع. ثم ربت على ظهره ومسح على رأسه بكل حب ولطف. وفي الحين، قام الثور وبدأ يسحب بكل قوته فبدأت العربات تتحرك. مشى الثور عدة خطوات جاراً العربات خلفه بكل يسر، صفق الجميع وصاروا يصرخون: - كم هو قوي، إنه أقوى ثور في القرية. عاد الفلاح إلى داره سعيداً بثورهِ وبالقطع الفضية التي كسبها. والأهم من كل ذلك، انه أدرك أن بالعطف والحب والاحترام يستطيع أن يحقق ما لا يحققه بالعنف والتخويف والإرهاب. قصة قصيرة للأطفال من الأدب الانكلوساكسوني إعداد وترجمة: نبراس الخزاعي