تسعى الحكومة المصرية إلى استثمار الميزات النسبية وتعظيم القدرة السياحية لمنطقة رشيد، في محافظة البحيرة التي تعد ثاني أكبر مخزن للآثار الاسلامية بعد القاهرة، فضلاً عن اهميتها التاريخية والثقافية فهي المدينة التي شهدت فك رموز اللغة الهيروغليفية بعد اكتشاف حجر رشيد اثناء الحملة الفرنسية على مصر. أكد محافظ البحيرة الدكتور احمد الليثي في "مؤتمر تنمية مدينة رشيد سياحياً" الذي عقد تحت رعاية "الهيئة المصرية للتنمية السياحية" أخيراً ان المحافظة ستنتهي من استكمال اعمال البنية التحتية للمدينة في 30 حزيران يونيو المقبل، وستستفيد من وجود الطريق الدولي السريع الذي يربط الاسكندرية برشيد. واضاف ان خطة المحافظة تستهدف الحفاظ على طبيعة المنطقة ووضعها على خريطة التنمية السياحية المستدامة والاستفادة من الموارد المحلية والعمل على تكامل التشريعات الخاصة بخطط التنمية مع البيئة المحلية. وتتميز رشيد بمقومات طبيعية وحضارية كصيد الاسماك وانتشار الخيل، ويحتوي ساحل رشيد على الرمال الصفراء والجمال الطبيعي للشواطئ البكر الى جانب الكثبان الرملية بصحراء البوصيلي التي تنتشر فيها زراعات النخيل وصناعة اليخوت وصيد الأسماك. وتقع المدينة على الضفة الغربية لفرع نهر رشيد الذي تحمل اسمه، عند مصب النيل على البحر المتوسط بمسافة 65 كيلومتراً تقريباً من شمال شرقي الاسكندرية. وكان لموقعها الفريد أهمية استراتيجية كبيرة منذ أقدم العصور، إذ شُيد فيها معبد كبير للإله "آمون" من الدولة الحديثة واطلق عليها في العصر البطلمي "بولبتين" كما اطلق على فرع النيل الذي تشرف عليه رشيد اسم الفرع "البولبتيني". وعندما فتح عمرو بن العاص مصر عام 641، كانت رشيد معروفة بذلك الاسم، إلا أنها لم تكن ذات أهمية بين موانئ مصر، بل كانت تعاني حينذاك من كساد تجاري كبير استمر مئات السنين بسبب بناء مدينة الاسكندرية سنة 331 قبل الميلاد. لكن، وبعد بناء القاهرة عام 969 ميلادية، ضعف المركز التجاري للاسكندرية واصبحت لرشيد أهمية كبرى في هذا الميدان، ما كان له أكبر الأثر في نموها وازدهارها من جديد. وازدادت العناية برشيد منذ القرن الثاني عشر الميلادي، وكثر قدوم الحكام اليها ليتفقدوا تحصيناتها بأنفسهم. وانشأ فيها السلطان قايتباي سنة 1472م قلعة كبيرة عرفت باسمه، وبنى حولها سوراً لحمايتها، كما قام السلطان الغوري بعد ذلك سنة 1516 بتأسيس سور للمدينة على شاطئ البحر، وأقام ابراجاً عدة لحمايتها. وكان لاكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح في القرن الخامس عشر أكبر الأثر في اضمحلال رشيد بعد تحول التجارة عنها الى جنوب افريقيا. ونالت رشيد شهرة كبيرة ايام الحملة الفرنسية على مصر، بعد العثور على حجر رشيد داخل قلعة قايتباي، ثم بدأت في التدهور مرة أخرى بعد حفر ترعة المحمودية عام 1819 وتحول الملاحة الى الاسكندرية. وتضم رشيد آثاراً إسلامية ومنازل ووكالات واسطبلات وأسبلة وصهاريج، ومساجد، وقامت الهيئة المصرية للآثار بترميم جانب منها وتجري حالياً عمليات الترميم للبعض الآخر. ومن المنازل التي تم ترميمها "منزل عرب كلي" الذي يعد من أشهر منازل رشيد وأكبرها، وعرف باسم "منشأة عرب كلي" الذي كان محافظاً لرشيد في ذلك الوقت، و"منزل عثمان أغا الأمعيلي" و"منزل حسيبة غزال" و"المناديلي". وتجري حالياً عمليات ترميم منازل "عصفور" و"منزل مكي" و"التوقاتلي" و"فرحات" و"البرقولي". وثمة آثار أخرى تم ترميمها، منها طاحونة ابو شاهين وحمام عزوز وغيرها من الآثار الاسلامية.