الفيوم منطقة ذات طبيعة جذابة تتميز بالهدوء لدى الكثير من السياح، وفيها العناصر الاساسية للجذب السياحي مثل المساحات الخضراء الشاسعة الى جانب صحراء مترامية الأطراف ومعالم أثرية عبر العصور المختلفة وشواطئ ممتدة على بحيرة قارون. وتقع محافظة الفيومجنوب غربي القاهرة الكبرى بنحو 90 كم إلى الغرب مباشرة من بني سويف وتدخل أراضيها نطاق مصر الوسطى. ولمحافظة الفيوم تاريخ ضارب في القدم اذ عثر فيها على بقايا تؤكد ان إنسان العصر الحجري القديم الأسفل عاش فيها على شاطئ بحيرة "موريس". وشهدت ربوعها حضارة قديمة، إذ استُخدم الفأس الحجري والمكشاط، وفي العصر الحجري القديم الأوسط ، منذ 50 ألف سنة الى 20 ألف سنة ق. م عاش الانسان على مدرجات المنخفض بعد هبوط مستوى مياه البحيرة القديمة. ومع استمرار انخفاض مياه البحيرة ساد المناخ الصحراوي الأمر الذي أجبر سكان المنطقة على الانتقال الى وادي النيل. وشهدت الفيوم حضارة سميت باسمها اي "حضارة الفيوم الأولى"، واستخدم السكان الفؤوس الحجرية المصقولة والسهام والحراب المستديرة. وفي عصر ما قبل الأسرات 4500 - 3400 ق. م قامت حضارة الفيوم الثانية، وعاش الصيادون عند "اللاهون" وحول البحيرة، واحترفوا الصيد والرعي والزراعة. وكانت الفيوم، إحدى مقاطعات مصر، تتصل بالوادي فقام الملك مينا ببناء سد ترابي أمام فتحة اللاهون فوق القاع الحجري لبحر يوسف الذي عمقته مياه النيل الى منسوب 17 متراً. وفي عهد الدولة الوسطى اهتم الملوك بمشاريع الري واستصلاح الأراضي، ويعتقد ان امنمحات الأول هو الذي بدأ عملية استصلاح الاراضي في موضع مدينة الفيوم فأقام السدود للتحكم في دخول المياه الى البحيرة. وفي العصر البطلمي تشبّه البطالمة بملوك مصر القديمة وأقاموا المزارع والضياع وأشجار الزيتون. وفي العصر اليوناني عمل بطليموس الثاني على إصلاح الاراضي الزراعية وكلف المهندسين الاغريق تجفيف مياه بحيرة "موريس"، لتقوم مكانها قرى عدة مثل ديمية السباع وكوم أوشيم وسنورس وترسا وبطن اهريت وقصر قارون. ودخلت المسيحية الفيوم أواخر القرن الأول الميلادي ولقي المسيحيون كثيراً من الاضطهاد على أيدي الحكام الرومانيين فلجأ كثير منهم إلى حياة الرهبنة في الأديرة في كل من "سيلا وسنورس وديسيا والحمام" طوال العصر القبطي. أما في العصر الاسلامي فسادت الطمأنينة بين السكان ووصلت القبائل العربية الى اقليم الفيوم واختلطت بأهلها ما أدى إلى انتشار اللغة العربية والدين الاسلامي وساد الأمن الاقليم وازدهرت الزراعة. وكان لسكان الفيوم دور فاعل في حياة مصر السياسية الحديثة، ففي اثناء الحملة الفرنسية على مصر قام عرب الفيوم بالاشتباك مع القائد الفرنسي ديزيه لمدة 6 أيام من 2 الى 7 تشرين الاول اكتوبر عام 1799م وقتلوا عدداً من الفرنسيين. وفي 8 تشرين الثاني نوفمبر هاجم شعب الفيوم معسكرات الفرنسيين وانتصر عليهم في موقعة الفيوم الشهيرة، كما اشترك السكان مع سعد زغلول في ثورة 1919 بقيادة حمد الباسل الذي نفي معه الى جزر سيشيل. وتعتبر الفيوم من أقدم المحافظات المصرية وتحتفظ بآثار تمثل العصور المختلفة، وهي أشبه بسجل يتضمن جزءاً مهماً من حضارة مصر من العصور الفرعونية واليونانية والقبطية والاسلامية. وبين الآثار المصرية القديمة التي تضمها منطقة "جرزة" في الصحراء، على امتداد الشاطئ الجنوبي لبحيرة قارون، حيث عثر فيها على جبانة تمثل الطور الأخير لحضارة ما قبل الأسرات. ومنطقة طرخان على بعد أميال قليلة من المنطقة الصحراوية السابقة، وعثر فيها على جبانة للاسرتين الاولى والثانية ومصطبة كبيرة من الاسرة الاولى لها واجهة من اللبن ومقابر صغيرة من عصر الاسرة الاولى. وهناك ايضاً هرم سيلا ويقع على الحافة الشرقية للفيوم، وهو يختلف عن الاهرامات التقليدية اذ بني فوق مرتفع صحراوي له شكل مدرج ويرجع الى الاسرة الثالثة. أما منطقة أبجيج فتقع على بُعد ثلاثة كلم جنوب غربي الفيوم وعثر فيها على بقايا مسلة لسنوسرت الأول ارتفاعها الأصلي 5،12 متر. وهناك ايضاً هرم اللاهون الذي بناه سنوسرت الثاني ويتميز بأن نواته كلها عبارة عن كتلة من الصخر وان أكثر أجزاء الهرم مبنية من اللبن، وكساءه الخارجي من الحجر الجيري غير السميك ويبلغ ارتفاعه 48 متراً. أما جبانة اللاهون فتقع على مقربة من هرم اللاهون، وهي جبانة كبيرة تضم مقبرة مهندس الهرم "إنبي" وفي الجنوب تسع مصاطب. وكانت مقابر لأفراد العائلة المالكة من بينها مقبرة "سات حتحور أيونت". وبين الآثار التي تضمها الفيوم ايضاً مدينة عمال اللاهون وتقع حول هرم سنوسرت الثاني وترجع أهميتها الى كونها أقدم المواقع المصرية الواضحة المعالم، ومقبرة "مكت" في قرية "كاهون" وتخص شخصاً يدعى مكت من الاسرة الثانية عشرة، وآثار هوارة وتقع على بُعد تسعة كم جنوب شرقي الفيوم وتضم آثاراً مهمة هي هرم "امنمحات الثالث"، ومعبد "اللا بيرنت" ومقبرة نفر وبتاح وجبانة صخرية من العصر المتأخر وتضم داخلها التماسيح. وهناك ايضاً آثار بهمو وتقع على مسافة 70 كم شمال مدينة الفيوم وبها أطلال قاعدتين ضخمتين من الحجر الجيري كان فوقهما تمثال جالس من الكوارتز لامنحمات الثالث، ومدينة ماضي وتقع على مسافة 35 كم جنوب غربي الفيوم وتأسست في عصر الاسرة الثانية عشرة واستمرت حتى نهاية القرن الرابع الميلادي، وبها المعبد الوحيد الكامل من أيام الدولة الوسطى وهو معبد مدينة ماضي من الحجر الجيري، وكانت المنطقة مصدر كثير من الشقافات والبرديات اليونانية وكثير من التماثيل واللوحات من أيام الدولة الوسطى والحديثة. وهناك معبد قصر الصاغة الواقع على بُعد ثمانية كم شمال بحيرة قارون والمبني على الحجر الجيري والرملي وهو بحال جيدة، وآثار كميان فارس وتقع الى شمال مدينة الفيوم وتنتشر فوق مساحة 200 فدان وتعد أطلالها من أوسع ما عرف من بقايا المدن المصرية القديمة. أما مدينة غراب وتقع أقصى جنوب مدخل مدينة الفيوم في مواجهة اللاهون وأسسها تحتمس الثالث حيث عثر على معبد مساحته 240x220م كما بها آثار مهمة لاخناتون وتوت عنخ آمون وبعض الآثار من عهد رمسيس الثاني. الآثار اليونانية والرومانية وتقع هذه الآثار في مناطق عدة أبرزها منطقة كرانيس كوم أوشيم عند مدخل محافظة الفيوم جهة الشرق على طريق القاهرة - الفيوم، ويرجع تاريخ هذه المدينة إلى القرن الثالث قبل الميلاد. ومنطقة ديميه السباع وتقع عند شاطىء بحيرة قارون الشمالي على بُعد تسعة كم جنوب غربي معبد قصر الصاغة وتضم معبداً من العصر البطلمي وبقايا منازل وأسوار المدينة القديمة. ومنطقة بطن أهريت وهي قرية في شمال غربي الفيومجنوب غربي قصر قارون تقع على مسافة ثمانية كم غرب قصر البنات وانشئت في العصر البطلمي وعثر فيها على نقوش وبرديات ونعش خشبي. ومعبد قصر قارون الذي يقع الى أقصى الغرب من منخفض الفيوم، بالقرب من الطرف الجنوبي لبحيرة قارون، وهو من الحجر الجيري ويرجع الى العصر اليوناني الروماني ويحتفظ بكامل تفاصيله. الآثار القبطية وتضم أديرة عدة أبرزها دير الملاك غبريال جبريل في جبل النقلون ويضم بالاضافة الى الدير اطلال دير البنات ودير الغنام الذي يحتوي على ضريح الشيخ الغنام في الجهة الجنوبيةالشرقية منه. ودير ابي اسحق المعروف باسم دير الحمام ودير العزب أو دير "دموشيه" ودير سنورس ودير ابو الليف ودير الحامول ودير الشهيد تاضروس ودير ابي السيفين في مدينة "فيديمن". أما الآثار الاسلامية فتشمل جامع فوند أصلباي انشأته السيدة فوند اصلباي زوجة السلطان قايتباي 903ه ويحتوي على نقوش منقولة أصلية كالمنبر ودكة المقرىء والباب، ومسجد وقبة الشيخ علي الروبي بالقرب من الجامع السابق وشيده السلطان برقوق سنة 793 ه للشيخ علي الروبي، والجامع المعلق وتطل الواجهة الرئيسية لهذا الجامع على أكبر شوارع مدينة الفيوم التي يخترقها من الجنوب الى الشمال في شرق المدينة، وشيده الأمير سليمان بن حاتم بن قصروه كاشف حاكم البهنساوية سنة 1565، ويعرف بالجامع المعلق لارتفاعه عن سطح الارض فوق خمسة حوانيت. ويقول محافظ الفيوم اللواء محمد حسن طنطاوي إن المحافظة تولي عناية لموضوع حماية الآثار من التلوث البيئي المتمثل في عوادم السيارات وحركتها وما تحدثه من اهتزازات وذبذبات عالية تؤثر في الاساسات، فضلاً عن خطورة الغازات والمبيدات التي ترش بها المزروعات لاحتوائها على غاز أكسيد الكربون. ويضيف ان هناك اتجاهاً عاماً للاهتمام بترميم الآثار المعمارية القائمة. ويشير الى واقع الفيوم كمنطقة ذات طبيعة جذابة تتميز بالهدوء وتضم الكثير من العناصر الايجابية مثل المساحات الخضراء والصحراء والشواطئ الساحرة لبحيرة قارون كما ترتبط المحافظة بالقاهرة وبقية المحافظات بشبكة جديدة من الطرق. ويذكر ان هناك خطة لإنشاء متحف قومي للفيوم لعرض التحف التي اكتشفت في الاقليم مع الاهتمام بمحاولة استعادة التحف والبرديات والوثائق التاريخية التي نقلت من المحافظة الى خارجها، وسيكون المتحف مزاراً سياحياً ومعهداً علمياً للطلاب والدارسين وعامل جذب لزوار الفيوم.