قدم سعيد صالح خلال مشواره الفني الكثير من الأعمال الناجحة سواء في المسرح أو في السينما، وإن كان ابتعد عن التلفزيون بمحض إرادته من منطلق أن العمل فيه لا بد أن يكون بحساب وعلى فترات متباعدة. وهو يؤكد أنه لم يعد في حاجة إلى تقديم أعمال غير جيدة ولا ترضيه، كما حدث في فترة من فترات حياته الفنية، ولا يزال يحلم بامتلاك مؤسسة إنتاجية فنية كبيرة، وينصح بالضحك والاستماع الى الموسيقى التي يعشقها منذ صغره ما جعله يتجه أخيراً إلى التلحين والغناء. ويلوم المنتجين على الاستسهال واختيار مواضيع رديئة هي السبب الأول في انصراف الجمهور المصري والعربي عن المسرح. حول السينما والمسرح والجيل الجديد والكوميديا واتجاهه إلى التلحين وأشياء أخرى تحدث سعيد صالح ل"الحياة": تشارك صديقك الفنان عادل إمام في فيلم "أمير الظلام" ماذا عن دورك؟ - ضيف شرف مع عادل إمام في الفيلم الذي أخرجه رامي إمام في أول تجربة سينمائية له. على رغم الزحمة المسرحية على الساحة، إلا أن الجميع يعاني قلة الإيرادات وانصراف الجمهور، ما السبب؟ - رداءة الأعمال الموجودة واستسهال المنتجين. وصدقني لو أن هناك موضوعاً جيداً ورواية محبوكة ومصنوعة في شكل جيد لأقبل الجمهور على المسرح. وارتفاع أسعار التذاكر؟ - معك حق، ولا بد من أن تعود الأسعار الى ما كانت عليه قبل حرب الخليج 1991 لتتناسب مع المواطن المصري والعربي على السواء، وطالما أن هناك مسرحاً رديئاً وأسعاراً مرتفعة فما الداعي لأن يذهب الجمهور إلى المسرح؟ ما الفرق بين الفن قديماً وحالياً؟ - القديم هو الفن الجميل، ولا نقول انه زمن الفن الجميل، وإنما زمن الحياة الجميلة. فالتعاملات كانت جيدة بدرجة كبيرة. لكن السعي وراء لقمة العيش والصراع الرهيب عليها جعل الناس حالياً يتربصون ببعضهم بعضاً. الفن شبه الحياة، وهي الآن رديئة وتسيطر على البشر المآسي الاقتصادية والسياسية "شايفين شعب فلسطين وهو يمزق ويقطع يومياً... فكيف يأتي الإبداع؟". وما رأيك في الجيل الجديد؟ - المسرح الذي قدمناه قديماًَ يمكن للمشاهد أن يراه بعد عشرين عاماً وأكثر، مثل "هاللو شلبي" و"مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت" و"شاهد ما شفش حاجة" وغيرها وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأغنية، والجيل الحالي ليس له بصمة وهو يشبه المسرح والأغنية والسينما، وهو مثل سندويتشات الهامبرغر تنتهي بمجرد إلتهامها. والكوميديا التي يتصارع عليها الجميع؟ - وهل ما يُقدم يمت إلى الكوميديا بصلة؟ ليتهم يقدمون كوميديا حقيقية، الكوميديا أساسها الموضوع وليس الممثل الذي يعد منفذاً فقط للحكاية. هل تتفق معي في أن ندرة مؤلفي الكوميديا قد تكون أحد الأسباب؟ - من الممكن ايجاد كتّاب جدد، وعلى المنتجين أن يبحثوا عن هؤلاء الكتاب ويساعدوهم لا أن يستسهلوا كما هو حاصل حالياً. ودليلي على وجود كتّاب جدد متميزين أنني قدمت روايتين ناجحتين للغاية هما "حلو الكلام" و"كعبلون" مع مؤلف جديد هو محمد شرشر الذي يقوم حالياً بتحضير مسرحية جديدة عنوانها "مفيش خالص.. بح" وستكون عودة إلى المسرح الجميل الذي تجلس وتستمع إليه بعقلك وتفكر وتعيش وتحب وتستمتع عبره. ذكرت أنك متفائل بالنسبة إلى السينما، هل ما يحدث الآن هو ما كنت تقصده؟ - نسبة الأفلام لم تصل إلى العدد الذي نحلم به الذي كان موجوداً في فترات سابقة، ولكن لديّ تفاؤلاً بأن السينما ستعود إلى سابق عهدها، ومرجع تفاؤلي دخول دماء جديدة سواء في التأليف أو التمثيل أو الاخراج أو بقية العناصر الفنية إلى جانب الآلات التكنولوجية المتطورة. وما رأيك في الهجوم الذي تتعرض له حالياً "الشركة العربية"؟ - أهلاً بأي شركة تساهم في زيادة نسبة عدد الأفلام. نحن في حاجة إلى شركات كثيرة، وأدعو الله أن توجد شركة أخرى تنافس الشركة العربية. بماذا تنصح فناني الجيل الجديد؟ - أن يتجمعوا معاً في أعمال فنية ويفعلوا مثل الأجيال السابقة لهم ويحرصوا على تقديم أشياء جديدة تبقى وتعيش مع مرور الزمن. هل اخترت الخط الكوميدي منذ بداية اتجاهك إلى الفن أم جاء مصادفة؟ - لا يوجد شيء بالمصادفة، توجد إرادة وتخطيط وعلم ومعرفة. اكتشفت أنني "باضحّك" وأنا تلميذ في مسرح المدرسة الأمر الذي دفعني إلى إكمال المسيرة الكوميدية. هل يمكننا تصنيف مشوارك الفني في محطات؟ - المشوار سلسلة كاملة متصلة، بنيته طوبة فوق أخرى، وكل واحدة ولها ضرورة، قد يتوقف البناء فترة ويكون هذا لإعادة الحسابات أو التحضير لشيء جديد أو إجراء بروفات وهكذا، وقد يتوقف البناء تماماً قبل أن يموت صاحبه، وقد يتوقف بموته، وكل شيء مرهون بالشخص نفسه. ما أقرب أعمالك إلى قلبك؟ - كل الأعمال التي قدمتها إلى المسرح أحبها لأنني بذلت فيها مجهوداً كبيراً إلى جانب بعض الأفلام التي كان فيها جزءٌ كبير من الإبداع بفضل مواضيعها الهادفة والانتاج الجيد الذي رصد لها. سيؤديها غيرك تقول بعض الأفلام إذاً هناك أفلام غير راضٍ عنها؟ - نعم. والسبب؟ - قدمت عدداً من الأفلام غير الجيدة لأن هناك أفلاماً تعرض عليك اذا لم تقدمها فسيؤديها غيرك، ثم إنني كنت أقدمها لأصرف على المسرح "بدل ما اسرق أو أتاجر في المخدرات"، والفيلم ليس مسؤولية الممثل بمفرده لأن هناك غرفةَ صناعة سينما ورقابة ومخرجاً ومؤلفاً وأشياء أخرى، الممثل ليس سبب نجاح الفيلم أو سقوطه لأنه يأتي آخر شيء. بمن تأثرت في بداية مشوارك الفني؟ - بكل البشر الذين كانت لهم صلة بالسينما والمسرح، كل من قرأت عنهم ورأيتهم أضافوا إليّ سطراً أو جملة في تكويني، ومنهم نجيب الريحاني وعلي الكسار واسماعيل ياسين وعبدالمنعم ابراهيم. قمتَ بإنتاج مسرحيتي "كعبلون" و"حلو الكلام" ثم توقفتَ عن الانتاج بعدهما... ما السبب؟ - لأن الانتاج مكلف جداً، ويمكنك أن تنتج عشرة أفلام، ولا تنتج مسرحية واحدة. ما الذي كنت تحلم به خلال مسيرتك الفنية... ولم يتحقق؟ - أن يكون لي مسرحي الخاص، كنت أحلم بتكوين مؤسسة إنتاج فني يتخرج منها مؤلفون وممثلون ومخرجون وجمهور، لديّ الشركة، لكن ليس لديّ المبنى. وهل ندمت على شيء؟ - لم أندم على أي شيء خلال مشواري مع الفن. من تعتبره من الجيل الحالي امتداداً لك أو لعادل إمام ويونس شلبي وغيركم؟ - لا يوجد أحد يأخذ مكان آخر، عادل غير سعيد غير يونس غير أشرف عبدالباقي غير علاء ولي الدين، كل واحد له طعم، والشعب هو المستفيد من هذا التنوع، وإن وجدت فناناً يشبه آخر في صورة طبق الأصل فإنه ينتهي بسرعة. ماذا عن اتجاهك إلى التلحين والغناء؟ - منذ زمن بعيد وأنا أحب الموسيقى والغناء، وأنا أهوى التلحين في الأساس، وسأطرح ألحاني وأغنياتي في ألبومات عدة قريباً. وماذا يضحكك؟ - أضحك بسهولة، أي شيء يضحكني "أتلكك علشان أضحك" الضحك من وجهة نظري هو سر النضارة، والوجود، وهو علاج إلى جانب الموسيقى أنصح به الناس ونفسي فإنني "كل ما اتعكنن، واتفرج على ضحك أعود في منتهى السعادة". ومن يضحكك؟ - عادل إمام ويونس شلبي ومحمد هنيدي واشرف عبدالباقي وعلاء ولي الدين. هؤلاء "يموّتوني" من الضحك، وهناك أناس ليس لهم علاقة بالتمثيل يضحكونني جداً. هل أنت من أنصار الشللية في الوسط الفني؟ - أتمنى أن توجد شللية فنية، ويكون هناك مجموعة تحب بعضها وتقدم شيئاً جيداً. ما أسس اختيارك العمل الفني؟ - أن يكون العمل جيداً في الأساس... ودوري فيه أيضاً، ومن الممكن أن يُعرض عليّ دورٌ جيد في فيلم أو مسرحية غير جيدة فأرفضه لأنني لم أعد مرغماً على تقديم أشياء رديئة أو سيئة، قديماًَ كانت هناك ظروفٌ تدفعني إلى القبول، أما الآن فلا توجد وبالتالي أرفض. تبدو مقصراً في أعمالك التلفزيونية؟ - لا بد أن أكون مقصراً... وأي ممثل ناجح ويحترم نفسه لا بد أن يبتعد عن مفرمة التلفزيون، ولا تقترب منه إلا كل عامين أو أكثر في عمل واحد، ولكن أن تظهر في التلفزيون باستمرار ويراك الجمهور "ببلاش" ومن دون جهد أو تركيز ستكون ممثلاً جيداً، ولكن ستبتعد عن المسرح والسينما، وأعتبر يحيى الفخراني من أروع النجوم ووجوده المستمر في التلفزيون جعل حظوظه قليلة جداً في المسرح والسينما. ماذا يقلقك على الصعيد الفني؟ - الحياة الاقتصادية التي تؤثر على الحياة العامة في صورة كبيرة. ما ردك على الاتهام الموجه إليك بأنك السبب في العثرات التي تعرضت إليها؟ - لا توجد عثرات، حياتي طبيعية جداً وكون أشياء تطرأ فجأة فلأن الله يريد هذا، "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا". ماذا يميز عادل إمام من وجهة نظرك؟ - إنه دؤوب على العمل، ودقيق في كل شيء يقدمه، ويريد أن يعرف تفاصيل التفاصيل، وهذا شيء مهم جداً إلى جانب موهبته الكبيرة التي هي من عند الله.