لا تحظى دورة الالعاب الشتوية في الاقطار العربية بأي شعبية، بفعل عامل المناخ، والاستثناء الوحيد هو لبنان الذي دأب منذ سنوات طويلة على تنظيم دورات دولية في التزلج الالبي وشارك مرات عدة في الدورات الاولمبية. وهو لن يغيب عن الاولمبياد الذي ينطلق اليوم في حضور الرئيس الاميركي جورج بوش واسرته في مدينة سولت لايك، اذ يشارك بثلاثة متزلجين هم جورج سلامة ونيقولا فورستاور وشيرين نجيم. وكان يمكن للتاريخ الاولمبي الشتوي ان يسجل اول مشاركة كويتية في هذا المضمار، لكن المتزلج بشار الهنيدي لم يحقق الرقم المطلوب ليكون ضمن المنطلقين من على خط البداية في سولت لايك. بدءاً من اليوم سيكون لعشاق الالعاب الشتوية مهرجانهم الكبير الذي ينتظرونه مرة كل اربع سنوات، والمتمثل في دورة الالعاب الاولمبية الشتوية التي تستضيفها مدينة سولت لايك الاميركية حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري. ولا بد من التذكير ان الالعاب الشتوية تشتمل على قسمين رئيسين هما التزلج الالبي والتزلج الاسكندنافي. ويتضمن القسم الاول سباقات التعرج والانحدار والتعرج العملاق والمسابقة المركبة تعرج وانحدار معاً، في حين يتضمن القسم الثاني سباقات المسافات الطويلة وبعضها يشتمل على التزلج والرماية معاً. وهناك في الالعاب الشتوية ايضاً سباقات الزحافات وكذلك المركبات، وجميع المسابقات المذكورة تجرى على الثلج. اما المسابقات التي تتم على الجليد فهي الهوكي والتزحلق الفني وسباقات السرعة لمسافات متعددة. ولا شك في ان كلاً من الانواع الكثيرة المذكورة يحتاج الى موهبة وصقل وفن... لكن عدداً كبيراً من النقاد يؤكد ان التزحلق الفني قد يكون احد اصعب انواع الرياضة في العالم. وتشتمل مسابقات التزحلق الفني على اربعة انواع: الفردي للرجال، والفردي للسيدات، والزوجي المختلط وكذلك الرقص للزوجي المختلط. والفارق بين النوعين الاخيرين ان المتسابق والمتسابقة يقدران على تأدية جملتهما وهما على اي مسافة كانت من بعضهما في التزحلق، في حين يجب ان يبقيا متلامسين في الرقص. وعلى رغم ان الدورات الاولمبية الشتوية لا تحظى عادة بأي شعبية في الوطن العربي بسبب عامل المناخ، فان الفترة الاخيرة شهدت جذب عدد لا بأس به من محبي الرياضة والفن، معاً، في الوطن العربي الى متابعتها. ولعبت القنوات الفضائية التي دأبت على نقل ابرز احداث الرياضات الشتوية في العالم، دوراً مهماً في تعريف المشاهدين بأصول وقواعد هذه الرياضات. وأنشأ عدد من الدول العربية وخصوصاً الخليجية حلبات للتزحلق على الجليد، لكنها كانت لممارسة اللعبة على سبيل الهواية لا أكثر... كما ان عدداً من هواة التزلج بدأوا في ممارسة هذه الرياضة على الرمال، بل ونظموا عدداً من المسابقات المحلية في هذه الرياضة التي لم يعترف بها طبعاً من جانب السلطات الرياضية المسؤولة في بلادهم. لبنان وحده دأب منذ سنوات طويلة على تنظيم دورات دولية في التزلج الالبي شارك فيها عدد كبير من نجوم العالم الى جانب اللبنانيين ما اكسب المواطنين خبرة جيدة اهلتهم للمشاركة مرات عدة في الدورات الاولمبية. وهو لن يخلف عادته هذه المرة، اذ سيشارك بثلاثة لاعبين في سباقات التعرج والتعرج العملاق للرجال والسيدات. وتألفت البعثة اللبنانية من خليل نسيم رئيساً، وضمت المدرب النمسوي فالتر هوبمان والرياضيين جورج سلامة التعرج، ونيقولا فورستاور التعرج والتعرج العملاق، والفتاة الصاعدة الواعدة شيرين نجيم التعرج والتعرج العملاق، الى جانب الزميلة الاعلامية كلوديا كوزمان من المؤسسة اللبنانية للارسال. واللافت ان اسم الكويتي بشار الهنيدي كان يمكن ان يدخل تاريخ الالعاب الاولمبية الشتوية باعتباره اول كويتي وخليجي يشارك في هذا المحفل العالمي المهم، بيد انه لم يتمكن من جمع النقاط اللازمة التي تؤهله للمشاركة في سباق التعرج العملاق. وشارك الهنيدي الموسم الماضي في 12 سباقاً ضمن منافسات الفئة الثالثة، وهي تأتي في الترتيب بعد كأس العالم وكأس اوروبا، لكنه لم يتمكن من الحصول على العدد المطلوب من النقاط الذي يؤهله للاولمبياد. وهو اعتبر ان عدم السماح له بالمشاركة "خيانة للروح الاولمبية، لأن المشاركة في الاولمبياد تبنى على اساس السلام والصداقة... وعدم مشاركتي تعني انتفاء هذين المبدأين. اعلم تماماً ان قوانين المشاركة صارمة، لكنني لا ازال اعتقد انها لم تكن عادلة معي". وشارك الهنيدي في عدد من المناسبات الكبيرة ابرزها الالعاب الآسيوية عام 1996، وبطولة العالم للتزلج الالبي في النمسا العام الماضي. وهو بدأ حكايته مع التزلج عندما كان يدرس في الولاياتالمتحدة الاميركية، فهو ذهب لقضاء بعض الوقت في منتجع "سكوا فالي" فلفت انتباهه ارتفاع علم لبناني في المكان ذاته. واستفسر عن السبب، فقيل له ان تقديراً لمشاركة متزلج لبناني في اولمبياد عام 1960 "قلت لنفسي، لماذا لا اشارك انا ايضاً في هذا الحدث الكبير. ومن هنا بدأت اعداد نفسي للمشاركة". ورأي المدرب النمسوي كريستوف بروغر الذي يشرف على تدريب المتزلج الكويتي ان "مستوى بشار لا يؤهله طبعاً للفوز بميدالية اولمبية، لكنه جيد بما فيه الكفاية للمشاركة في الاولمبياد. انا لا انتقد اللوائح المنظمة للمشاركة، لكنني أرى انه كان لا بد من استثناء هذا الشاب الذي يأتي من بلد صغير ربما لم ير الجليد في حياته وذلك تقديراً لجهوده وتشجيع غيره من شباب بلده والدول المحيطة به على ممارسة هذه الرياضه". واضاف "اوافق على ان متطلبات التأهل لا بد من ان تكون شديدة في سباقات السرعة نظراً لخطورتها، لكنها يجب ان تكون اقل في المنافسات التي تتطلب تكنيكاً اكثر من السرعة. ولذا لا اجد سبباً مقنعاً لعدم اعطاء بشار الفرصة ليكون عند خط البداية". آمال الهنيدي ووريت الرمال، لكنه وعد بان يواصل ممارسة رياضته المفضلة على امل تحقيق حلمه الاولمبي، ربما من طريقه هو نفسه في الدورة المقبلة أو احد مواطنيه في دورات لاحقة، لأن هذا الحلم لم يخرج عن رغبته في رؤية راية بلاده مرفوعة في الالعاب الاولمبية الشتوية.