يتوقع أن تعقد في إطار زيارة يقوم بها نائب رئيس الوزراء الروسي إيليا كليبانوف صفقات لبيع الهند حاملة طائرات وقاذفات قنابل روسية، في ما يصفه مراقبون بمساع لإحياء "المثلث" الروسي - الهندي - الصيني، وبما يعني إدخال موسكو طرفًا غير مباشر في الصراع الهندي - الباكستاني. وللعلاقات بين البلدين تاريخ طويل بدأ عملياً عند استقلال الهند، عندما تعامل الاتحاد السوفياتي مع ثاني أكبر الدول الآسيوية بوصفها زعيمة حركة عدم الانحياز، وأصبح المصدّر الأساس للسلاح إليها. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، شاب العلاقات الثنائية فتور. إلا أن تولي فلاديمير بوتين المهمات الرئاسية بعث حياة جديدة في التعاون، إذ استهل الرئيس الروسي عهده بزيارة الهند عام 2000، ثم استقبل رئيس الوزراء الهندي في موسكو في تشرين الثاني نوفمبر عام 2001. وتكتسب زيارة كليبانوف أهمية خاصة نظراً الى توتر العلاقات بين نيودلهي وإسلام آباد. وعلى رغم الإعلان عن أن نائب رئيس الوزراء الروسي سيترأس اجتماعات اللجنة الثنائية المشتركة للتعاون الاقتصادي، يولي المراقبون الزيارة أهمية خاصة لأن كليبانوف مسؤول عن ملف الصناعات الحربية والتعاون العسكري. وذكرت مصادر روسية أن الزيارة قد تسفر عن الاتفاق على صفقات كبرى للسلاح ومن بينها بيع الهند حاملة الطائرات "الأميرال غورشكوف". وفي حال إتمام هذه الصفقة ستقوم روسيا بإنشاء الهياكل الارتكازية اللازمة لخدمة الحاملة، وتصدير طائرات مقاتلة من طراز "ميغ 29 ك" التي تنطلق من على متن "الأميرال غورشكوف". وأشارت صحيفة "غازيتا رو" الروسية الى احتمال الاتفاق على بيع الهند قاذفات قنابل بعيدة المدى من طراز "توبوليف 22" المعروفة في الغرب باسم "بلايندر" ونوعها المطور "توبوليف 22م" المعروفة باسم "باك فاير". وأعلن ناطق باسم الحكومة الروسية أن موسكو عرضت أيضاً إنشاء شبكة للدفاع الجوي تضم كل الدفاعات الموزعة حالياً على القوات المسلحة والقطعات المنتشرة في مختلف أنحاء الهند، أي أن روسيا تعرض على الهند الإفادة من تجربة الاتحاد السوفياتي في إقامة مثل هذه الشبكات. وسيبحث خلال الزيارة طلب نيودلهي الحصول على ترخيص لإنتاج الدبابات الروسية "ت 90". ويمكن لتصدير مثل هذه الأسلحة المتطورة أو حتى الإعلان عن بيعها الى الهند في الوقت الحاضر أن يغدو ورقة مهمة تستثمر في الصراع مع باكستان. وإلى جانب التعاون العسكري تعمل موسكو على توثيق صلاتها السياسية مع الهند. وكان وزير الخارجية الروسي إيغور إيفانوف زار نيودلهي قبل يومين ووصف الهند بأنها "شريك استراتيجي". واتخذ البلدان موقفاً موحداً حيال الوضع في أفغانستان كما شددا على ضرورة محاربة "التطرف" في تلميح إلى أن الدولتين تواجهان ما تسميانه "الأصولية الإسلامية". ويرى محللون في موسكو أن روسيا التي راهنت على التقارب مع الولاياتالمتحدة أخذت تشعر بخيبة أمل وتخشى من "صدود" أميركي. ولذا فإنها تسعى الى تكوين معادلات إقليمية لحفظ نوع من التوازن في العلاقات الدولية. وفي هذا السياق يسعى الكرملين الى إحياء فكرة "المثلث" الروسي- الهندي - الصيني التي كان طرحها رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف ولكنها دفنت بسبب الخلافات بين بكينونيودلهي وبفعل التقارب بين موسكو وواشنطن. وأكد ايفانوف أثناء الزيارة أن بلاده لا ترغب في إنشاء "أحلاف أو محاور" لكنه لم ينف طموح موسكو الى إقامة "تعاون متعدد الأطراف" في إطار "المثلث" المذكور. وتحقيق هذا الهدف يقتضي من القيادة الروسية معالجة إشكالات عدة، إذ إن بكين التي تربطها صلات وثيقة بإسلام آباد لن تنظر برضى الى تزويد نيودلهي أسلحة روسية. ولكن الأرجح أن موسكو ستواصل خططها لتصدير المعدات العسكرية الى الهند التي أصبحت تحتل المرتبة الثانية في قائمة الدول المستوردة للسلاح الروسي شاغلة موقعاً بين الصين وإيران. ولكن خلافاً للدولتين الأخيرتين فإن الهند ليست لها حدود مع روسيا وبالتالي فإن تسليحها لن يكون يوماً مصدر قلق لموسكو.