صدق المجلس النيابي اللبناني ليل أمس على موازنة 2002، بأكثرية 83 صوتاً في مقابل امتناع ومعارضة 30 نائباً وتغيب البعض الآخر. وأبرز الممتنعين كتلة "حزب الله" النيابية، وحزب البعث ونواب بقاعيون، والمعارضين نواب لقاء "قرنة شهوان"، إضافة الى الرئيسين حسين الحسيني وعمر كرامي وأعضاء من كتلة كسروان - جبيل ونقولا فتوش ويوسف المعلوف من نواب زحلة ونائبين من التكتل الطرابلسي. وأبرز الذين صوتوا الى جانب الموازنة الكتل التي يتزعمها الرئىس نبيه بري ورفيق الحريري ووليد جنبلاط الذي حضر الجلسة. وتغيب وزيران بداعي السفر. وتحولت جلسة رد الحكومة أمس الى مشادات كلامية قاسية. أعطيت كلمة الرد الأولى لوزير الطاقة محمد عبدالحميد بيضون الذي اجاب على استفسارات النواب عن ازمة الكهرباء وشرح بعض اجواء المشكلة وقال: "الموازنة نقطة الخلاف الاساسية، وهناك افتعال ازمات لأنه لم يتم دفع اموال لدعم المؤسسة". وأضاف: "هناك موظفون يشعرون بأنفسهم محميين لدرجة انهم يفتعلون ازمات. لا يجوز تحميل الوزير مسؤولية ازمات يفتعلها سواه وهو لا يستطيع ازاحته من مكانه او اعطاءه اجازة ادارية. واعتبر "ان الازمات المفتعلة هدفها الضغط على الحكومة للحصول على مزيد من السلفات". وانتقد الرئيس الحريري مقاطعة الوزير بيضون مرات عدة من النواب معتبراً ان لا تعادل في الأمر. وقال النائب روبير غانم: "ان الوزير بيضون قال كلاماً خطيراً جداً وطالب بعقد جلسة نيابية خاصة لمناقشة موضوع الكهرباء". واعتبر النائب بطرس حرب ان الوزير بيضون وقف ليدافع عن نفسه بحجة انها صلاحياته. وتمنى النائب عباس الهاشم اصدار توصية كإخبار الى النيابة العامة للتحرك في موضوع الكهرباء وفتح تحقيق، اذ هناك مؤسسة تتمرد على قرارات الوزير. ثم كان الرد الثاني من وزير الأشغال والنقل نجيب ميقاتي الذي قال: "ابدى عدد من النواب ملاحظات بعضها تناول الوزارة والبعض الآخر ملاحظات شخصية استغلت منبر المجلس مجالاً لاطلاق الافتراءات" في اشارة الى الرئىس عمر كرامي. وأضاف: "انها صادرة عن اشخاص مشكلتهم انهم يعيشون خارج الزمن ويظنون انهم في نكتة من هنا وافتراء من هناك يمكنهم ان يبدلوا الحقائق ويزرعوا الشكوك ويسيئوا الى كل من رفض وصايتهم، متناسين ان الماضي قد ولى وان الحاجة الى التغيير والصحوة الشعبية كانت السبب الرئىس في ما أوصلوا انفسهم اليه بعدما اضروا منطقتهم وأهلهم لسنوات". واعترض نقولا فتوش معتبراً "ان هذا الكلام فيه تعرض للمجلس ككل". ورد بري متمنياً الترفع عن الأمور الشخصية فعلق كرامي قائلاً: "نحن لم نتكلم بالنكات وانما بالوقائع والارقام وبوثائق رسمية، اي بوجود طائرة لديه فهل هذا افتراء؟ ليقل ان ليس لديه طائرة او 30 في المئة من الخلوي، انه يتكلم شتائم وهو وزير في حكومة، علماً انه جاء بالمظلة في غفلة من الزمن". وتحدث عن موضوع الهاتف الخلوي بقوله: "الكل يعرف انني حرصت منذ تسلمي الوزارة على الفصل التام بين موقعي كوزير وكوني شريكاً في احدى الشركات التي تتعامل في الخلوي ولم اتدخل يوماً في اي مناقشة في موضوع الخلوي"، فقاطعه كرامي مرات عدة قائلاً له: "لماذا تراجع ما دام ان حقك واصل". الامر الذي دفع ميقاتي الى اتهامه بالتهريج فانتفض كرامي من مكانه قائلاً له: "اسكت ولا... واحد حرامي". ورد ميقاتي قائلاً: "كرمى لرشيد كرامي وللإرث الذي يحمله ان لا يهرج". فحصل هرج ومرج تدخل على اثره بري مخاطباً كرامي قائلاً: "هذه ليست لك يا دولة الرئىس والله مش إلك. في هذا الكلام لا حق لك ابداً". وتابع: "عندما سنرى الارقام التي سيوضحها الوزير المختص، ونرى ان البعض ألقى الارقام جزافاً من دون تدقيق لا نعجب ان تكون البلاد في 6 أيار مايو 1992 قد تعرضت لما تعرضت له اسقاط حكومة كرامي". وعرض وزير الزراعة علي عبدالله في رده على ملاحظات النواب الواقع الزراعي في لبنان وضرورة تنظيمه وتنميته. وأكد "ان الوزارة ستعمل في الاسابيع المقبلة بما طلبه رئيسا الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري، وسنطلب عقد جلسة خاصة لمناقشة السياسة الزراعية التي انجزناها والتي ستكون بتصرفكم حال اقرارها وبلغات عدة لأننا سنقدمها ايضاً الى المنظمات الدولية". وأضاف: "نحن اشتغلنا كمن يبصّر عن المشاريع المختفية ولدي مشروع قرض صيني بقيمة 6 ملايين دولار وقد اكتشفناه صدفة والمديرية لم تقدم لنا شيئاً، وكذلك هبة اوروبية". وسأل: "لماذا اثير موضوع المدير العام السابق وتم التوقف عنده اكثر من غيره، فإذا كان الموضوع موضوعاً مناطقياً فالمدير العام الجديد هو من المنطقة نفسها والطائفة نفسها". فاعترضت النائبة نايلة معوض ودعت الى عقد جلسة عامة للزراعة. فرد بري "تقدمي بطلب وتكرم عينك". وسأل النائب ايلي سكاف: "لماذا تشويه سمعة المدير السابق عادل شويري وهو خدم 30 عاماً وعرف بنزاهته؟". وعلق النائب فتوش قائلاً: "كلما تكلم وزراء الرئىس الحريري نزداد قناعة بأن نصوّت ضد الموازنة". ثم تحدث وزير الاتصالات جان لوي قرداحي فأشار الى "ان الوزارة تسهم يومياً في دعم الاقتصاد الوطني وتنشيطه عبر ثلاثة محاور هي "تغذية الخزينة العامة ودفع مستحقات البلديات وتطوير قطاع الاتصالات"، مشيراً الى "ان الوزارة اسهمت بتغذية الخزينة ب700 بليون ليرة في العام 2001 اي بزيادة 50 بليوناً عن العام المنصرم. وقال في ظل الواقع الدولي وضعت الوزارة خططاً للمحافظة على وارداتها وامكان زيادتها. وأكد انه على رغم خفض الاسعار من المتوقع في العام الجاري ان تحصل الوزارة على واردات بقيمة مئة مليون دولار. وسأل هنا كرامي: "هل التهريب ما زال قائماً؟" فقال قرداحي: "في موضوع مكافحة التخابر الدولي غير الشرعي اقفلنا 64 مركزاً ومستمرون في هذه الاجراءات لاقفال المراكز المتبقية. وهذا ما أسهم في زيادة حجم التخابر لمصلحة الدولة اي من معدل 17 مليون دقيقة في الشهر الى 40 مليوناً حالياً". وأضاف: "لا يجوز ان نكتفي بوقف مراكز التخابر غير الشرعية بل يجب أخذ اجراءات دولية حتى تبعث الشركات الدولية بتخابرها مباشرة الى لبنان من دون المرور ببلدان اخرى". وعرض قضية فسخ العقد مع شركتي الخلوي وتحضير مزايدة عالمية لبيع رخصتي الخلوي مع موجودات الشركتين. وكشف عن التوصل الى اتفاق مبدئي مع شركتي الخلوي يرتكز الى تجميد النزاع القائم لغاية 31 آذار 2002، وذلك تسهيلاً لعمل مؤسستي KPMG وHSBC في ظل النزاع القانوني وتسريعاً لآلية التخصيص ولاعطاء فرصة جديدة للدولة والشركتين لحل النزاع القائم والحفاظ على المال العام وحقوق الدولة والمواطن والحفاظ على مناخ استثمار جيد في لبنان". وقال: "ان مجموع الأرقام المالية العائدة لشركتي الخلوي لسنوات 1995 حتى 2000 ضمناً وفق البيانات الرسمية الصادرة عن هاتين الشركتين هو الآتي: - مجموع ايرادات الشركتين: 397،2 بليون دولار أميركي. - مجموع حصة الدولة: 934 مليون دولار. - مجموع المدخول الصافي للشركتين: 363،1 بليون دولار. وان مجموع الأرباح المعلن عنه من الشركتين: بلغ 374 مليون دولار بحسب الموازنات المقدمة لوزارتي الاتصالات والمالية. علماً ان الوزارة اعدت مشروعاً لتلزيم تدقيق هذه الحسابات الى مدقق حسابات مستقل. السنيورة ورد الوزير السنيورة على مداخلات النواب في شأن الموازنة وقال ان مداخلاتهم "تضمنت افكاراً ومقترحات مفيدة تستحق الاشادة وسنأخذ بها وأخرى ينبغي ان تناقش للتدقيق والتصحيح من جانبنا وجانب النواب على حد سواء". ولفت الى ان بعض ما ورد في المداخلات "يشير ربما الى سوء فهم لبعض الامور والى تجنٍ واضح في امور اخرى". وتحدث عن الواقع الراهن وعن ضرورة خفض النفقات وتعزيز الواردات والرؤية التي تتعلق بأهداف السياسة المالية والاقتصادية للحكومة والاجراءات الواجبة للوصول الى تلك الاهداف. وقال: "ان الحكومة تهدف الى تحقيق النمو المستدام بما يسهم في معالجة مشكلتي العجز والدين العام". ورأى ان ذلك يقتضي استهداف اعتماد حزمة من السياسات، تتضمن مجموعة من الاجراءات ينبغي السير فيها جميعاً ولا يمكن السير في اجزاء منها وتعطيل اجزاء أخرى". مذكراً بالخطوات التي قامت بها الحكومة لتطوير الاقتصاد في تعزيز دور القطاع الخاص. وأضاف: "اما في شأن التخصيص الذي يشكل ركيزة اساسية من ركائز الاصلاح الاقتصادي والاداري والمالي، فالحكومة تعمل على اتخاذ الاجراءات والتحضيرات اللازمة بالنسبة للقطاعات والمؤسسات العامة المشمولة في برنامج التخصيص وهي تشمل: "المياه والكهرباء والاتصالات والمرافئ والنقل المشترك. وستُستعمل ايرادات التخصيص بكاملها لخفض الدين العام بما يسهم في خفض كلفة خدمته". وتابع: "في تصحيح الوضع المالي باشرت الحكومة بالتعاون مع المجلس بتصحيح الوضع المالي عبر قوانين واجراءات عدة أهمها البدء باصلاح النظام الضريبي من خلال إقرار قانون الضريبة على القيمة المضافة الذي تشكل عائداته نحو 800 بليون ليرة لبنانية". وكشف السنيورة أن الايرادات الضريبية المحققة العام الماضي بلغت 2961 بليون ليرة وان الايرادات المرتقبة لهذا العام تبلغ 4101 بليون. وأوضح "ان الحكومة شارفت على انجاز مشروع جديد لمعالجة مشكلة التعديات على الاملاك العمومية البحرية". ورأى ان "خفض كلفة القطاع العام والتخصيص يجب ان يتماً بوتيرة اسرع تجعل من الاجراءات ذات جدوى". وحصل سجال بين السنيورة وكل من الحسيني والنواب نسيب لحود وجورج قصارجي ونقولا فتوش وبطرس حرب حول السياسة المالية ورفض لحود وصف ارقامه بالتجني والظلم وقال للسنيورة الظالم هو الحكومة التي ركّبت علينا ديناً ب30 بليون دولار فيما ادرج الحسيني السنيورة في لائحة علماء الكلام الذين يسوقون الباطل.