تبدأ اليوم محكمة إسرائيلية في الناصرة محاكمة رئيس حزب التجمع الوطني الديموقراطي الدكتور عزمي بشارة وفقاً للائحة الاتهام التي قدمها باسم "دولة إسرائيل" المستشار القضائي للحكومة الياكيم روبنشتاين بحجة "دعمه للإرهاب" على خلفية تصريحات سياسية أدلى بها بشارة في مهرجانين سياسيين في أم الفحم داخل الخط الأخضر، وفي القرداحة السورية تناولت انتصار المقاومة اللبنانية على الاحتلال الإسرائيلي. وأمكن تقديم النائب العربي في الكنيست إلى المحاكمة بعدما نزعت الغالبية فيها الحصانة البرلمانية عنه بناء لطلب المستشار الذي أعد ضد بشارة لائحة اتهام أخرى تتعلق بترتيب زيارات فلسطينيي 1948 لأهلهم في سورية. راجع ص15 وقال بشارة ل"الحياة" أمس: "نذهب إلى المحكمة برأس مرفوع محاطين بالتأييد والتعاطف الجماهيري الواسع، العربي المحلي والدولي والديموقراطي عالمياً، واثقين بعدالة حق الشعوب في مقاومة الاحتلال وحقنا في التواصل مع أمتنا العربية وشعبنا الفلسطيني وكوننا سكان البلاد الأصليين لا نبادل وطنيتنا الفلسطينية بإسرائيلية، واثقين بقدرتنا على النجاح ومدركين في الوقت نفسه خطورة الهجمة الإسرائيلية الشرسة علينا". ويعتبر بشارة أن المحاكمة التي تبدأ اليوم، وهي الأولى من نوعها ضد نائب في الكنيست على خلفية تصريحات ومواقف سياسية، مفصلية "لأنها تمثل الهجمة الإسرائيلية المضادة على جماهيرنا في الداخل في محاولة إعادة رسم حدود الديموقراطية الإسرائيلية واقصاء القوى الوطنية العربية". وقال بشارة إنه سيستخدم عبر محاميه كل الوسائل القانونية والجماهيرية المتاحة من أجل الانتصار "وقد ننتصر فعلاً لسبب اجرائي مثل تمتعي بحصانة جوهرية لدى ادلائي بالتصريحات المنسوبة إليّ"، لكنه أضاف ان المحكمة التي أعدتها إسرائيل ليست سوى سيناريو واحد من سيناريوات أخرى تستهدف اقصاء القوى الوطنية عن الحلبة السياسية "ومشاريع القوانين الأخيرة التي سنتها الكنيست أشد خطورة من المحكمة، وقد نمت إلى مسامعي أصوات في الكنيست تقول إنه ما كان على إسرائيل أن تحاكمني، لأن القضية تحولت إلى فضيحة دولية وإلى قضية رمزية حشدت الرأي العام العربي والدولي ضدنا، وانه كان الأجدر بالنواب الذين أيدوا محاكمتي وتعرضوا للانتقادات منعي وحزبي من خوض الانتخابات البرلمانية، ما يؤشر إلى خططهم المستقبلية بشأن تيارنا الوطني الصاعد بقوة". وتابع بشارة ان خسارته في المحكمة قد تفيد الجهات الساعية إلى منع "التجمع" ورئيسه من خوض الانتخابات. وزاد ان المحاكمة "سياسية المواضيع، بمعنى أنها تتناول الموضوعات الجاري بحثها اقليمياً وعالمياً حول الإرهاب والمقاومة، وسياسة الغايات أي ضرب التيار الذي يزعج أقطاب الدولة العبرية منذ سنوات". وأشار بشارة إلى نجاحه في تحويل المحكمة إلى مسرح للتصدي سياسياً لسياسة إسرائيل، وأنه لمس خلال زياراته الأخيرة لعدد من الدول الأوروبية أن المسألة تزودنا بحجج لمخاطبة الرأي العام الأوروبي في مواضيع غير مألوفة مثل معنى الديموقراطية في إسرائيل وأوضاع المواطنين العرب فيها، وبالتالي تجيّر هذه المحكمة لمصلحة قضية الشعب الفلسطيني على مستوى الرأي العام العالمي. إلى ذلك، أكد ثمانية مراقبين دوليين وأعضاء في الاتحاد الدولي للبرلمانيين حضورهم الجلسة الافتتاحية للمحكمة اليوم ومتابعتهم القضية. وجاء هذا في رسالة بعثت بها لجنة حقوق الإنسان التابعة للاتحاد الدولي للبرلمانيين إلى المركز القانوني للأقلية العربية "عدالة"، جاء فيها أنها رفعت إلى المجلس الأعلى للاتحاد الذي ينعقد في المغرب الشهر المقبل توصياتها القائلة إنها لا تتفق مع السلطات الإسرائيلية في رؤيتها خطاب بشارة دعماً للإرهاب. وتابعت الرسالة، التي تلقت "الحياة" نسخة منها، ان "من حق البرلماني المعارض الادلاء برأيه ضمن حق التعبير عن الرأي الواجب على البرلمانات الديموقراطية احترامه". وكانت اللجنة عقدت الشهر الماضي سلسلة اجتماعات مع وزير العدل الإسرائيلي مئير شيتريت ورئيس الكنيست ابراهام بورغ، كما استمعت إلى النائب بشارة والمحامي جميل دكور من مركز "عدالة" اللذين أكدا انتهاك الكنيست الإسرائيلية حقوق نائب يقود حزباً سياسياً معارضاً للسياسة الإسرائيلية. يشار أخيراً إلى أن المئات من أنصار التجمع والقوى الوطنية في الداخل تظاهروا أمس في مختلف أرجاء البلاد، حاملين شعارات تندد بالمحاكمة وتعلن التضامن مع بشارة. ويتوقع أن يكون مئات المتظاهرين في استقبال قضاة المحكمة صباح اليوم في الناصرة. مطالبة لأنان بمنحه حصانة ديبلوماسية وفي بيروت تواصلت التحركات والمواقف التضامنية مع النائب العربي. وسلمت "الهيئة اللبنانية للدفاع عن عزمي بشارة" برئاسة النائب مخايل الضاهر خلال اعتصام تضامني مذكرة الى المسؤول الاعلامي في مقر الأممالمتحدة في بيروت نجيب فريجي موجهة الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان تطالبه فيها بمبادرة سريعة "لصيانة حقوق عزمي بشارة وسلامته ودوره عبر منحه الحصانة الديبلوماسية للأمم المتحدة كسفير فوق العادة بصفته الممثل الأبرز لقضية السكان الاصليين عرب ال48 في مواجهة التمييز العنصري، وهي الصفة التي دعي على اساسها للمشاركة في مؤتمر ديربان في الصيف الماضي، وذلك بعدما نزعت عنه الحصانة النيابية في اسرائىل". ورأت "ان محاكمته تظهر ان لا ديموقراطية ولا حريات في اسرائىل لأن التهم الموجهة الى بشارة تتصل بمساعيه لجمع شمل الاسر العربية المفرقة بسبب الاحتلال". واعتبرت "ان المحاكمة تظهر ايضاً ان لا قضاء مستقلاً في اسرائىل حيث تجرى المحاكمة بقرار حكومي سرعان ما جهزت له العدة القضائية ولوائح الاتهام تحت الطلب الحكومي والعسكري وبموجب قوانين الطوارئ العسكرية". وأكدت "ان لا مكان للتعدد الديني وممارسة حرية المعتقد في اسرائىل حيث يشعر المسيحيون العرب الذين ينتمي اليهم بشارة انهم مستهدفون جنباً الى جنب مع اخوانهم العرب المسلمين". وقالت: "ان هذه المحاكمة تؤكد فداحة الخطيئة الدولية بتبرئة اسرائىل من تهمة العنصرية، وحجم الخطأ الفادح الذي ترتكبه الدول الديموقراطية وبرلماناتها ومنظمات حقوق الانسان عندما تعامل اسرائىل كدولة ديموقراطية تحترم حقوق الانسان". ودعت المذكرة الى "مبادرة سريعة ايضاً لمناسبة زيارة مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الانسان ماري روبنسون المنطقة الاسبوع المقبل، لجعل قضية بشارة الملف الاساس لزيارتها ليكون تقريرها مادة عاجلة تقدم الى مجلس الأمن الدولي والجمعية العمومية للأمم المتحدة لاعادة التصويت على القرار الرقم 3379 لادانة اسرائىل بجرائمها العنصرية واعادة الاعتبار للقرارات الدولية والقانون الدولي، في التقدم نحو السلام العادل". وطالبت قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان في بيان تضامني مع بشارة جماهير شعبنا "باعتبار يوم الاربعاء اليوم يوم غضب شعبياً واحتجاج وذلك بالتوقف عن العمل دقيقة واحدة الساعة الثانية عشرة ظهراً كتعبير رمزي عن تضامننا مع شعبنا ومع المناضل القائد عزمي بشارة". وفي مخيم برج البراجنة نفذت الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين اعتصاماً تضامنياً مع بشارة وأكد عضو قيادتها أحمد مصطفى ان التضامن مع بشارة تضامن مع الانتفاضة والمقاومة.