عمد كبار المسؤولين الاسرائيليين امس الى مزج ترحيبهم بمبادرة ولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز بشروط، في مقدمها رفض انسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي العربية المحتلة الى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967. وجاءت تصريحات المسؤولين الاسرائيليين هذه غداة اتصالات هاتفية اجراها وزير الخارجية الاميركي كولن باول ليل الاحد مع كل من ولي العهد السعودي والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ووزير الخارجية المصري احمد ماهر والامين العام للامم المتحدة كوفي انان. وقالت "وكالة الانباء السعودية" ان باول والامير عبد الله تبادلا وجهات النظر في شأن اهم التطورات في المنطقة وبعض القضايا ذات الاهتمام المشترك. وتحدث باول امس عن مبادرة الامير عبدالله قائلا: "اعتقد بانها خطوة مهمة رحبنا بها. واردت ان اشاطر ولي العهد رد فعلنا على فكرته. وآمل بان يجري في الاسابيع المقبلة توسيعها بقدر اكبر من التفاصيل". وجاءت هذه التصريحات في اعقاب محادثات الوزير الاميركي مع نظيره الاسباني جوسيب بيكيه الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي. وستكون الاوضاع المتدهورة في المنطقة محور لقاء اليوم في القاهرة بين الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني. كما ستكون المبادرة السعودية واقتراحات الوسطاء الدوليين محور محادثات يجريها في موسكو وفد يمثل "ائتلاف السلام" الاسرائيلي - الفلسطيني يترأسه وزير الثقافة والإعلام ياسر عبد ربه ووزير العدل الاسرائيلي السابق يوسي بيلين. وسيلتقي الوفد اليوم وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ومسؤولين آخرين. راجع ص 4. المبادرة وقال المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة الاسرائيلية رعنان غيسين ان اسرائيل "تنظر باهتمام كبير" الى مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله لحل النزاع العربي - الاسرائيلي وان رئيس الحكومة ارييل شارون يحاول عبر قنوات مختلفة معرفة ما تحمله المبادرة "لكن اسرائيل ترحب بها من دون التطرق الى فحواها في ضوء حقيقة انها تأتي من جهة سعودية رسمية رفيعة المستوى وهذا بحد ذاته تطور ايجابي". وسارع سكرتير الحكومة جدعون ساعر الى ابلاغ اذاعة الجيش ان اسرائيل، بغض النظر عن هوية حكومتها، لن توافق على الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967 "لأن من شأن ذلك أن يعرض أمن اسرائيل للخطر". لكنه أضاف ان المبادرة السعودية تحمل توجهاً ايجابياً "واسرائيل معنية بالاطلاع على مزيد من التفاصيل الواردة فيها". وأعرب زعيم حزب العمل وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر عن موافقته المبدئية على المبادرة وقال: "يجب الانتباه الى أنهم السعوديين لم يتطرقوا الى حق العودة كما لم ينحصر توجههم بالفلسطينيين انما شمل السوريين أيضاً". من ناحيته اقترح الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف ان يساعد شخصيا في التقريب بين رئيس الحكومة والمسؤولين السعوديين. وقال انه "في حال رفض ولي العهد السعودي المجيء الى القدس للقائنا فإننا على استعداد للذهاب الى الرياض للقائه، وأنا شخصياً سأكون سعيداً بزيارة كهذه". وأشار المعلق المخضرم في "هآرتس" عقيبا الدار الى الاهتمام العالمي الذي تحظى به المبادرة متوقعاً أن تصطدم بجدار الرفض الاسرائيلي: "شارون لم يؤيد، في أي حكومة، أي اتفاق السلام بما في ذلك الاتفاق مع مصر وامتنع عن التصويت على الاتفاق مع الأردن" لافتاً ايضاً الى رفضه مختلف المبادرات منذ اندلاع انتفاضة الأقصى. وزاد: "كي تعيدنا مبادرات مثل المبادرة السعودية الى طاولة المفاوضات وتنتشلنا من ميادين القتل يتحتم على مواطني اسرائيل بداية تغيير الحكومة"، داعياً المعارضة الاسرائيلية الى تكثيف نشاطها في الشارع لتقود الى انتخابات جديدة تأتي بحكومة أخرى. ودعا الوزير شيتريت رئيس حكومته الى أخذ زمام المبادرة والى عقد مؤتمر صحافي يحضره ممثلو وسائل الاعلام الدولية لتوجيه دعوة رسمية وعلنية للأمير عبدالله لزيارة اسرائيل بغرض بحث المبادرة. الى ذلك، يعمل الوفد الفلسطيني لدى الأممالمتحدة على مشروع قرار لمجلس الأمن يشكل "رؤية مختلفة نوعياً للمجلس" لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيل بصورة "لم تحصل منذ القرار 242"، حسب نائب مندوب فلسطين لدى الأممالمتحدة السيد مروان جيلاني. وقال ان الوفد الفلسطيني يبحث مع أعضاء مجلس الأمن ومع المجموعة العربية في مشروع قرار يتضمن أربعة عناصر رئيسية هي: أولاً، التركيز على الدولة الفلسطينية المستقلة.ربط الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حزيران يونيو 1967 ببناء علاقات طبيعية بين جميع دول المنطقة. وهذا الربط يشكل بناء على مبادرة الأمير عبدالله وتبنياً لها بدون ذكرها بالاسم. كما أنه يشكل ترجمة لمبدأ الأرض مقابل السلام. ثالثاً، التشديد على أنه لا يوجد حل عسكري للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.رابعاً، إقامة علاقة مترابطة بين مجلس الأمن والجهود الدولية المبذولة على نسق الرباعية كي يكون المجلس طرفاً بالجهود. على الصعيد الميداني، قتلت قوات الاحتلال فلسطيني وفلسطينية عند حاجزين عسكريين في الضفة الغربية، وجرحت خمسة فلسطينيين، وذلك بعد انسحاب الدبابات الاسرائيلية فجر امس من مدينة رام الله. وفي رد سريع على انفلات نيران جنود الحواجز العسكرية، اطلق فلسطينيان النار على مجموعة من الإسرائيليين في محطة للباصات في شمال القدس مساء أمس، فجرحا عشرة منهم قبل أن يُقتل احدهما ويهرب الآخر، وفق ما أفادت الاذاعة الإسرائيلية. وذكر ان جروح خمسة من الإسرائيليين خطرة. وكان مسلحون فلسطينيون هاجموا قبل ذلك حاجزاً عسكرياً جنوب مدينة بيت لحم قرب مستوطنة "نوكوديم" وقتلوا اسرائيليين لم يعرف ان كانوا من العسكريين او مستوطنين واصابوا مستوطنتين اسرائيليتين. وأعلنت "كتائب شهداء الأقصى" الذراع العسكري لحركة "فتح" مسؤوليتها عن العملية.