صدر عدد جديد مزدوج من مجلة "الفكر العربي المعاصر" شتاء 2002 ويدور حول اشكالية الثقافي السياسي، وانتقالاته المتنوعة نحو الفلسفي واللغوي. وطرح رئىس التحرير مطاع صفدي اشكالية المحور عبر مقاربته الرئيسة: "الحداثة السياسية بين الكائن السلطاني والكائن الثقافي في الزمن العولمي"، مبيناً كيف اضاعت النهضة فرصة الفوز بالحاضر الثقافي الانساني اذ جوِّفت النهضة من الرقابة الثقافية، وطوّعت للسياسوي المتسلط الذي أبدل انتاج النهضة المنتظر بمشاريع التنمية الاختزالية للحجر من دون البشر. ومن ثم قدم المحور ترجمة دقيقة لأهم شهادة فلسفية على فرادة الحدث الارهابي ضد رموز "النظام" في نيويورك وواشنطن، وقد كتبها المفكر الفرنسي جان بودريار. وعرض المحور مروحة من الدراسات حول نظرات جديدة لبعض الرموز الفلسفية الكبرى الصانعة لأسس الحداثة المعاصرة بدءاً من كانط وعلاقته بالتأويلية، وذلك بحسب رؤية بول ريكور لهذه الأطروحة. وأثار الحسين الزاوي من جامعة الجزائر "المسألة اللغوية والتعبير الفلسفي المعاصر" من مدخل النظريات التحليلية. وفي الاتجاه عينه جاء مبحث مهم في "فلسفة اللغة عند فيتغنشتاين، من اللغة المرآة، الى اللغة المتاهة". وكان للنافذة الاجتماعية دور في إلقاء الضوء بدءاً من "سوسيولوجية النص الأدبي الى سيميائية النظام الاجتماعي"، وذلك عبر التنظير السيميائي لأستاذه الأول رولان بارت. وبرزت لوحة الثقافي السياسي فلسفياً من خلال "الواقعية والطوباوية والأسطورة عند غرامشي الشاب" بقلم الباحث التونسي الصاعد عبدالعزيز لبيب. وأبرزت دراسة توثيقية مسألة العلاقة التأسيسية بين هوسرل والكوجيتو الديكارتي. وعرضت زاوية "البروفيل الفلسفي" في العدد لوحة لشخصية الفيلسوف الفرنسي جورج باتاي، باعتباره أحد اساتذة فكر القطيعة والاختراق، وتناولته الباحثة اللبنانية المعروفة مارلين كنعان. وكان للنافذة العربية كذلك اسهامها في اغناء المحور، عبر ثلاث دراسات جديدة عن "منزلة الخيال عند الشيرازي على ضوء فلسفة ما بعد الحداثة" للباحث المغربي محمد مصباحي. وعن "السينوية في الغرب الاسلامي: ابن طفيل نموذجاً" و"التفكير الطوباوي بين جمهورية "أفلاطون" ومدينة "الفارابي" الفاضلة". ويبرز عرض واف موثق عن الفيلسوف الاستثنائي باشلار، في دراسته المهمة عن "حلم اليقظة ودلالاته" للباحث السوري عماد فوزي الشعيبي. ويحقق المحور نقلة اضافية في صرح الكتابة الفلسفية العربية ومقدرة الباحث العربي على التعامل مع المصطلح ولونياته الدقيقة ما بين المذاهب المتشابكة ورموزها الكبرى في الإبداع الفلسفي العالمي والعربي. تصدر المجلة عن مركز الانماء القومي بيروت - باريس. وكانت واجهت بعض الصعوبات المادية اسوة بالمجلات الفصلية المتخصصة التي تصدر عن مؤسسات غير رسمية. ولعل صدورها المتقطع لم يحل دون متابعتها ابرز القضايا الفكرية والفلسفية التي ما برحت تخصص لها ملفات معمقة يشارك فيها ابرز الكتّاب والمفكرين العرب. اضافة الى انفتاحها على الفكر الغربي في تحولاته الحديثة.