عندما يصل الرئيس جورج بوش اليوم إلى اليابان، الحليفة الإستراتيجية للولايات المتحدة عسكريا وإقتصاديا، سيجد في إنتظاره رئيس وزراء "مؤيد لأميركا حتى العظم" وتظاهرات عديدة أهمها من أنصار الحزب الديموقراطي الأميركي وبعض المواطنين الأميركيين المقيمين في اليابان الذين سيحتجون على سياساته العسكرية والبيئية. وسيحظى الجانب الأمني وخصوصاً ما يتعلق بحملة أميركا ضد "محور الشر" والإرهاب باهتمام كبير في المحادثات. ويهدف بوش تحديداً، استناداً الى خبير أمني ياباني، إلى تعزيز الإتفاقية الأمنية الثنائية إلى مستويات جديدة وضمان دعم أو على الأقل تأييد طوكيو لتفعيل محور آسيوي مضاد لما يُسمى "محور الشر" تلعب فيه طوكيو حجر الزاوية وتسد بعض الفراغ الذي تعانيه واشنطن نتيجة "مشاكسات" عواصم أوروبية مستاءة من سياسات بوش. ولم يخف رئيس الوزراء جونيتشيرو كويزومي لشبكات التلفزة الأميركية الجمعة الماضي تأييده لمحور بوش ضد كوريا الشمالية وايران والعراق على رغم أن وزيري الخارجية والدفاع في حكومته أبديا موقفاً متحفظاً. والإنطباع العام السائد أن طوكيو أصبحت أكثر أهمية للمخططات الإستراتيجية الأميركية الجديدة وخصوصاً في ما يتعلق بالعمليات العسكرية في وسط آسيا والشرق الأوسط. ففيما يبدي الأوروبيون تحفظات أو إحتجاجات مثيرة في الفترة الأخيرة ضد الأميركيين مثل أوضاع أسرى "القاعدة" وحقوق الإنسان و"محور الشر"، لم تصدر عن الحكومة اليابانية أي مواقف تتسم بالمواجهة مع الأميركيين. ويرى محلل عسكري ياباني ان كويزومي "مؤهل حالياً ليصبح الرجل الثاني بعد توني بلير في أهميته بالنسبة للبيت الأبيض" مما يوحي بأن تحالفاً جديداً على وشك التكوّن بين البلدين. وحسبما رَشَحَ من مصادر يابانية رسمية يتوقع أن يعرب بوش عن تقدير الولاياتالمتحدة للدعم الذي قدمته طوكيو للحملة ضد افغانستان ولا سيما بنشر أسطول ياباني ساهَم في مساعدة نظيره الأميركي في المياه الدولية والإقليمية بالإتصالات والنقل والوقود المجاني. ولاتزال السفن الحربية اليابانية تتوجه إلى المحيط الهندي وبحر العرب ضمن العمليات الجارية في المنطقة. ومن جهته يريد كويزومي استثمار الزيارة لاستعادة نسبة من الشعبية التي فَقَدَها نتيجة إقالته وزيرة خارجيته تاناكا الشهر الماضي. ويأمل بأن تكون مطالبة بوش له لإنعاش إقتصاد اليابان ورقة تساعده كويزومي في مواجهة المحافظين ضمن حزبه الذين يقفون ضد سياساته الإصلاحية. ومن المتوقع أن يدرس بوش وكويزومي ما يمكن لليابان فعله في عملية سلام الشرق الأوسط. وذكر مسؤول ياباني رفيع من وزارة الخارجية في تصريح خاص ل"الحياة" أن اليابان مستعدة للقيام بمبادرة في المنطقة عندما تحين فرصة "متوقعة قريباً". لكن الخبير الأمني توقع أن يعمل بوش على إقناع اليابان باتخاذ موقف متشدد من المنظمات العربية "الموصومة بالإرهاب" مثل "حزب الله" و"حماس" وغيرهما. وقال: "ليس من المستبعد أن يعرب كويزومي الذي يتميز بتصريحاته القوية عن تفهمه للمطلب الأميركي". ويكتسب الشرق الأوسط أهمية متزايدة في مجال العلاقات الثنائية اليابانية الأميركية التي يصفها مسؤولو البلدين بمناسبة وبدون مناسبة بأنها أهم علاقات في العالم. يضاف لذلك بروز اهتمام استراتيجي متنام لأميركا بوسط آسيا يجعلها أكثر إنجذاباً لقضايا الشرق الأوسط وهذا ما قاله جيوفري كيمب مدير البرامج الإستراتيجية الإقليمية في مركز نيكسون وهو مركز أبحاث مقره واشنطن في ندوة عقدت في طوكيو الخميس الماضي. وحسب تعبيره فإن عملية السلام إنتهت الآن "ولا أعتقد أن اميركا قادرة على فرض تسوية ولن تقوم بذلك نظراً للتكاليف السياسية".