لو كنت الرئيس ياسر عرفات لوجهت هذه الرسالة لشعبي وأمتي والعالم: كلمة اخيرة ألقيها الى شعبي الحبيب، وإلى شعوب العالم قاطبة، وإلى زعماء العالم الأول والثاني والثالث، وإلى كل بشر يحمل ضميراً حياً، ولديه رغبة في السلام والحب، إليكم جميعاً أذكر بما جرى. في سنوات النضال الطويلة من حياة المقاومة المجيدة. لقد نذرت نفسي وإخواني المناضلين الى المقاومة. لقد بدأنا المقاومة المسلحة عام 1964، وتأسست المنظمات المختلفة، وانضوت جميعها تحت لواء المجلس الوطني الفلسطيني، رافضين الاحتلال حتى النصر. وقامت حرب 1973، وللمرة الأولى يشعر المحتلون انه ليس هناك نصر للأبد، وليس هناك هزيمة للأبد. وتحطمت اسطورة الجيش الذي لا يقهر. وسعى العالم بعد ذلك للسلام في منطقة الشرق الأوسط. ودارت الوساطات، تنتهي منذ روجرز حتى ايامنا هذه، وحقق الضغط الأميركي على السادات معاهدة سلام مشوهة مع مصر، أخرجت مصر الدولة من المجابهة مع العدو، وأبقت مصر الشعب. ودارت الدوائر وتزاحمت الأحداث وجاءت حربا الخليج، الأولى والثانية، وفرضتا على الأميركان شراء ود حلفائهم من العرب بوعد بإحلال سلام عادل وشامل بين العرب والإسرائيليين، وقام مؤتمر مدريد علناً. وسعينا الى السلام لأننا دعاة سلام واسترجاع حق وتحرير ارض. وكان يا إخوتي خطأي الأول والأكبر ان صدقنا ان الإسرائيليين يرغبون في السلام. فذهبنا الى اوسلو في غفلة واستغفال من اخواننا العرب، وبسرية لا نملك حقها، فلم يعلم من شعوبنا العربية احد بهذه الاتفاقات الأوسلوية الخادعة. وكم كان هذا الخطأ شنيعاً. فهذه القضية حق يملكه جميع المسلمين والعرب، ولا يحق لأحد ان ينفرد بهذا القرار. وتصورنا ان بيريز، وبعده رابين وشامير، قد يقنعون بأن يعيشوا في سلام مع الشعب الفلسطيني، كما كان اليهود في سابق عهدهم في فلسطين. إلا ان جزءاً من الشعب الإسرائيلي صاحب المصالح المتعارضة مع العيش بسلام قام وقتل رابين، شريك الاتفاق. وجاء بيريز وبعده المراوغ الأكبر باراك، لتبدأ المزايدات الجديدة. واتفاقهم المجحف بحقنا في اوسلو لم يعودوا راغبين في تنفيذه. وجاء النموذج الأسوأ، أو العينة المثلى، من متعطشي الدماء. جاء نتانياهو وبدأ المراوغة من جديد. ويأتي شارون، شارون الملطخ بدماء الأبرياء في جميع اصقاع الأرض، من عصابات الصهاينة الأولى حتى صبرا وشاتيلا. انظروا الى من يتزعم هذه الدولة! جاء شارون وازدادت الضربات حتى بات يهدم كل بناء، ويقتل ويخطف كل بشر يتمكن منه. وترافقه مساندة غير محدودة من الولاياتالمتحدة. ورحنا ننظر حولنا لنرى من أين ستأتي الضربة المقبلة. لقد زرعوا مستوطناتهم في كل بقعة من بقاع الضفة وغزة، ولا يفصل بين كل مستوطنة وأخرى اكثر من كيلومتر واحد، او اثنين. وراح حلف شارون يزداد سوءاً وشراً، وراحت روح الشيطان تتمكن منه. لقد وصلنا الى مفترق طريق يجبرني ان أقول لكم، بني البشر، ما يلي: لقد قررت العودة الى صفوف المقاومة كجندي يرفع سلاحه ليحمي طفلاً يتيماً وامرأة مسنة وشيخاً طاعناً ليحمي كل ذرة تراب عاش عليها آبائي وأجدادي وسيعيش عليها احفادنا. إنني ارمي ببدلتي النظيفة كي اعود لألبس تراب المقاومة المشرف، وأدعو اخوتي اعضاء السلطة والمجلس ومنظمة التحرير وجميع فصائل المقاومة الى مثل ذلك. كنا نظن ان هناك احداً في العالم يحمي هذا الاتفاق، وأصدق القول لكم انني وجدت انه ليس هناك في العالم منظمة تسمى الأممالمتحدة ونظاماً عالمياً، وليس هناك منظمة تهمها حقوق الإنسان، كما انه ليس هناك منظمة تدعو الى السلام. إن ما هو موجود في العالم هو القوة، عسكرية وجبروتية ولا يفل الحديد الا الحديد. وإنني، في الختام، أطلق رصاصة المقاومة الشريفة مرة اخرى. وأرجو ان لا يكرر زعيم آخر خطأي بالوقوف في منتصف طريق المقاومة ليصدق الخداع الصهيوني والأميركي. الرياض - فهد عبدالإله المديان