من أول نظرة تتفحص أصابعه: هل تحمل "دبلة" ما؟ اذا كان الامر كذلك فانها تصرف النظر عنه حالا، اما اذا كانت اصابعه خاوية فلا بأس من بعض المحاولة لعلها تنجح. هذا الهاجس الانثوي يطارد الفتاة في كل مكان، وفي المجتمعات التقليدية يتحول الهاجس الى حالة توجس اخلاقية يراها البعض كارثة حلت مع المدنية الحديثة التي تشتعل في الاخضر واليابس فتحرق العادات والتقاليد، ولكن، ما الحيلة اذا تحولت آنسات العائلة الى عانسات؟ وتتوهح الفتاة أناقة، ولكن، لا رجل يستطيع اقتيادها الى عش الزوجية؟ .. وكل عام يمر هو قرن يزحف على القلوب الغضة التي غرفت من بحر الرومانسية في عز حصاراتها، وعرفت ما معنى ان يكون مع الفتاة شاب يعطيها الاستقرار النفسي وأنها ستدخل دورة الحياة الطبيعية من زواج وولادة. آراء حنان 25 سنة وموظفة في القطاع الخاص واجهت السؤال عن تأخر زواجها بحرقة: تعبت ، بصراحة تعبت ، أيمكن أن اعرض نفسي أمام الشباب لأقنع أحدهم بالزواج ؟! وما هو الحل في رأيها؟ قالت حنان: لا أعرف، أشعر بالضياع لأنني وحيدة وتائهة، نعم أعيش في جو أسري مستقر، ولكن، لكل شخص في العائلة مشاغله، بينما صاحب الحصان الابيض لا يزال تائها لم يصل الى البيت. تضيف: بعض صديقاتي تزوجن، ولكن للأسف بعد خسائر صعبة لا اتصور ان أقدمها لأن النتائج في مهب الريح، كل يوم أخر ج للعمل بكامل زينتي، لا تفوتني نظرات الشباب، خصوصاً المتزوجين، أعرفها جيدا تلك النظرات ولكن حتى العزاب يريدون أن نكون صديقات فقط. وتأخذ حبل الحوار زميلتها في المكتب الاداري الذي يطل على مجموعة من الشباب العاملين في ورشة كبيرة للحداده، تقول ص: كل يوم لا حديث لنا أنا وحنان الا عن العريس الذي تأخر، هل تصدق أننا ندخل الانترنت احيانا للكشف عن الراغبين في الزواج، اصبحت العملية مخجلة. تضيف: ندرك جيدا ان كل يوم يمر معناه ان الامل يتبخر اكثر، ما فائدة أن نعمل من الصباح الى المساء اذا لم يكن من اجل اسرة نبنيها وتكون سلاحنا للمستقبل. ولكن، ألم تفتحي قلبك لشاب ربما يخشى ردك وفهمك له خطا؟ تجيب ص: ربما نفكر بتسرع أحيانا ونقنع انفسنا بقبول أي شاب ولكن لا نريد ان نخرج من شبح العنوسة الى كارثة الزواج لانه قائم على الاحترام، هناك شباب لا يجدون وظيفة ويتمنون ان يجدوا فتاة تقبل بهم خاصة اذا كانت مدرسة، لكن الشباب المؤهل لا يريد ان يتحمل المسؤولية، وقابلت في حياتي نماذج منهم يرغبون بالخروج مساء والحديث عن الشقة الخاصة. وتتحدث بحرقة عن هذه المعاناة: كثرة الفتيات أوهم والشبان بكثرة الفرص، لذا فانهم يستغلون رغبة الفتيات وعواطفهن ولا اقصد بذلك اتجاها معينا في طريقة الاستغلال. سهام مدرسة في القطاع الحكومي ردت على السؤال "هل هي متزوجة؟" بسؤال آخر: وهل وجدت لي زوجا؟ تضيف: للأسف ان الشباب "يضحكون علينا" فنحن نسلك الطريق المستقيم للحديث عن طبيعة الحياة بين اثنين المتمثلة في الزواج، وهم يريدون فترة من الخروج معا مبررين ذلك برغبتهم في التعارف اكثر، البنت منا لا تصدق انها بدأت في مشوار الحصول على ضمانة المستقبل وتدريجياً تبدأ رحلة التنازل، واغلب تلك التنازلات تنتهي الى انهيارات عصبية وليال من البكاء فيما يشد الشاب رحاله الى اخرى يعيش معها دور العاشق. حكاية من نوع آخر ز0سليمان مدرسة لغة انكليزية تتحدث عن حكاية من نوع آخر، تقول: احببته كأنني لم أعرف الحب الا على يديه، اقنعته بضرورة الزواج واعتذر بعجزه ماليا، استلفت من البنك واعطيته المبلغ ليأتي الى اهلي ويتقدم الى خطبتي، كنت واثقة من مشاعره، اختفى مدة اسبوعين، وسألت عنه صديقه الحميم الذي هو زميلي في العمل، قال انه لم يرجع بعد؟ ومن غير ان يشعر انني لا اعرف شيئا مقال: انه لم يجد حجزا الى بانكوك مباشرة ويمكن ان يسافر الى مسقط عن طريق ماليزيا ؟ تقول: لا تتصور الصدمة الرهيبة التي عشتها، والى الآن لا زلت اسدد للبنك المبلغ الذي استلفته فيما طار حلم الحبيب المنتظر. هذه الحكايات نماذج من واقع معاش، آلاف العوانس ينتظرن، واخريات اكملن دراساتهن ويبحثن عن الزوج اكثر من الوظيفة، واذا لم يكن كذلك فانهن يبحثن عن الوظيفة لاقناع شخص ما بقدرتهن على تحمل تكاليف الحياة معه. حياة مختلفة وفي المجمعات التجارية في مدينة القرم، ارقى مناطق العاصمة العمانيةمسقط يسير الشباب من الجنسين في مجموعات، واحيانا مجموعات مختلطة، ربما لا تشاهد أي حاجيات تحملها الايادي كمشتريات من المحلات الجميلة ولكنها قد تضم بين اصابعها رقم هاتف لفتاة جميلة او رقم سيكون بعد دقائق في حقيبة اجمل. خالد الصالحي يقول: أجيء كل يوم الى هنا مع اصدقائي ، بالطبع لا نملك نقودا تكفي للشراء كل يوم، لكن، ماذا نفعل في المساء؟ يضيف : الجلوس في الشقة ممل ونأتي الى هنا لمشاهدة هذه الوجوه الحلوة. هل يمكن ان تجد عروسا من هنا؟ يرد بضحكة ": طبعا لا، عندما اتزوج فانني ابحث عن واحدة لم تدخل مجمعا تجاريا ذات يوم لاننا نرى بلاوي كل يوم، يضيف : يقولون ان الامور افضل في الخارج ، فهنا بعض الفتيات لا يستجبن ولا يسألن الا عن موعد التقدم لخطوبتهن، وبصراحة لا افكر في الزواج قبل ان ابلغ 35 سنة، وحتى ذلك الحين ابحث عن فتاة تكون لي صديقة. ولكن، هل هذا صواب في مجتمع مسلم يتحدث عن العادات والتقاليد، يجيب زميله علي الصقري: إذا كانت البنت راضية فهي حرة، لان من بين البنات من تحب الدخول في مغامرات عاطفية لانها تدرك ان الزواج حلم بعيد، كل واحد فينا محتاج للآخر والظروف تحكم. أي ظروف؟ يجيب خالد الصالحي: بعد البحث ثلاث سنوات عن العمل وجدت وظيفة لو وفرت راتبها كله سأحتاج الى خمس سنوات لأجمع المهر وتكاليف الزواج، او اذهب الى البنك وارهن نفسي. وهل عندكما صديقات؟ يقول خالد : بعد جهد حصلت على واحدة ، لكنها اول ما وجدت شابا آخر يضحك عليها بكلمة الزواج تركتني ، كل يوم اكلم واحدة ، والسؤال الاول : هل انت متزوج ، اقول لا ، هل لديك الرغبة في ان نرتبط؟ ومن هنا تأتي اللحظة الحاسمة ، وهذا يتوقف على اسلوب كل واحد منا وشطارته في اقناعها بالزواج او بالصداقة مؤقتا .. ربما حتى نجد فتاة اخرى. نمو مذهل وبالطبع فان هذه النماذج لا تمثل الا شريحة محدودة لكن الخطر يكمن في نموها بطريقة مذهلة ، وخصوصاً وأن ظروفا معينة تغذي نمو هذه النماذج ، في الفضائيات التي تعلم الجنسين عادية الاشياء، او في مخرجات التعليم التي تضع قطبي القضية في حالة ملل لا بد من مجال لكسره، وتبقى نسبية الاشياء حسب ظروف التربية والمحظورات الاسرية وتفكير كل شاب او فتاة. وما زاد العلاقات تواصلا اكثر وجود الهاتف النقال الذي اصبح خطا عاطفيا ساخنا تمتد فيه لحظات الاقناع بالخروج معاً الى الساعات الاولى من الفجر، وغالبا ما تصبح المعادلة: الفتاة تتمناه زوجا تعبر معه الى المستقبل يصنعانه معا، وهو يريدها صديقة حتى اشعار آخر، ومن ينتصر هو الذي لن يخسر. ومنهن من لا تمانع ان تجد الحاج متولي فتنضم الى ضرة فهي واثقة انها ستكسب الرجل الى صفها بشطارتها .. ولكن، حتى الحاج متولي ندر وجوده في عمان بعد ان كان مقيما دائما، خصوصاً في حاراتها القديمة.