واصلت اسرائيل حملة التحريض السياسية والاعلامية ضد "حزب الله" وايران على نحو يمكن اعتباره تأجيجاً حامي الوطيس جاء منسجماً مع التحركات الأخيرة للادارة الاميركية والتي توجت بخطاب الرئيس جورج بوش عن "وضع الأمة". وفي اطار هذا التأجيج، اتهم وزير الخارجية شمعون بيريز في كلمة ألقاها في الكنيست، قادة ايران بالسعي الى "إبادة اسرائيل بواسطة الصواريخ" وتزويد "حزب الله" عشرة آلاف صاروخ يتراوح مداها بين 20 و70 كيلومتراً من شأنها ان تشعل المنطقة بأسرها. وأفادت صحيفة "هآرتس" امس ان رئيس الحكومة ارييل شارون عقد ليل الاربعاء - الخميس اجتماعاً خاصاً بمشاركة بيريز ووزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر ورؤساء الاجهزة الأمنية للبحث في "التهديد الايراني" وانعكاساته على اسرائيل. وقالت ان رؤساء الاجهزة المذكورة عرضوا تقويماتهم وبحثوا في المواقف التي سيعرضها أقطاب الدولة العبرية في زياراتهم الوشيكة للولايات المتحدة. وأبلغ شارون المجتمعين بضرورة تكثيف اسرائيل جهودها حيال هذا التهديد من خلال تجنيد تأييد دولي ضد "التهديد الايراني المثلث" المتمثل بدعوة ايران الى القضاء على اسرائيل ثم دعمها الارهاب الفلسطيني واللبناني وسعيها الى الحصول على قدرات نووية وصواريخ طويلة الأمد. وزادت الصحيفة ان بن اليعيزر يريد من الموضوع الايراني ان يكون المركزي في محادثاته مع نظيره الاميركي دونالد رامسفيلد الاسبوع المقبل، اما بيريز فسيقترح على نظيره الاميركي كولن باول تعزيز التعاون الاميركي - الاسرائيلي لدعم الجمهوريات الاسلامية في الاتحاد السوفياتي السابق التي لها حدود مشتركة مع ايران. وكان مستشار وزير الدفاع اوري لوبراني الذي زار واشنطن أخيراً بحث مع كبار مسؤولي الادارة الاميركية في "السبل التي يمكن اتخاذها من أجل اسقاط النظام الايراني الحاكم"، وطُرح اقتراح حض الشعب الايراني علناً وتشجيعه ضد النظام الايراني. الى ذلك، قالت وزارة الخارجية الاسرائيلية انها بصدد اعداد ما يسمى ب"الكتاب الأسود" يستعرض التهديدات الناجمة عن الجهود الايرانية للحصول على أسلحة الدمار الشامل "ووقوف ايران وراء شبكة الارهاب الدولية". وأشارت "هآرتس" الى ان اسرائيل تستمد التشجيع من خطاب بوش أول من امس وتحديداً اعلانه ان الحرب ضد الارهاب ما زالت في بدايتها واشارته الى "محور الشر" الذي يشكله العراقوايران وكوريا الشمالية وحليفاتها الارهابية. وفي اطار هذا التأجيج ايضاً سربت شعبة الاستخبارات العسكرية لصحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية تقريراً مصنفاً سرياً تنشره اليوم ويتناول ما تسميه "خطة المراحل التي بلورها حزب الله لإبادة اسرائيل تحت شيفرة: القدس". وحسب تقرير الشعبة فإن "حزب الله" تزود أخيراً عشرة آلاف صاروخ "كاتيوشا" وصواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول الى مدينتي حيفا وطبريا "كما انه أعد جيشاً احتياطياً كبيراً من سكان جنوبلبنان وأقام بنية تحتية استخبارية في أوساط العرب في اسرائيل عن طريق تجار مخدرات وعناصر في جيش لبنانالجنوبي المنحل"، مضيفاً ان زعيم حزب الله الشيخ حسن نصرالله يتحين الوقت المناسب لتنفيذ خطته ابادة اسرائيل. وزاد: "وراء الستار تتدحرج خطة الجهاد الأكبر مدعومة باعتقاد رؤساء المنظمة ان الانتصار على اسرائيل يمكن تحقيقه من خلال 10 آلاف صاروخ تهدد اسرائيل من لبنان، وبفضل ميزان ردع استراتيجي قد يقيد يدي الجيش الاسرائيلي ومن خلال عمليات استنزاف وارهاب وتفكك ديموغرافي سيضرب اسرائيل من داخلها ان اقتضت الحاجة من خلال حرب شاملة في المنطقة... وبالنسبة الى نصرالله فإن المسألة مسألة وقت فقط". وتنقل الصحيفة تقدير الشعبة الاستخبارية ان الأسلحة التي يملكها "حزب الله غير متوافرة بحجمها لدى أي منظمة ارهابية أخرى في العالم". ويتابع ان "وجود مثل هذا الكم من الذخيرة يشكل رادعاً، بحد ذاته، لاسرائيل". ويتحدث التقرير عن تدريبات عسكرية مكثفة ومتواصلة للمئات من عناصر "حزب الله" النظامية، اضافة الى آلاف أخرى "يمكن اعتبارها جيش احتياط"، ويزيد ان صواريخ أرض - جو السورية تمنح غطاء جوياً لهذه التدريبات، اضافة الى "التحصينات الواسعة لحزب الله واقامته عشرات المواقع العسكرية التي تمكنه من السيطرة على أي بلدة اسرائيلية بمحاذاة الحدود مع لبنان، وخلال دقائق بعد اعطاء الأوامر، والجنوب الشيعي، حتى خط صيدا مجند كله لتنفيذ خطة القدس". وينتقل التقرير للحديث عما يسميه "أذرع حزب الله في مناطق السلطة الفلسطينية واسرائيل" وانهنجح في اقامة خلايا نائمة في أوساط عرب الداخل وفي الجليل "كما أقام خلايا ارهابية وجند عملاء لتهريب أسلحة". ويتابع ان ايران اشترطت تزويد السلطة أسلحة عبر سفينة "كارين ايه" بعدم قيام السلطة بالتشويش على نشاط "حزب الله" في المناطق الخاضعة لسيادتها. وينقل التقرير عن ربان سفينة "سنتوريني" التي اعترضتها اسرائيل في ايار مايو الماضي، وقالت انها كانت في طريقها الى السلطة الفلسطينية قوله ان "علاقات حميمة نشأت بين عناصر جماعة نصرالله المتطرفين وعناصر في حركة فتح العلمانية". وتتهم الاستخبارات زعيم "حزب الله" بالسعي الى تهريب المخدرات من لبنان الى اسرائيل بكميات كبيرة "من خلال رؤيته ضرورة استغلال نقاط الضعف في المجتمع الاسرائيلي والمخدرات احداها". وتتابع ان "حزب الله" يعي ايضاً ان العرب في اسرائيل هم نقطة ضعف اسرائيلية و"يسعى لتحويلهم طابوراً خامساً في خدمة الجهاد". وينهي التقرير: "المفتاح لكل هذه التوقعات موجود في يد ايران التي ترعى حزب الله، كما انه في يد نصرالله ونائبه عماد مغنية!، اذ يعتقد الأول ان حب الصهاينة للحياة الي يجعلهم يعلنون الحداد على كل ضحية سيؤدي الى انهيارهم نهاية الأمر".