رأى مراقبون إسرائيليون ان رئيس مجلس الأمن القومي افرايم هليفي لمح، في تهديده برد عسكري إسرائيلي ب"وسائل غير عادية" على هجوم إرهابي يوقع عدداً من القتلى الإسرائيليين، إلى احتمال لجوء الدولة العبرية إلى قدراتها النووية، مشيرين إلى أن هليفي، رئيس جهاز المخابرات "موساد" حتى زمن وجيز، ما كان ليطلق تهديده من دون الحصول على ضوء أخضر من رؤسائه. هدد وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز بأن هجوماً بيولوجيا ًأو كيماوياً أو نووياً على اسرائيل أو عملية ارهابية كبيرة ضدها ستغير وجه العالم تغييراً جذرياً، وقال ان وجود اسلحة غير تقليدية لدى دول وتنظيمات يشكل خطر حقيقياً على سلامة اسرائيل والعالم وان من شأن ادخال وسائل قتالية جديدة الى المنطقة ان يؤثر في طبيعة السلوك السياسي الاسرائيلي في السنوات المقبلة. وتابع في محاضرة له امام مؤتمر هرتسليا امس ان "الواقع الكوني" سيتغير بعد الحرب المتوقعة على العراق وبعد اخراج هذا البلد من دائرة التهديد "لكن السؤال يبقى من يحل محل العراق كمحور مركزي في دعم الارهاب أو كمركز ثقل راديكالي"، مضيفاً ان سورية أو ايران قد تكون في هذا الموقع. واتهم موفاز الفلسطينيين باختيار العنف منذ اتفاقات اوسلو لتحقيق أهدافهم، وقال انهم لا يبحثون عن التسوية انما عن اعادة حقهم المسلوب وقد بدأوا معركتهم الحالية ظناً منهم ان العنف سيحقق لهم ما يريدون. وزاد ان الرئيس الفلسطيني فشل في كل أهدافه وانه ينبغي ان تشمل الاصلاحات في السلطة الفلسطينية تغيير القيادة. وأعلن أفرايم هليفي رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في مؤتمر هرتسليا السنوي حول "ميزان المناعة والأمن القومي" أن "عملية إرهابية استراتيجية" ضد أهداف إسرائيلية إنما تعني تهديداً بإبادة شعب والقضاء على دولة وتقويض أركانها "ما سيسبب تغييرات كبيرة في الأساليب المعهودة في الإدارة والسلوك" تضع أمام إسرائيل خيارات عدة للرد "لم يكن المجتمع الدولي يتقبلها حتى اليوم". وزاد انه ينبغي النظر إلى محاولة اسقاط الطائرة المدنية في سماء كينيا الأسبوع الماضي، كأنها انتهت بكارثة حقيقية، مضيفاً ان إسرائيل سترد على أي "عملية إرهابية للجهاد العالمي أو أي منظمة أخرى" بقسوة غير مسبوقة، إذ ستتغير قواعد اللعبة وساحاتها و"حينها سيتفهم العالم ردنا". وكتب المعلق عميت كوهين في صحيفة "معاريف" يقول إن هليفي عنى في تهديداته أن إسرائيل ستختار أكثر من هدف لردها، و"بعد أن تتيقن من هوية الدولة أو الدول التي تقف وراء عملية إرهابية كبيرة استهدفتها ستقوم بسحقها"، مورداً مثالاً على ذلك أنه إذا تبين أن "الجهاد الإسلامي" نفذ عملية كهذه، فإن المناطق الفلسطينية لن تشهد وحدها "رداً غير مسبوق"، إنما سيتم توجيه ضربة عسكرية لسورية أيضاً. وأضاف المعلق ان استشهاد هليفي بقيام الولاياتالمتحدة بانشاء محاكم خاصة، بعد اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2000، إنما أراد القول إن إسرائيل لن تقيم أي اعتبار لمحكمة العدل العليا وستقوم بعمليات ترحيل جماعي والمساس بعائلات المنفذين وغيرها من الاجراءات "التي ستصبح مشروعة". واضاف: "اراد هليفي القول إن الظروف تغيرت وإسرائيل لن تنضبط أكثر ولن تبحث عن أدلة أو تبريرات، إنما ستنفذ عمليات سحق". من جهته، قال رئيس أركان الجيش الجنرال موشيه يعالون للمؤتمرين إنه يعارض، من وجهة نظر عسكرية، اخلاء مستوطنات معزولة في المناطق الفلسطينية المحتلة "لأن من شأن ذلك أن يشجع الإرهاب". وأضاف ان جيش الاحتلال لم يعد يكتفي بعمليات دفاعية في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية، إنما يقوم بنشاطات هجومية "أثبتت نجاعتها في محاربة الإرهاب". وحذر يعالون من احتمال أن تؤدي المواجهات مع الفلسطينيين إلى "تصعيد في المنطقة يهدد أسس معاهدتي السلام مع مصر والأردن". وزاد أن من أبرز العوامل ذات التأثير الاستراتيجي البعيد المدى على المنطقة الصواريخ البالستية وأسلحة الدمار الشامل ونتائج الحرب الأميركية المتوقعة على العراق والجمود السياسي. ودعا قائد سلاح البحرية ميجور جنرال يديديا يعاري إلى توسيع رقعة "الحرب على الإرهاب" التي تشنها إسرائيل لتطال أيضاً الزعماء الروحيين والمعلمين الذين يبثون التحريض ضد إسرائيل. وقال إن "من يصدر فتوى تؤمن الجنّة للانتحاري أو تدعو إلى قتل صحافية نيجيرية أهانت النبي محمد، يجب أن يدرك أنه هدف في المعركة ضد الإرهاب". وتابع أن ثمة صعوبات تواجهها إسرائيل في مواجهة التهديدات "التي لا تشتمل على عناصر حرب شاملة، القتال في البحر والجو حيث قوتنا الحقيقية"، مضيفاً أن التهديد الجدي يأتي من الدول التي ليست لها حدود مشتركة مع إسرائيل، مثل العراق وإيران، وان مواجهة هذا التهديد جواً وبراً لا يمكن أن تكون ناجعة "ما يحتم علينا منح الجبهة البحرية أهمية أكبر لأن القيود على عمليات بحرية ومداها أقل بكثير من تلك على العمليات الجوية والبرية، فضلاً عن إمكان الوصول إلى أهداف بعيدة.