بيروت - "الحياة" - كرست محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي عفيف شمس الدين، في حكم مبرم لا يقبل اي طريق من طرق المراجعة، الحكم الصادر عن محكمة المطبوعات في 21 تشرين الاول اكتوبر الماضي والذي قضى باقفال محطة "ام تي في" وإذاعة جبل لبنان اقفالاً تاماً. واستندت المحكمة الى ان وكلاء الدفاع عن المحطة والاذاعة، لم يتقدموا بطلب استئناف امامها للقرار الصادر عن محكمة المطبوعات بهيئتها السابقة برئاسة القاضي لبيب زوين في 4 أيلول سبتمبر الماضي، وكان يجدر بهم استئناف هذا القرار وليس القرار الصادر عن محكمة المطبوعات بهيئتها الجديدة برئاسة القاضي سمير عالية والصادر في 21 تشرين الاول اكتوبر الماضي، ما ادى الى رد الاستئنافات في الاساس وقبولها في الشكل، "لأن محكمة التمييز لا تستطيع ان تضع يدها على الحكم تاريخ 4 ايلول، لأنه لم يطعن به امامها". وفي ضوء ذلك، لم يعد امام المحطة والاذاعة اي طريق للمراجعة، لأن المهلة القانونية المعطاة للمستأنفين والبالغة شهراً من تاريخ صدور القرار، اي من تاريخ 4 ايلول الماضي انتهت. وانتقد قرار محكمة التمييز الذي صدر بالاتفاق وليس بالاجماع، الحكم في تشرين الاول باعتبار انه كان على محكمة المطبوعات بهيئتها الجديدة عالية التقيد بالوصف الذي اعطته هيئتها السابقة من ان قرار التوقيف رجائي، وبعدم تقيدها بذلك تكون خالفت القانون، وكذلك بعدم بحثها الطريقة غير الاصولية التي بمقتضاها وضعت المحكمة يدها على الدعوى عندما قضت بالاقفال بمقتضى قرار 4 ايلول، الذي خالف ايضاً وفي آن معاً مبادئ اصول المحاكمات المدنية والجزائية فجاء منعدم الوجود ويقتضي الرجوع عنه، اذ لا يجوز تطبيق المادة 68 من قانون الانتخاب لأن الغاية منها تأمين سلامة العملية الانتخابية، وبانتهائها، ينتفي مبرر فرض التدبير، وبالتالي فإن المدة القصوى للاقفال يجب ألاّ تتجاوز مدة هذه العملية. وأعطت محكمة التمييز وصفاً جديداً للقرار الذي صدر في 4 ايلول، إذ اعتبر قراراً رجائياً، وانه صدر انفاذاً لما ورد في المادة 68 عن محكمة المطبوعات وهو يخضع للطعن مثله مثل اي حكم آخر، خلافاً لما قالته محكمة المطبوعات والنيابة العامة التمييزية. وكان يجدر بالمستأنفين استئناف قرار 4 ايلول، لأن محاكم الدرجة الاولى، اي محاكم التمييز تقبل الاستئناف الا ما استثني بنص خاص، ولم يرد في قانون الانتخاب ما يمنع الطعن استئنافاً بالحكم او بالتدبير موضوع الدعوى، فضلاً عن ان احكام محكمة المطبوعات تخضع للمراجعة امام محكمة التمييز. وانتقدت محكمة التمييز ايضاً ما ورد في نص المادة 68 من قانون الانتخاب اعتبرت انه جاء مجتزأ وناقصاً وخالياً من اي تفاصيل او تحديد للاجراءات، او الآلية الواجب اتباعها من اجل تطبيقه على رغم الاهمية التي تترتب عن هذا التطبيق، وانعكاس ذلك على الرأي العام ومصالح من يطاولهم، ما خلق بلبلة واختلافاً في الآراء تبديا في الحكمين الصادرين عن محكمة المطبوعات وفي التعليقات الفقهية عن كل منهما. وينتهي حكم المحكمة الى الاشارة الى انها لا تستطيع ان تلبي طلب المستأنفين البحث في مدى قانونية وضع محكمة المطبوعات يدها على الدعوى، ولا في ما اذا كانتا تعاطتا الاعلام او الاعلان الانتخابي، ولا في ما اذا كان الاقفال يجب ان يكون لمدة محددة، ولا في طلب تحديد مدة الاقفال، طالما ان القرار الاساس في 4 ايلول الذي قضى بالاقفال لم يطعن به امامها، ولم يعد بالتالي من حاجة الى البحث في بقية الاسباب المدلى بها. وتعليقاً على الحكم انتقدت ادارة ال"ام تي في" بشدة قرار محكمة التمييز، وقالت في بيان ان "الحكم لم يصدر باسم الشعب اللبناني واصفة اياه بأنه اعدام للمؤسسة وحكم جائر صدر باسم اهل السلطة وهو غير مستند الى اي مادة قانونية". وقالت ان "خطورة الاقفال لا تكمن في انها تشكل ضربة لهذه المؤسسة ولا في تشريدها مئات العائلات بل تكمن في انها اثبتت بأن العدل سقط، والعدل لا بد هو الغالب ولو بعد حين". وقال وكلاء الدفاع عن ال"ام تي في" ان المحامين المتطوعين للدفاع عن المؤسسة سيدرسون النقاط التي وردت في القرار لتبيان ما اذا كان ثمة امكان للطعن. واعتبروا ان الحكم "هو تضليل للدفاع". واستنكرت حركة التجدد الديموقراطي بشدة برئاسة النائب نسيب لحود القرار وقالت في بيان انه يؤكد "المنحى القمعي والتعسفي الذي تسلكه السلطة، اذ انه من اكثر الاحكام ظلماً وتعسفاً، وان المستقبل القريب سيظهر كم ألحق هذا القرار بصورة العدالة من اضرار".