"إنها أسوأ أزمة في الموازنة تواجهها الولاياتالمتحدة الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية"، يعلن تقرير إحصائي ل"المؤسسة الوطنية لحكّام الولايات" في أميركا. وإضافة الى ان موازنات ثلثي الولايات الأميركية تعاني من خفض مداخيلها من الرسوم والضرائب بسبب الركود الاقتصادي فإن مجموع هذه الولايات يعاني من عجز متراكم قد تبلغ قيمته 50 بليون دولار، ويتوقع ان يقارب العجز في الموازنة الفيديرالية العشرة في المئة بحسب صحف بلاد العم سام. ومع ذلك رفع البنتاغون حجم إنفاقه في الموازنة الفيديرالية، "الحرب على الإرهاب"، والتحضيرات للحرب على العراق وتقديرات تكاليفها في شكل لم يسبق له مثيل. وتتهيأ وزارة الدفاع الأميركية الآن للتقدم بمشروع لرفع الإنفاق بقيمة 14 بليون دولار في مشروع الموازنة الفيديرالية للعام 2004. ويتزامن الحديث عن هذه الأرقام مع الإعلان الأميركي في الأسبوعين الماضيين عن خطوتين عسكريتين تنوي واشنطن الانفاق بسخاء لتحقيقهما: الأولى هي التهيؤ لتنفيذ الضربة النووية أو بأي نوع من أسلحة الدمار الشامل، بقنابل تكتيكية صغيرة، لدول أو مجموعات معادية تمتلك أو تتهيأ لامتلاك هذا النوع من الأسلحة، في اطار "مبدأ بوش" الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي في أيلول سبتمبر الماضي، والذي يقوم على اعتماد سياسة "الضربة الاستباقية" للخصوم على الصعيد الدولي. أما الخطوة الثانية فالإعلان عن نية أميركا إقامة الدرع الصاروخية في برنامج جديد هو "ابن حرب النجوم" الذي كان وضع في الثمانينات من القرن العشرين عهد الرئيس رونالد ريغان في سياق المواجهة مع الاتحاد السوفياتي القديم... وهو برنامج تبلغ تكاليف الأبحاث والتطوير في شأنه 4،7 بليون دولار. سبقت ذلك عودة التركيز في الإعلام الأميركي على دولتين أخريين في "محور الشر"، هما كوريا الشمالية وايران، بحجة امتلاكهما إمكانات نووية، على رغم ان الشغل الشاغل لواشنطن هو العراق. ما الرابط بين عجز الموازنة وبين هذه الوقائع كلها؟ ثمة من يعتقد ان الطاقم الأميركي الحاكم، أي المحافظين الجدد، يراهن على تجاوز الأزمة الاقتصادية الأميركية بعد الحرب أو الحروب التي ستشنها واشنطن. وانه مثلما سيؤدي إسقاط النظام العراقي الى خفض أسعار النفط وبالتالي استفادة أميركا من ذلك... فإن السياسة الدفاعية المقبلة ستنشّط الصناعات العسكرية في شكل يسهم في تحريك الاقتصاد. وسواء صحت هذه النظرية أم لا فمن الوقائع التي لا بد من ذكرها ان "32 من المسؤولين المهمين في ادارة بوش كانوا إما أعضاء مجالس ادارة أو مستشارين أو حاملي أسهم، في شركات كبرى معنية بانتاج الأسلحة" واشنطن بوست في 8 آب / أغسطس. واذا كان كُتب الكثير في الصحافة الأميركية والغربية للتعريف بمحيط بوش من زاوية صلات رموزه بشركات النفط، واللوبي الاسرائىلي، فإن الضلع الثالث لهذه الاتصالات هو شركات الأسلحة أو مراكز تابعة لها. بعض الأمثلة عما كُتب: زوجة نائب الرئيس ديك تشيني، لين، كانت عضواً في مجلس ادارة "لوكهيد مارتن" لصناعة الصواريخ والطائرات، وكان راتبها 120 ألف دولار في مقابل حضورها 4 اجتماعات سنوياً. وزير الدفاع دونالد رامسفيلد كان عضواً في "مركز السياسة الأمنية". ستيفن هادلي عضو مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض عمل في مكتب المحاماة الذي كان يمثل "لوكهيد مارتن". بيت ألدريج نائب وزير الدفاع للمشتريات، عمل لدى "ماكدونالد دوغلاس للنظم الالكترونية"، ثم لدى "ايروسبيس كوربوريشن". نائب وزير الدفاع برتبة وزير، بول وولفوفيتز كان مستشاراً ل"نورثروب غرومان". ستيفن كامبون أحد رجال رامسفيلد كان مديراً للأبحاث في جامعة الدفاع الوطني. بيتر تيتس المسؤول في البنتاغون عن السلاح الجوي كان رئيساً في "لوكهيد مارتن"، وغوردون انغلاند المسؤول عن البحرية في الوزارة كان نائب الرئيس لشركة "جنرال دايناميكس"...