يبيع تجار البسطة يوم الجمعة احدث افلام هوليوود المنسوخة على اقراص مدمجة وسلعاً مختلفة مستوردة من الصين وملابس مصنّعة محلياً وأخرى اوروبية مستعملة وأجهزة خلوي - قد تكون مسروقة - بهدف إغراء المتسوقين الذين يبحثون عن منتوجات بأسعار زهيدة في أزقة البلد وأسواقه الشعبية. ويتأمل التجار في آخر اسبوع من رمضان ان يسترزقوا من الزائرين الكثر الذين يجوبون منطقة معروفة باسم "الجورة" في احد احياء البلد الشعبية استعداداً لعيد الفطر. ولكن يوم الجمعة الماطر كان بمثابة ضربة للتجار الذين يعتمد رزقهم على هذا السوق الأسبوعي في بلد اتسعت فيه الفجوة بين الفقراء والأغنياء بسبب ظروف اقتصادية وسياسية شهدتها المنطقة. وقال خليل النمروطي 42 عاماً بائع الملابس وهو يختبئ من الشتاء: "نسترزق اللقمة وهي مغمسة بالدماء، كل شيء يأتي بالعكس، فالشتاء هو خير ولكن الناس بدأوا يتركوا السوق، مشيراً الى خيبة ظنه في يوم اعتبره "وقفه العيد". وسوق الجورة هو سوق شعبي يقام منذ عقود عدة في ايام الجمعة في ارض منخفضة نسبياً تابعة للدولة، حيث يستأجر تجار البسطة مواقعهم في مقابل عشرة دنانير. وفي الأيام العادية، تستخدم المنطقة مرآب للسيارات ويبسط البائعون في أزقة اخرى بصورة غير قانونية ما يعرضهم احياناً الى دفع غرامات هم في غنى عنها. والأسواق الشعبية هي صورة شائعة وزبائنها عادة من الفقراء ومن ذوي الدخل المحدود في بلد لا يتجاوز فيه دخل الفرد 1500 دولار في العام. قال ثائر شواهيل الذي كان يبيع اجهزة كهربائية منزلية ان زائري الجورة يريدون كل شيء "ببلاش". الشغل "مش زيادة"، الناس يفضلون الإنفاق اكثر على الأكل والشرب واللباس. ولكن ظاهرة انتشار الأسواق الشعبية ليست مرتبطة بغلاء المعيشة، وفقاً لما قاله المحلل الاقتصادي الدكتور فهد الفانك الذي اشار الى ان "متوسط التضخم في آخر سنتين لم يتعد 1،25 في المئة، وهو مقدار اقل من النسب العالمية. ولكن الأسواق الشعبية موجودة لشريحة الفقراء وليس بسبب الغلاء اذ ان 30 في المئة من سكان الأردن يعيشون تحت خط الفقر". وعلى رغم شدة المطر، قال احد الزبائن الذي كان يتفقد الملابس انه يفضل الشراء من هذا السوق لأن الأسعار ارخص مقارنة بمناطق اخرى لأن دخله الشهري يستنزف في اول اسبوع من الشهر. وأشار ابو نادر 37 عاماً الذي يبيع أقراص "سي دي" المنسوخة بخمسة وعشرين قرشاً للواحد الى ان عدد المتفرجين اكثر من المشترين. وادعى انه يخسر بسبب النشل من المارة. لكن زميلاً له قال ان البائع يحصّل ايام الجمعة ربحاً مقداره خمسة دنانير. وقال احد التجار معلقاً على حركة السوق: "الحمد لله على الشغل، ولكننا لا نستطيع الادخار، نحن نعيش مثل العصافير كل يوم بيومه".