أنقرة - "الحياة" - اختلفت الأوساط التركية حول تقويم قرار الاتحاد الاوروبي في شأن تحديد كانون الاول ديسمبر سنة 2004 موعداً لاعادة النظر في طلب تركيا بدء مفاوضات العضوية. فعلى المستوى الرسمي تجرع كل من زعيم حزب "العدالة والتنمية" رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء عبدالله غول مرارة القرار بعدما راهنت الحكومة على الحصول على دعم اوروبي اكبر تستند عليه في مواجهتها الداخلية مع العسكر والبيروقراطيين والفئات الرافضة للاصلاحات السياسية المطلوبة. كما ان بيان الاتحاد الاوروبي الذي اكد ضم قبرص حتى قبل حل مشكلة تقسيمها وضع حكومة غول في مأزق بعدما فقدت تركيا الورقة القبرصية التي كانت تساوم عليها، وأصبحت انقرة امام خيارين صعبين احدهما حل المسألة القبرصية سريعاً لضمان دخول الشطر الشمالي التركي القبرصي على الاقل الاتحاد مع الشطر الجنوبي وتحقيق تطلعات القبارصة الاتراك في هذا الشأن على رغم ما قد يعنيه الحل من تقديم تنازلات مؤلمة، او تنفيذ تهديدات الحكومات السابقة بضم الشطر الشمالي الى تركيا وهو ما قد يقطع شعرة معاوية بين انقرة والاتحاد الاوروبي. وألقى كثير من الاوساط السياسية والاعلامية باللوم على الرئيس القبرصي التركي رؤوف دنكطاش الذي رفض الذهاب الى كوبنهاغن لمناقشة الحل الاممي، مؤكدة ان موقف دنكطاش هذا احرج الحكومة وأظهر انها عاجزة عن تقديم اي شيء في الملف القبرصي مما افقدها فرصة المساومة على قبرص في مقابل الحصول على تاريخ اقرب لبدء المفاوضات على العضوية. ولعل ذلك ما دفع بالكثير من وسائل الاعلام التركية الى وصف تصريحات دنكطاش التي اطلقها من انقرة أمس في شأن نيته الاستمرار في المفاوضات بأنها جاءت متأخرة وبعد فوات الاوان. وفي المقابل فإن غالبية الاوساط الصحافية والمراقبين الاتراك فضلت النظر الى الجانب المملوء من الكأس، اذ اعتبر هؤلاء ان أنقرة باتت اقرب من اي وقت مضى من العضوية، لافتين الى ان بعض دول الاتحاد كانت ترفض في شكل مطلق عضوية تركيا. ويعول هؤلاء على ما جاء في بيان القمة الختامي الذي يؤكد ان الاعضاء الجدد وبينهم قبرص لن يكون لهم الحق في الاعتراض على عضوية تركيا وان الامر اصبح الآن بيد انقرة ورهن قدرتها على تنفيذ ما اقرته من اصلاحات سياسية، كما ان البيان يعبر عن وعد ملزم ببدء المفاوضات مع انقرة بداية عام 2005 وهو في حد ذاته انجاز. وأشار البيان الى انتهاء الخلاف على قوة التدخل السريع الاوروبية في شكل يرضي انقرة من خلال حرمان كل من قبرص ومالطا من الافادة من استعدادات الناتو العسكرية. وعلى حد قول السفير التركي السابق يالم ارالب فإن تركيا تنجح دائماً في افساد ما حققته من انتصارات سياسية وتعكس ذلك على انه خسارة لها والحقيقة هي ان تركيا ربما تكون خسرت احلامها وتطلعاتها المفرطة في التفاؤل، لكنها كسبت قراراًِ واقعياً وعملياً في شأن مستقبل عضويتها في الاتحاد الاوروبي.