بعد مساومات شاقة وطويلة تخللتها تهديدات بقطع المفاوضات وافقت دول الاتحاد الأوروبي الخمسة والعشرون على تحديد يوم الخامس من أكتوبر عام 2005 موعدا لبدء مباحثات عضوية تركيا الكاملة في الاتحاد، وخرج الرئيس الدوري للاتحاد رئيس وزراء هولندا بالكانيندي ليعلن الاتفاق النهائي مع تركيا على بدء مباحثات العضوية الكاملة. كما عقد رئيس الوزراء التركي ومعه وزير الخارجية الدكتور عبد الله غول مؤتمرا صحفيا حضره عدد كبير من مندوبي الصحف ووسائل الإعلام التركية والأجنبية الذين كانوا يغطون وقائع القمة الأوروبية، حيث أعرب عن رضاه بنتائج المباحثات مشيرا إلى أن أوربا بانضمام تركيا ستكون قوة فاعلة في السياسة العالمية. وقد عاد أردوغان والوفد التركي المفاوض إلى اسطنبول في ساعة متأخرة من الليل واستقبله عدد كبير من المواطنين عند بوابة المطار بالطبول واللافتات التي تعبر عن فرحتهم بما تحقق في القمة الأوروبية. وأهم النتائج التي أعلن عنها في قمة بروكسل في نظر المراقبين هنا هو عدم ربط مباحثات العضوية بشروط خاصة من شأنها إزعاج تركيا، ويرى الأتراك بأن الجانب التركي نجح في إزالة شرط الاتحاد التوقيع على تعهد بالاعتراف بجمهورية قبرص التي تتمتع الآن بالعضوية الكاملة في الاتحاد ، حيث اكتفى الاتحاد بأن يعطي أردوغان وعدا شفويا ، وكان لتهديد أردوغان بالانسحاب من المؤتمر وقيامه فعلا بترك القاعة والخروج أثر كبير في تراجع الاتحاد عن هذا الشرط والاكتفاء بالوعد الشفوي . وقد عقد الرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي رئيس وزراء هولندا بالكانيندي مؤتمرا صحفيا عقب الاجتماع أكد فيه بأن موافقة تركيا على شمول اتفاقية الاتحاد الجمركي لجمهورية قبرص لا تعني اعترافا بهذه الجمهورية، وإنما كانت بمثابة إجراء فني. كما نجح الجانب التركي في تعديل صيغة قرار يعني تحديد تنقل المواطنين الأتراك في دول الاتحاد بإضافة كلمة «عند الضرورة» . هذا واعتبرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية ما تحقق في بروكسل ثورة أوروبية ، بينما أجمعت الصحف التركية على أنه نجاح كبير لتركيا. من جهة أخرى أعرب رئيس وزراء الجانب التركي من قبرص محمد علي طلعت بأنه يمكن إيجاد حل لمشكلة الجزيرة خلال عشرة شهور أي قبل موعد بدء مباحثات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، بينما لمح وزير خارجية الجانب اليوناني إلى إمكانية العودة إلى مفاوضات الحل ضمن إطار خطة كوفي أنان التي رفضها القبارصة اليونانيون في الاستفتاء الذي جرى في وقت سابق. لكن الرئيس القبرصي التركي رؤوف دنكطاش كان غاضبا يوم أمس من موقف الاتحاد الأوروبي من قضية قبرص فقد اعتبره إهانة للشعب القبرصي التركي وطالب الحكومة بمنع كل من يمثل الاتحاد من الدخول إلى الجانب التركي من الجزيرة. من جانبها رحبت الصحف التركية أمس بما أسفرت عنه قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل من اتفاق على بدء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر المقبل. وقالت صحيفة «حريات» في صدر صفحتها الأولى «انتصرنا». وأضافت أن «تركيا أخذت موعدا لبدء المفاوضات ... لم نحصل على كل ما نريده لكننا لم نستسلم وننفذ كل ما طلبوه». وقالت صحيفة «ميلييت» في صفحتها الأولى «نحن أيضا هناك». وأضافت جملة قالها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في ختام مؤتمره الصحفي مساء الجمعة «إلى اللقاء. سوف نعود». وذكرت صحيفة «يني سافاك» المعروف صلتها بحكومة اردوغان في صدر صفحتها أيضا «انتصرنا». وجاء تحت هذا العنوان صورة لرئيس الوزراء كتب تحتها «خطوة تاريخية وتحرك تاريخي». ودعت الصحيفة أبناء الشعب التركي إلى الانضمام لاحتفال يقام في وسط العاصمة أنقرة السبت يعتقد بأن اردوغان سيحضره. وخاضت كل الصحف في تفاصيل اللحظة الاخيرة حيث ساد اعتقاد مبدئي بفشل مفاوضات قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل قبل أن يعلن عن النجاح في التوصل إلى اتفاق. وذكرت الصحف لكن في صفحاتها الداخلية حقيقة وضع قيود على حياة الاتراك وعملهم في الدول الأوروبية. حتى قناة الاغاني بالتليفزيون التركي ثبتت على شاشتها صورة للاعلام التركية والأوروبية كتب فوقها باللغة الانجليزية «نعم».