القاهرة - "الحياة" - بعد إعلان مفتي الديار المصرية رؤية هلال العيد، في نهاية شهر رمضان من كل عام، تبدأ وسائل الإعلام المسموعة والمرئية بإذاعة الأغاني المرتبطة بالعيد، لا سيما تلك الخاصة بسيدة الغناء العربي أم كلثوم كأغنية "يا ليلة العيد أنستينا.. وجددتِ الأمل فينا يا ليلة العيد"، التي لا تزال تحتفظ بتأثيرها الشديد في النفوس. الا ان الاحتفالات بالعيد تختلف من أسرة إلى أخرى بحسب المستوى الاقتصادي والثقافي والاجتماعي. وإن كانت الخطوط العريضة لمظاهر العيد في مصر متشابهة. ومن أبرز مظاهر عيد الفطر في مصر، "كعك العيد"، اذ تجتمع ربة المنزل المصرية مع جاراتها أو قريباتها قبل عدة أيام من العيد يعددن معاً مستلزمات صنع المخبوزات الخاصة بالعيد، ويتبادلن أطراف الحديث ويغنين الأغنيات الخاصة بالمناسبة، في حين يسارع الأطفال إلى الأفران العامة، يحملون صاجات الكعك والبسكويت، فوق رؤوسهم لخبزها. وتمتد هذه الاحتفالية لأيام عدة حتى تنهي السيدات معاً حاجات العيد لكل منهن. وتختلف هذه الصورة تماماً بين سيدات المدن، فالمرأة في المدينة لا تقبل على الاختلاط والتداخل مع غيرها إلا في حدود، وبالتالي يقتصر تحضير مخبوزات العيد على مساعدة ابناء الأسرة داخل المنزل. بينما تلجأ بعض ربات البيوت الى شرائها جاهزة من المحال والمخابز أو من الأسر المنتجة التي تبيع الكعك والبسكويت والغريبة وغيرها بأسعار أقل نسبياً من السوق. وتتجه بعض الأسر المصرية، خصوصاً في الأحياء الراقية، إلى الاستغناء عن هذه الأصناف تماماً وتكتفي بشراء بعض الحلويات الغربية والكاتو. وقبل عيد الفطر، تزدان محال بيع الأسماك الطازجة والمحفوظة بالتمليح مثل الرنجة والسردين المملح والملوحة، إذ أن المصريين يقبلون على هذه المأكولات التي يقل تناولها خلال شهر رمضان. ويحرص المسؤولون في وزارة التموين على توفير الأسماك بأنواعها استعداداً للعيد. كما أن محال الكشري التي تعتبر من أكثر المحلات رواجاً أيام عيد الفطر، تبدأ في نصب "الشوادر" أمامها، وتزيين طاولاتها، وتعليق الزينات، إذ يقبل صغار الشباب إقبالاً شديداً عليها في أيام العيد. والأطفال هم محور العيد في البيت المصري، إذ لا بد من أن يرتدي كل طفل ملابس جديدة وحذاءً جديداً خلال العيد. وملابس الأطفال الجديدة تشكل عبئاً كبيراً على الأسر الفقيرة وحتى المتوسطة الدخل، وتعد الأكثر تكلفة خصوصاً تلك المخصصة للأطفال دون سن الخامسة. وقد يرتفع ثمن فستان العيد لطفلة في الخامسة من عمرها عن ثمن فستان أمها. ومن الحلول القليلة لهذه المشكلة، الأسواق الشعبية في القاهرة مثل سوق "العتبة" و"الموسكي" حيث تتوافر ملابس العيد بأسعار معقولة، وإن كان يعيبها بعض التشطيبات النهائية وخامات الأقمشة المستخدمة في صناعتها. أما العيدية، فهي من أشكال المجاملات الاجتماعية الموجهة للأطفال. وتعني تقديم بعض النقود من الأهل والأقارب إلى الصغار لمناسبة العيد، ويتم تبادل تقديم العيديات بين الأسر. ويلاحظ ان أسلوب تقديم العيدية تغير، ففي حين كان عبارة عن مبالغ رمزية يفرح بها الأطفال ويشترون منها بعض اللعب أو الحلوى، تحولت في بعض الأسر الميسورة الحال إلى نوع من الوجاهة الاجتماعية، فكلما أراد أحدهم أن يعبر عن مكانته وعظمته بين أسرته يغالي في قيمة العيديات المقدمة لأطفال العائلة، والتي تتطلب من جهة أخرى أن يقوم آباء هؤلاء الأطفال بتقديم عيديات مماثلة وربما أكبر لأطفاله. وفي حال اختلف المستوى الاقتصادي بين هذه الأسر، تجد الأسرة الأقل دخلاً نفسها أمام مشكلة تدبير هذه العيديات. والحقيقة أن الجديد في العيد، ليس نصيب الأطفال فقط، اذ تتبارى ربات البيوت في اضافة لمسات جديدة على بيوتهن في العيد، ما ينشط حركة البيع في أسواق المفروشات والستائر والديكورات... ولكل فرد طريقته الخاصة بقضاء العيد. إيمان، أم لثلاثة أطفال، وعاملة في شركة استثمارية، تقول: "ننتظر العيد بلهفة لنروح فيه عن أنفسنا وعن أطفالنا خصوصاً أن ضغوط عملنا ومواعيده تحرمنا الاستمتاع بوقتنا معاً، واعتدنا أن نقضي أول أيام العيد في بيت العائلة حيث التقي مع إخوتي وأبنائهم. ويعتبر هذا اليوم من الايام النادرة في السنة التي نستطيع أن نجتمع خلالها كما أن تجمع أطفال العائلة معاً يضفي جواً من البهجة. وفي المساء غالباً ما نعود إلى المنزل لنستقبل ضيوفنا من الجيران والاصدقاء الذين يأتون مهنئين بالعيد. وبقية أيام العيد يحدد الاطفال كيفية قضائها، وغالباً ما يختارون الذهاب إلى الملاهي أو مدينة الانتاج الإعلامي". أما رجاء محمد، الأم لخمسة شبان ما بين المرحلة الثانوية والجامعية فتفضل أن تقضي العيد في المنزل: "الأولاد يتفقون مع أصدقائهم على الخروج أيام العيد والذهاب الى دور السينما أو الملاهي والحدائق، أما أنا ووالدهم نقضي العيد في المنزل، الخروج بالنسبة لنا صعبٌ في العيد، فالحدائق والنوادي تكون مزدحمة والمواصلات صعبة، ونقضي اليوم باستقبال المعارف والاصدقاء". من جهة اخرى يتابع الشباب آخر أخبار أفلام العيد التي تعرض للمرة الأولى في دور السينما، ويفضلون حضور العروض مع الاصدقاء خارج إطار الأسرة. وتعتبر طوابير الشباب أمام شبابيك تذاكر دور العرض المنتشرة من الظواهر الثابتة في العيد. أما زيارة المقابر، فلم تعد ظاهرة قوية ومنتشرة، وباتت تقتصر على كبار السن، أو من كان هذا العيد هو أول عيد يحل عليهم بعد فقدان عزيز لديهم، وتفضل الغالبية العظمى تقديم الصدقات على اسم المتوفى في الاسرة. من جهة ثانية ساهمت الطفرة الكبيرة في عالم الاتصالات والانترنت في تغيير اساليب تبادل التهاني بالعيد بين الناس، فتراجعت بطاقات المعايدة التقليدية وحلت مكانها بطاقات المعايدة الالكترونية على الانترنت. وتوفر المواقع العربية على الانترنت أشكالاً مختلفة لهذه البطاقات تتلاءم مع المناسبة، ومن لا يعلم كيفية استخدام الانترنت، يفوض من يجيد ذلك اجراء المعايدة الالكترونية بدلاً منه. ناهيك بتبادل الMissed Call على الهاتف الجوال حاملاً التهاني بالعيد.