حلت السينما المغربية، من سبعينات القرن العشرين ولغاية اليوم، ضيفة على مهرجان نانت السينمائي الدولي للقارات الثلاث الذي افتتح في 26 تشرين الثاني نوفمبر واستمر لغاية الثالث من كانون الأول ديسمبر الجاري. من "وشمه" لحميد بناني عام 1970 إلى "عود الريح" لداود أولاد سياد عام 2001، مرت السينما المغربية بمراحل مختلفة. فالمغرب الذي استقطب منذ نهاية الثلاثينات السينمائيين العالميين كمكان مناسب للتصوير السينمائي، صور المخرج أورسون ويلز "عطيل" فيه لم ينتج فيلمه الروائي الأول "الانتصار للعيش" لمحمد تازي قبل عام 1968. ومع هذا الفيلم أتى جيل من المخرجين كمؤمن السميحي "عنف الصمت"، سهيل بن بركة "ألف يد ويد"، وجيلا لي فرحاتي، جيل كان يأخذ على عاتقه إنتاج أفلامه في معظم الأحيان. ولم يتح لعدد من مخرجيه إخراج سوى فيلم وحيد. بيد أن الإنتاج السينمائي المغربي، وبعد سنوات السبعينات التي لم ينتج فيها سوى ستة عشر فيلماً بمعدل فيلم إلى اثنين في العام الواحد، تلقى دفعة قوية في الثمانينات بعد تأسيس الدولة صندوق دعم الإنتاج، والذي تضاعف بنتيجته عدد الأفلام المنتجة إلى نحو اثني عشر فيلماً في العام في سنوات التسعينات. وتاريخ المغرب السينمائي هذا جرى استعراضه خلال المهرجان بحضور عدد من المخرجين المغاربة ومن خلال عرض تسعة أفلام تميزت بقيمتها الفنية والجمالية وتمثل جزءاً مهماً من تاريخ السينما المغربية. إضافة إلى السينما المغربية، عرضت في "نانت" الأعمال الكاملة ثمانية أفلام، منها: "التفاحة الحمراء" و"سراب الحب" و"النازل من فهود الثلوج" للمخرج القرغيزستاني تولوموش أوكيف الذي رحل العام الماضي. وكان تومولوش الذي يعتبر من المساهمين الأوائل في خلق السينما القرغيزية درس السينما في روسيا، وصور بطريقة متفردة لم تخل من القسوة الشديدة في بعض الأحيان، شخصياته التي كانت في مواجهة مستمرة مع تقاليد المجتمع الريفي. فمن قطيع ينهش تحت مرأى طفل يواجه بمفرده ذئاباً جائعة، إلى البرد اللاسع والطبيعة الجرداء يرافق كل ذلك فقر وعوز. وكان لهذا المخرج وجهة نظره في ذلك كما عبر يوماً "إذا أردنا بالفعل تقديم الحلو إلى الجمهور، فيجب ألا نخشى تقديم الملح أيضاً. وليس الملح فقط، بل كذلك الفلفل وكل البهارات ذات النكهة القوية الحادة. وإلا فلن يكون بمقدوره التمييز بين ما هو حلو وما هو مر". وقدمت أيضاً سينما أميركا اللاتينية التي يقوى حضورها عاماً بعد آخر عبر الأرجنتين والأورغواي. كما جرى تكريم ماغي شونغ الفنانة وعارضة الأزياء وملكة جمال هونغ كونغ ونجمة السينما فيها عبر عرض عدد من أفلامها الكثيرة، إذ مثلت في عام 1988 وحده اثني عشر فيلماً. واختير للمسابقة الرسمية عشرة أفلام: من تونس "عرائس الطين" لنوري بو زيد وإيران "امتحان" لناصر رفاعي ومن الأورغواي واليابان وتايوان والهند والصين والأرجنتين وقيرغيزستان وفيلم أميركي لمخرج مكسيكي.