لم يكن المخرج المغربي نبيل عيوش يتصور أن الحملة الإعلامية التي قادها للترويج لفيلمه الجديد "لحظة ظلام" ستنقلب عليه. فالضجة المفتعلة التي أثارها في مراكش بسحب فيلمه من مهرجانها الدولي احتجاجاً على اقتراح تقدمت به إدارة المهرجان بحذف ثلاثة مشاهد بالغة الجرأة، كانت نتيجتها توريط المخرج المغربي الشاب. ويبدو وضعه اليوم حرجاً، وهو يعلن استعداده لسحب هذه المشاهد فوراً من أجل الحصول على حق توزيع الفيلم تجارياً. ويبدو أن مهرجان القاهرة الدولي ورّط صاحب "علي زاوا" أكثر فأكثر، إذ أبدى مرونة خاصة معه ووافق على عرض فيلمه الجديد من دون رقابة، فهاجم عدد من النقاد الشريط ومَشاهِدَه الجريئة، ليس فقط بسبب إباحيتها، ولكن أساساً لأنها مجانية ولا دورَ لها في سياق السرد. ولعلّ فيلم نبيل عيّوش الجديد، بمشاهده الجنسية الثلاثة أو من دونها، يبقى بعيداً من المستوى الرفيع الذي ظهر عليه السينمائي المغربي الشاب في فيلميه السابقين "مكتوب" الذي فاز مُناصفةً بجائزة أحسن فيلم عربي في مهرجان القاهرة، و"علي زاوا" الذي حصد الكثير من الجوائز العربية والعالمية، قبل أن يُرشّح لأوسكار أحسن فيلم أجنبي. "لحظة ظلام" يحكي قصة مفتش شرطة يتحرّى عن عائلة عريقة متورطة في تهريب المخدرات، وهو سيخذل جمهور عيوش إذ جاء أقرب إلى أفلام المخدرات التي هيمنت على السينما المصرية في الثمانينات. وهو ما أفرغ الفيلم من عمقه البوليسي! لهذا ربما حاول عيوش إنقاذ الفيلم بالاعتماد على كل من ثريا الفتاة التي يستضيفها المفتش وتدور حولها المشاهد المثيرة، و"نور" الراقص المغربي المعروف الذي يمارس الرقص الشرقي وسيؤدي دور مخنث تربطه هو الآخرعلاقة مشبوهة ببطل الشريط. ويبدو أن لجنة الدعم السينمائي المغربية السابقة التي وُوجِهَت بهجوم عنيف حين رفضت دعم مشروع "لحظة ظلام" العام الماضي على أساس أن السيناريو الذي قُدّم لها غير محبوك ومفكك البناء، أُعيدَ لها اليومَ الاعتبار. بل إنّ عضو هذه اللجنة الناقد السينمائي مصطفى المسناوي لم يتردد في مهاجمة اللجنة الجديدة التي سلمت نبيل عيوش "بسرعة مُريبة" ثلاثة أرباع منحة الدعم التي بلغت 270 ألف دولار قبل أن تقرر حجز الشطر الرابع من المنحة، نحو 80 ألف دولار، إثر مشاهدة الفيلم. وصرّح المسناوي بأن أعضاء اللجنة لم يحترموا القانون، ما دام صاحب الفيلم عرض عليهم السيناريو مكتوباً في شهر كانون الأوّل ديسمبر الماضي، في حين أنه كان انتهى من تصوير الفيلم قبل ذلك بشهرين. وبما أن الفيلم تلقى تمويلاً كاملاً من قناة "آرتي" الفرنسية - الألمانية، بل وصُوّر أساساً لحسابها بكاميرا فيديو رقمية باعتباره فيلماً تلفزيونياً، قبل أن يحوّله عيوش إلى فيلم سينمائي... فإن الكثيرين تحفظوا على تمويله من لجنة الدعم المغربية من حيث المبدأ... مع "لحظة ظلام" وجد نبيل عيوش نفسه في ورطة حقيقية. فهل ارتكب المخرج المغربي هفوة سيتداركها لاحقاً، أم أنّها نقطة تحوّل في مسيرة سينمائي بدأ جادّاً واعداً؟