علمت "الحياة" ان فرنساوروسيا اتفقتا على رفض اي "تلميح" الى استخدام القوة في نص القرار الاميركي الذي يناقشه مجلس الامن، وعلى رغم ان البلدين بالاضافة الى الصين، اكدا ان المشروع "أزال عدداً من الهواجس" الا انهما طالبا بإزالة الغموض عن بعض النقاط، واعلن الرئيس جاك شيراك خلال لقائه رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني في روما ان "تعديلاً اخيراً للقرار سيكون مفيداً لإزالة الالتباس، قبل طرحه للتصويت". وفيما شكك رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بإمكان التصويت على المشروع هذا الاسبوع او مطلع الاسبوع المقبل مؤكداً ان المناقشات ستستمر حول بعض بنوده، معترفاً بعدم التوصل الى اتفاق في مجلس الامن، اعلن مساعد وزير الخارجية الاميركي مارك غروسمان ان بلاده "ما كانت لتقدم مشروعاً متضارباً مع ما اعلنه الرئيس جورج بوش امام الاممالمتحدة في ايلول سبتمبر الماضي". اكدت موسكو ان مشروع القرار الجديد في شأن العراق "ازال عدداً من الهواجس" المتعلقة باستخدام القوة، الا ان ديبلوماسياً رفيع المستوى قال ل"الحياة" ان روسيا لن تقبل الصيغة الحالية وشدد على ان "مناقشة القرار لا تعني الموافقة عليه سلفاً". واجرى وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف اتصالات هاتفية مع نظرائه في الولاياتالمتحدةوالصينوفرنسا والمكسيك وجاء في بيان اصدرته الوزارة ان جميع المشاركين في المشاورات اكدوا ان الاسابيع الماضية "اسفرت عن ازالة عدد من هواجس روسيا خصوصاً في ما يتعلق بالاستخدام التلقائي للقوة". الا ان البيان اشار الى "خلافات" ستستمر المشاورات لازالتها. واوضح ديبلوماسي رفيع المستوى ل"الحياة" ان موسكووباريس اتفقتا خلال مكالمة هاتفية بين الرئيسين فلاديمير بوتين وجاك شيراك على ان اي تلميح "مبطّن" الى استخدام القوة يجعل القرار "غير مقبول" لدى الدولتين. وتابع ان الخلافات تتعلق ايضاً باجراءات التفتيش خصوصاً الفقرات المتعلقة بالمواقع الرئاسية ونقل العلماء والخبراء العراقيين الى الخارج لاستجوابهم. واوضح ان المذكرة الموقعة بين بغدادوالاممالمتحدة "لم يلغها اي من الطرفين" وما برحت قائمة في حين ان المشروع الاميركي يناقض ما ورد فيها. ورداً على سؤال عن توقعات التصويت في مجلس الامن قال ان ما سيجري في اجتماع المجلس "هو مناقشة للقرار، وهذا لا يعني الموافقة عليه تلقائياً". وتوقع ان تطلب روسياوفرنسا وربما الصين ادخال المزيد من التعديلات لجعل القرار مقبولاً لدى جميع الاطراف. لكنه حذّر من ان الولاياتالمتحدة "قد تثير مشاكل" في حال رأت ان التعديلات المطلوبة يمكن ان تغير "روح المشروع". ويشدد الديبلوماسيون الروس على ان موسكووباريس تريدان تجنب اللجوء الى حق النقض الفيتو لانه يعني مجابهة سافرة مع الاميركيين، ولكنهم رفضوا احتمال الامتناع عن التصويت لتعطيل القرار من دون فيتو، اذ انه لا يعتبر سارياً الا اذا صوتت لمصلحته تسع دول. لكن خبيراً عمل في الاممالمتحدة قال ل"الحياة" ان هذا التكتيك ينطوي على "مجازفة كبيرة" اذ ان الدول غير الدائمة العضوية يمكن ان تعلن انها لن تصوّت لمصلحة القرار ثم تغيّر رأيها في اللحظة الاخيرة بتأثير ضغوط او اغراءات اميركية. دوفيلبان: الكرة الآن في الملعب العراقي في باريس قال وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان ان مشروع القرار الاميركي بات "قريباً جداً من التوازن المطلوب" وان "الكرة الآن في الملعب العراقي". واضاف في تصريح الى اذاعة "اوروبا واحد" الفرنسية ان "الكرة الآن في ملعب العراق الذي عليه التجاوب مع الشرعية الدولية". وزاد "لا اقول اليوم ان الحرب لن تقع بل ان بالامكان تفاديها، والامر يعود الى صدام حسين الرئيس العراقي الذي عليه تلبية ما هو مطلوب منه في اطار القرار". وتابع ان امام النظام العراقي مهلة سبعة ايام للموافقة على القرار ويتبع ذلك في غضون 30 يوماً تقرير حول وضع التسلح العراقي وفقاً للجدول الزمني المنصوص عليه في القرار. واوضح ان فرنسا ما زالت تأمل في المزيد من التوضيح لبعض فقرات القرار، خصوصاً تلك المتعلقة باستخدام القوة، مؤكداً ان مجلس الامن يبقى المرجعية في كل من المراحل. واعتبر ان مشروع القرار الجديد قابل للتحسين، آملاً في ان يتم اضفاء اقصى قدر ممكن من الوضوح عليه. وقال ان العمل مستمر في اطار مجلس الامن وقد يطرح المشروع على التصويت خلال الاسبوع الجاري او مطلع الاسبوع المقبل. الى ذلك عبر عضو مجلس الشيوخ الفرنسي كزافييه دوفيلبان، والد وزير الخارجية، عن اعتقاده بان الانتصار الذي حققه الجمهوريون في الانتخابات النصفية الاميركية، يحرر الرئيس جورج بوش من اي قيود ويعزز سلطته في حال اللجوء الى القوة ضد العراق. واضاف في تصريح الى صحيفة "لو باريزيان" ان من مصلحة بوش التوصل الى قرار في الاممالمتحدة، لان تعاطيه مع "عملية على هذا القدر من التعقيد تتطلب ان يكون محاطاً بحلفاء". وعبر عن اعتقاده بأن الهجوم على العراق قد يتم خلال الفصل الاول من العام المقبل. بلير يقرّ بعدم التوصل الى نتيجة في لندن شكك بلير في امكان التوصل الى اتفاق قبل بداية الاسبوع المقبل على القرار الاميركي. وقال الناطق باسمه خلال مؤتمر صحافي ان "رئيس الوزراء يقر بأننا لم نتوصل تماماً الى نتيجة حتى الآن وهو ليس واثقاً من اننا سنتوصل الى نتيجة اليوم الخميس او غداً او الاثنين". وأكد وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ان مجلس الامن سيصوت مساء غد على مشروع القرار. وابلغ مجلس العموم البرلمان امس ان القرار الجديد "سيوضح بجلاء ان العراق كان وما زال ينتهك بشكل مادي التزاماته وفقاً للقرارات الدولية السابقة". وكرر ما يردده الاميركيون ان القرار هو "الفرصة الاخيرة" امام العراق "للوفاء بالتزاماته لنزع سلاحه والتخلص من اسلحة الدمار الشامل" وشدد على ان بغداد ستواجه "عواقب وخيمة" اذا اخفقت في الوفاء بالتزاماتها. وامل بأن يصوّت مجلس الامن بالاجماع على القرار لتوجيه رسالة بالغة الحزم الى الرئيس العراقي. واضاف ان الخيار الوحيد امام صدام هو الانصياع للامم المتحدة او مواجهة العواقب الوخيمة". واعتبرت الصين ان مشروع القرار الجديد يلبي بعض المطالب، من دون ان توضح اذا كانت ستدعمه خلال عملية التصويت. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية كونغ كوان خلال مؤتمر صحافي امس: "نعتقد بصورة اجمالية ان القرار الجديد يأخذ في الاعتبار بعض المطالب والمخاوف لدى الاطراف المعنيين". واضاف: "انه مشروع، ولذلك ستلعب الصين دوراً بناء عبر تشجيع المشاورات والأخذ في الاعتبار مخاوف كل الاطراف للتوصل الى اجماع في اسرع وقت ممكن". وتدعو الصين الى حل سياسي وسلمي وليس الى حل عسكري للمسألة العراقية، وهي تشدد على وجوب صدور اي قرار عن الاممالمتحدة وتعارض اي تحرك اميركي من طرف واحد. في برلين حذر وزير الخارجية يوشكا فيشر امس من تبديل الاولويات في المعركة المستمرة ضد الارهاب الدولي بالتركيز على مهاجمة العراق. واكد عزم الحكومة الالمانية على مواصلة المشاركة في الحملة الدولية لمكافحة الارهاب ورفض المشاركة في حرب على بغداد. يذكر ان المشروع الاميركي المعدل حدد مهلة 30 يوماً كي تقدم الحكومة العراقية "اعلاناً دقيقاً وكاملاً وشاملاً" لكل جوانب برامج تطوير الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية والصواريخ البالستية. كما طلب من لجنة التفتيش انموفيك والوكالة الدولية للطاقة الذرية استئناف عمليات التفتيش في موعد اقصاه 45 يوماً من تبني القرار. وتضمن بنداً يصادق على ترتيبات توصل اليها بليكس ومحمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية مع الجنرال عامر السعدي مستشار ديوان الرئاسة العراقي في فيينا الشهر الماضي، وعبر عن "القلق البالغ" ازاء استمرار الحكومة العراقية في عدم تأكيد التزامها هذه الترتيبات. وشدد المشروع الاميركي على ان مجلس الأمن سيجتمع فوراً في حال تسلمه تقريراً عن اخفاق العراق في تنفيذ التزاماته أو تدخله في عمليات التفتيش "كي يدرس الوضع والحاجة الى الامتثال الكامل لكل قرارات المجلس"، كما اشار الى ان "عدداً كافياً من الحراس الدوليين" سيتولون ضمان أمن المفتشين في منشآتهم. ولمح السفير الفرنسي جان دافيد ليفيث في اعقاب جلسة مجلس الأمن اول من امس الى ميل بلاده نحو دعم المشروع الاميركي، مؤكداً ضرورة "اجماع" المجلس، لأن "انقسامه سيزيد صعوبات التفتيش". ولفت السفير الروسي سيرغي لافروف الى "تقدم يحرز" فيما احتج نظيره الاميركي جان نغروبونتي على القول ان المشروع يتضمن "زناد بندقية خفياً"، وكذلك "ذريعة لاستخدام فوري للقوة" ضد العراق، وقال ان بوش أوضح ان "استخدام القوة هو الخيار الأخير". ونبه الى ان واشنطن صادقة في اعطاء العراق "الفرصة الأخيرة"، فإذا لم يلتقطها "يغامر بمواجهة عواقب وخيمة جداً". وحذر الأمير الحسن بن طلال أ ب من ان عملاً عسكرياً أميركياً ضد العراق يمكن ان "يستثير أقليات عرقية لطلب الاستقلال ويعرض منطقة الشرق الأوسط لخطر الحروب ويخلق أرضية خصبة للارهابيين". وكان الأمير الحسن يتحدث في مؤتمر "الاسلام والعولمة: صراع ثقافات؟" عقد أمس في ألمانيا.وأكد الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا في البرلمان الاوروبي ان الدول ال15 لا توافق على الهدف الاميركي القاضي ب"تغيير النظام في العراق". وقال: "بالنسبة الينا، يجب ان يكون الهدف تجريد العراق من اسلحة الدمار الشامل التي في حوزته. وهدف الاتحاد الاوروبي ليس تغيير النظام".