اعربت مصادر مصرفية في القاهرة أمس عن قلقها من تأثير نصوص واردة في قانون البنوك الجديد، تتعرض لمبدأ سرية الحسابات المصرفية، على حرية تدفق الأموال العربية الى مصر والتي يتم ترقب دخولها إلى البلاد منذ أحداث أيلول سبتمبر عام 2001، خصوصاً بعد الضغوط التي مورست على القاهرة لإصدار تشريع لتجريم عمليات غسل الأموال يتضمن نصوصاً تنال من مبدأ حرية الحسابات. على رغم مسارعة محافظ المصرف المركزي المصري محمود أبو العيون إلى التأكيد على احترام قانون المصارف الجديد لمبدأ سرية الحسابات المصرفية، وحرصه على التأكيد على امتداد هتك السرية فقط إلى ما يعرف بالحسابات "الرقمية"، المرتبطة بتعاملات لبعض عملاء المصارف أصحاب الحسابات الإسمية، إلا أن مشروع القانون الجديد المزمع إحالته إلى البرلمان في دورته الجديدة سيظل مثار جدل وتخوفات في الأوساط المصرفية. وجدير بالذكر ان الحسابات التي اشار محافظ المصرف المركزي إلى فقدانها لمبدأ السرية في المشروع هي حسابات حرة مُرقمة بالنقد الأجنبي بموجب القانون رقم 205 لعام 1990، وقد تكون هناك ودائع تم ربطها بهذه الحسابات تتمتع بالسرية ولا يجوز أن يعرف اسماء أصحاب هذه الحسابات، والودائع غير مسؤولي المصرف الذي يفتح هذه الحسابات. ويجعل إلغاء هذه المادة الخاصة بتلك الحسابات من المشروع الجديد كل الأرصدة والحسابات التي يملكها أي عميل إسمية ومرتبطة به مباشرة. وقد لا يكون هناك ضرر من لجوء المصارف إلى تفعيل هذا المبدأ في المجال الداخلي، وفقاً لتعليمات من المصرف المركزي يجري تعميمها كما حدث في ما يتعلق بالتعليمات التي حملت اسم "اعرف عميلك" قبل عامين، إلا أنه مع القانون الجديد سيصبح فتح مثل هذه الحسابات مخالفة تعرض المصرف وموظفيه للوقوع تحت طائلة القانون في حال قام بذلك. ويعني ذلك انه سيحق لأي جهات دولية الاستفسار عن أي عمليات دخول للأموال العربية إلى مصر تحت ذريعة التحقق من عدم وجود شبهة ارتباط بينها وبين ما يجري لتمويل عمليات إرهابية، ما يعني بالتالي الحصول على أي معلومات عن الحسابات والأرصدة الاسمية بمجرد اللجوء إلى السلطات واللجان الموكل إليها الرقابة على حركة التحويلات النقدية في المصارف طبقًا لقانون مكافحة غسل الأموال ومن دون الحاجة إلى الرجوع إلى القضاء لاستصدار حكم قضائي بذلك في حال وجود "الدلائل الجدية"، كما كان معمولاً به في إطار القانون رقم 205 الخاص بسرية الحسابات المصرفية. وسيعزز عدم الحاجة الى الرجوع إلى القضاء في هذه الحال من تلك المخاوف من تراجع حجم تدفقات الأموال العربية والتي تقدر بنحو عشرة بلايين دولار في المتوسط إلى المصارف المصرية.