تصاعدت وتير التجاذب السياسي بين النقابات المهنية والحكومة الاردنية التي حصلت اول من امس على فتوى استثنائية من الديوان الخاص بتفسير القوانين قضت بعدم قانونية "لجنة مقاومة التطبيع مع اسرائيل" التي تتخذها 14 نقابة مهنية واجهة سياسية لمعارضة معاهدة السلام الاردنية - الاسرائيلية، ومقاطعة البضائع الاميركية في أسواق المملكة. ونصت فتوى الديوان الذي يتألف من خمسة اعضاء، بينهم ثلاثة قضاة، وموظفان حكوميان على ان "مجلس النقباء، واللجنة النقابية لمقاومة التطبيع مع اسرائيل، هيئتان غير قانونيتين، وان لا سند قانونياً يتيح للنقابات المهنية تشكيلهما" على رغم ان محكمة التمييز، وهي اعلى مرجع قضائي في المملكة، اصدرت عام 1995 حكما اعتبرت بموجبه ان "اللجان المنبثقة عن النقابات المهنية قانونية ومشروعة". وافادت مصادر قانونية ل"الحياة" ان "كافة اللجان النقابية باتت منحلة بموجب الفتوى الصادرة عن ديوان التفسير" وان "ممارسة النشاط من خلالها يعني التعرض لتهمة الانتساب الى جمعيات غير مشورعة" لكنها اشارت الى ان "الفتوى لا تطول النقابات نفسها التي تستطيع ممارسة عملها، دون مجلس يجمع في عضويته النقباء المهنيين". لكن رئيس مجلس النقباء الدكتور فضل نيروخ اكد "تمسكه بصيغة المجلس ونهج مقاومة التطبيع حماية للاردن"، مضيفاً ان "ما تمارسه النقابات في هذا المجال لا يخرج عن الجانب التثقيفي والتوعوي" فيما اعرب نقيب الاطباء الاردنيين الدكتور محمد العوران عن "قناعته بأن الحكومة لن تلجأ الى تنفيذ ما ورد في فتوى ديوان التفسير، لان محاولة فرض ذلك ستخلق ازمة كبيرة، ولن تصب في مصلحة احد". واكد ان "اللجان النقابية ستستمر في العمل". وفي لقاء مع النقباء المهنيين، اكد ابو الراغب انه "لم يعد ممكنا ممارسة اي نشاطات سياسية ضمن لجنة مقاومة التطبيع النقابية تحت أي مبرر، لان ذلك يعتبر خروجا على القانون". وقال ان "النقابات بيوت خبرة، وعليها ان تركز على المساهمة في التنمية وتطوير واقعها المهني، بدل التركيز على العامل السياسي، وتجيير النقابات لتيارات معينة" في اشارة الى سيطرة الاسلاميين عليها. ولفت الى ان "الحكومة لا تجبر احدا على التطبيع، مثلما انها لا تمنع احدا يريد التعامل مع اي بلد تربطنا به علاقات ثنائية او معاهدة سلام ولكنها لا تسمح لاي احد ان يمنع او يسمح خارج اطار القانون". وزاد ان "المهاترات والافتراءات التي يلجأ اليها بعض النقباء باتت خارجة على كل مألوف وتمس مصلحة الوطن وصورته، ولا يمكن ان تكون الا على حساب اعضاء نقاباتهم". وكان وزير الاعلام الاردني محمد العدوان صرح مطلع هذا الشهر بأن "اللجان النقابية تدعو لمقاطعة شركات اردنية تتهمها بعلاقات مع شركات اسرائيلية واميركية، بما يعتبر تشهيراً ترفضه الحكومة المعنية بالمحافظة على مصالح الاردن"، مشيراً الى ان "النقابات ارسلت قوائم الى بعض الدول العربية، تتضمن اسماء لشركات اردنية تتهمها بالتطبيع مع اسرائيل، ما الحق أذى كبيراً بمنتجاتها". وأكدت الحكومة ايضاً ان "حملة التشهير النقابية طاولت المناطق الصناعية المؤهلة" للتصدير الى الولاياتالمتحدة التي انشأها الاردن واسرائيل في شمال المملكة ووسطها عام 1997، على رغم ان "هذه المناطق صدرت الى الاسواق الاميركية هذا العام بضائع تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار، ويعمل في مصانعها اكثر من 18 الف اردني". وفي هذه الاطار ايضاً، اصدرت محكمة العدل العليا الاردنية اول من امس قراراً بحل مجلس نقابة المهندسين، بعدما اعترض اعضاء فيها على شرعية الانتخابات التي اجريت في نيسان ابريل الماضي، وتم وفقاً لذلك حلّ "لجنة مقاومة التطبيع" التابعة للنقابة، واطلاق ناشطيها الثلاثة علي ابو السكر وبادي الرفاعية وميسرة ملص الذي اوقفتهم محكمة امن الدولة في الثامن من الشهر الماضي، ووجهت لهم تهمة "الانتساب لجمعية غير مشروعة". ومنذ ابرام الاردن معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1994 طردت النقابات المهنية العديد من اعضائها الذي زاروا الدول العبرية او اقاموا علاقات مع مؤسسات اقتصادية وثقافية فيها.