كما كان متوقعاً، بات مأمون الهضيبي مرشداً عاماً لجماعة "الاخوان المسلمين" في مصر وللتنظيم الدولي. وعلى ما يبدو، اختير الهضيبي بالاجماع، نظراً الى كونه المرشح الوحيد للمنصب، مساء أول من أمس، بعد مشاورات بين أعضاء مجلس الشورى ومكتب الارشاد، علماً أن السلطات الرسمية لم تسجل اجتماعاً لمجلس الشورى في الأيام الماضية. وشدد المرشد الجديد على التمسك بخط الجماعة، مستبعداً أي تغيير في سياستها، وعلى أن اختيار نوابه يتطلب بعض الوقت. أعلنت جماعة "الاخوان المسلمين" أمس تنصيب المستشار مأمون الهضيبي مرشداً عاماً لها لمدة ست سنوات. وقال القطب البارز في الجماعة الدكتور عصام العريان ان "قادة الجماعة ورموزها ظلوا طوال الاسبوعين الماضيين، ومنذ وفاة المرشد السابق السيد مصطفى مشهور، يعملون على اتباع اللوائح الداخلية للجماعة وساروا في الاجراءات التي تكفل أن يتم الأمر بصورة تتوافق تماماً مع النظام الداخلي للجماعة وأنهم انتهوا مساء الأربعاء من حسم الأمر بتنصيب الهضيبي مرشداً". وأوضح العريان أن "الأمر انطبق أيضاً على التنظيم الدولي للاخوان المسلمين إذ تلقت الجماعة في القاهرة موافقات كل فروع التنظيم الدولي في الأقطار العربية والاسلامية على اختيار الهضيبي مرشداً للتنظيم". ورفض العريان كشف امكان ان يكون مجلس شورى للجماعة عقد اجتماعاً في مكان سري تم خلاله انتخاب الهضيبي، أم ان الامر تم عن طريق الحصول على موافقة اعضاء المجلس من دون ان يكونوا مجتمعين في مكان واحد تجنباً لمحاذير امنية وخشية القبض على اعضاء المجلس اثناء اجتماعهم كما حدث العام 1995. لكنه اكد ان الاجراءات توافقت تماماً مع لوائح الجماعة. وكان الهضيبي الذي كان لسنوات نائباً للمرشد العام للجماعة والناطق باسمها تولى عقب دخول مشهور في غيبوبة بداية الشهر الجاري التي اصابته بجلطة في المخ مهمات المرشد. وحرصت الجماعة على ألا تتم مبايعة الهضيبي في منطقة المقابر أثناء دفن جثمان مشهور، تفادياً لفهم خاطئ قد يفسر الأمر على أنه مخالفة للوائح الداخلية التي تنص على أن يقوم مجلس الشورى الذي يضم 86 عضواً بانتخاب المرشد. وإذا تعذر عقد اجتماع للمجلس لظروف امنية توكل المهمة الى مكتب الارشاد الذي يعد أكبر سلطة في الجماعة. وأوضح العريان أن الهضيبي كان المرشح الوحيد لمنصب المرشد، وأنه فاز بالاجماع سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي. ولفت إلى أن الهضيبي سيبقى مرشداً لمدة ست سنوات هي الفترة التي حددت لكل مرشد على أن يقرر مجلس شورى الجماعة أو مكتب الارشاد بعد انقضاء السنوات الست ما إذا كان سيجدد له أم سيختار مرشداً آخر بدلاً منه. وفي أول تصريح له بعد توليه المنصب، نفى الهضيبي أي خلافات داخل الجماعة ووجه الشكر إلى قادة التنظيم، واعتبر "المهمة تكليفاً من أجل الدعوة". وأعلن أنه سيختار بالاتفاق مع أصحاب الشأن في الجماعة نائبًا أو أكثر له، إلا أنه أوضح "أن ذلك الأمر يحتاج إلى فترة من الوقت حتى يتم حسمه"، واستبعد الهضيبي تغييرات جذرية في طريقة عمل الجماعة في المرحلة المقبلة، وأشار إلى أن "الاخوان جماعة تقوم على مؤسسات تحكم عملها وتضبط إيقاعها". وقال "ان ثوابت الجماعة التي تتعلق بالدين والعقيدة لا مجال لتغييرها. اما بالنسبة الى الأمور السياسية فإن الجماعة تتعامل مع كل واقعة بحسب الظروف المحيطة بها وبحسب الواقعة نفسها". ووفقًا لمصادر رسمية فإن السلطات لم ترصد اجتماعاً لمجلس شورى "الاخوان"، مما يعني أن انتخاب الهضيبي جرى عن طريق جمع أصوات أعضاء المجلس باللقاءات الشخصية ومن دون اجتماع عام، إذ أن المجلس أوكل المهمة إلى مكتب الارشاد الذي يجتمع بشكل دؤوب لقلة عدد أعضائه. وذكرت مصادر في "الاخوان" أن أعضاء المكتب اجتمعوا الأربعاء وأقروا كل الاجراءات. "الاخوان" والسعودية من جهة اخرى، قال الهضيبي تعليقا على وصف وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن عبد العزيز "الإخوان المسلمين" ب"انهم أصل مشكلاتنا جميعا": "من المؤكد عندي أن الاخوان الذين عملوا في المملكة، وكما قال سموه - حافظوا على هويتهم وحقيقة انتسابهم لجماعة الإخوان المسلمين، وهذا أمر لم يكن يوما ما خافيا على المسؤولين في السعودية، ولكن هل أحد منهم أتى شيئا ضد المملكة؟ ومن الطبيعي أن مثل ذلك لو حدث لبادرت المملكة الى إنهاء وجوده فيها، ولو كان ذلك حدث بصورة جماعية لكان الإبعاد جماعياً وواضحا ومعروفا لدى الجميع، وأقول إنه بالنسبة للإخوان الذين تجنسوا بالجنسية السعودية فإن إلزامهم بعقيدتهم ومفاهيم الاخوان المسلمين لم يكن يوما متناقضا مع ولائهم الكامل للمملكة وقيامهم بمهام اعمالهم التي أوكلت اليهم فيها على أكمل وجه... ومن المؤكد أيضاً أن الإخوان المسلمين من غير السعوديين والذين عملوا في المملكة لم يصدر من أحدهم تجاه المملكة إلا الحب والاخلاص، ولم يحاولوا أبداً تشكيل جماعات اخوانية من السعودية ولقد كان ذلك خطاً أحمرَ مهماً التزم به الاخوان في المملكة".