دان المشاركون في "مؤتمر الغذاء والزراعة الدولي" استمرار القيود الزراعية الحمائية للدول الصناعية، وقالوا إنها تكبد الدول الفقيرة 100 بليون دولار سنوياً. ودعوا الى تغيير سلوك المستهلكين في الدول الصناعية كوسيلة لحل مشاكل القطاع الزراعي لدى الدول النامية. حذّر المدير العام لمنظمة التجارة الدولية، الدكتور سوباخاي بانيتشبادكي، من أن عدم الالتزام بالمواعيد المحددة لتحقيق تقدم على صعيد القضايا الجديدة المعروضة على الدول الأعضاء سيثير الفوضى ويهدد كل المنجزات التي تم التوصل اليها في جولة محادثات الدوحة، قبل عام مضى. وأشار إلى أن عمل المجلس الوزاري الخامس للدول الأعضاء الذي سيعقد في مدينة كانكون المكسيكية، في أيلول سبتمبر المقبل، معرض للفشل في حال لم يتم التفاهم على قضايا الاستثمار والمنافسة والمشتريات الحكومية وتسهيل التجارة. ونبّه إلى أن فشل هذا المؤتمر سيعني فشل المؤتمر السنوي اللاحق الذي سيعقد بعد ذلك بعام، ويعطل الالتزام بالمهلة النهائية لتحرير التجارة الدولية كانون الثاني يناير 2005. ودعا إلى نزع الحواجز أمام المفاوضات الخاصة بالزراعة، مؤكداً غزارة الفوائد التي يمكن أن تتأتى عن تحرير انتقال السلع والمعاملات في هذا القطاع، من دون أن يقتصر ذلك فقط على الدول النامية وحدها. من جهته، تساءل فيليب فون ديم بوسخي، رئيس "الجمعية الزراعية الألمانية"، عن قدرة المزارعين على البقاء في مواجهة العولمة والمنافسة الدولية. وقال: "سنصبح أسرى مأزق يتمثل في التوفيق بين زيادة حرية التجارة الزراعية، وفي الوقت نفسه الاستجابة للطلبات المتزايدة من مجتمعنا الحديث في ما يخص المحافظة على البيئة وحماية الحيوان والمشهد الثقافي". وتساءل عما إذا كان "المستهلكون الأوروبيون مستعدين للتصويت بمحافظهم النقدية عند صندوق المشتريات في المحلات التجارية، من أجل الحفاظ على ما يسمى بالنموذج الزراعي الأوروبي"، مؤكداً "صعوبة التوفيق بين اجراءات حماية البيئة والريف، وبين فتح الأسواق للتكيف مع الضغوط الخاصة بخفض الكلفة". وقال جيريمي هوبس، المدير التنفيذي لمنظمة "أوكسفام" الخيرية الدولية، الذي تحدث بدوره في المؤتمر الدولي المنعقد في لندن وأنهى أعماله أمس، إن العالم "ينفق بليون دولار يومياً على تقديم المساعدات والدعم المالي للمزارعين الأغنياء في العالم الصناعي، لمنافسة المزارعين الفقراء في الدول النامية، ما يعني طرح منتجات إغراقية مدعومة بشكل كبير في الأسواق الفقيرة، الأمر الذي يؤدي الى تقليص الأسعار، والى حرمان الناس من مصادر رزقهم والتسبب بقدر هائل من الفقر". وأضاف أن إبقاء الضرائب الحمائية "في وجه الواردات من العالم النامي يكلف البلدان الفقيرة نحو 100 بليون دولار في السنة، وهو ما يعادل ضعفي المساعدات التي تحصل عليها كل عام، وذلك في وقت يُطلب من الدول الفقيرة خفض حواجزها الجمركية". وأكد أن "الحواجز التجارية المنصوبة في وجه الدول النامية تتجاوز بأربعة أضعاف الحواجز المماثلة المنصوبة في وجه الدول الصناعية". ولفت إلى أنه "إذا استطاعت افريقيا زيادة حصتها من الصادرات العالمية بمقدار واحد في المئة، فإنها قادرة على توليد 70 بليون دولار، أو ما يعادل خمسة أضعاف حجم المساعدات واعفاءات الديون مجتمعة التي تحصل عليها". وتناول دينيس آفري، مدير قضايا الغذاء الشامل في "معهد هيودسون" الأميركي، مسألة ارتفاع الطلب على الغذاء، فقال إن نصف أراضي العالم باستثناء الصحارى والمناطق الثلجية يُزرع لتلبية حاجة البشرية، مؤكداً ضرورة تضاعف المحاصيل الزراعية ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050، حينما سيتضاعف عدد السكان الى نحو تسعة بلايين شخص، بالاضافة إلى حيواناتهم الأليفة. وقال إن الحل قد يكون في استخدام التكنولوجيا الاحيائية والجينية لزيادة الانتاج. لكن هذا الرأي أثار انتقاد بعض المشاركين الذين اعترضوا على التركيز المستمر، على ضرورة مساعدة العالم النامي على تحسين انتاجيته واعتماد تقنيات جديدة لتطوير وضع الزراعة الدولية، معتبرين أن توريد المنتجات الخام يتأثر بأوضاع الأسواق الدولية، لا سيما في الدول الغنية. وطالبوا بتغيير سلوك المستهلكين عبر نشر المعلومات عن طريق هيئات محايدة، لتحسين علاقة الاستيراد مع الدول الفقيرة المنتجة.