سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
دعوة شيراك الى مؤتمر ثان هدفها "مراقبة" التزام المانحين ولبنان تعهداتهم . الحكومة اللبنانية مطالبة بتحسين أدائها السياسي لتوفير الظروف المناسبة لاستثمار نتائج "باريس -2"
التسهيلات المالية التي حصل عليها لبنان من مؤتمر "باريس -2" للتغلب على عبء المديونية العامة وخفض العجز في الموازنة، لا يمكن الركون اليها وحدها باعتبارها حلاً للمشكلة ما لم تبادر الحكومة الى إعادة النظر في ادائها السياسي لتوفير الشروط المطلوبة منها، لاستثمار فرصة الحل التي تأمنت لها، بدلاً من تعاطيها على انها ادت قسطاً للعلى وعليها الراحة... الرغبة التي ابداها الرئىس الفرنسي جاك شيراك في المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري بعد انتهاء مؤتمر "باريس -2" بدعوة المساهمين والمشاركين الى عقد اجتماع ثان خلال ستة او تسعة اشهر، لا تتعلق باجراء تقويم لما تحقق على صعيد ايفاء المشاركين بالتزاماتهم حيال لبنان فحسب بل هدفها النظر في مصير الخطوات التي تعهدت الحكومة اللبنانية بتنفيذها، للتأكد من مدى مقدرتها على "هضم" التسهيلات المالية التي حصلت عليها وتوظيفها في المكان الصحيح. ونقل سفير عربي عن رئىس وفد بلاده الى "باريس -2" قوله ان شيراك قصد من اعلان استعداده لدعوة المشاركين الى اجتماع آخر "حضّ جميع المساهمين على التعاون مع لبنان شرط ان يتعاون الاخير مع نفسه ويبادر الى اتخاذ الاجراءات التي تنسجم مع ما جاء في ورقة الحكومة اللبنانية الى المؤتمر". وأكد السفير العربي ل"الحياة" ان شيراك لم يلمح الى اجتماع جديد ل"باريس -2"، الا بهدف اجراء تقويم "يعتقد انه ضروري لأن الفترة الزمنية الفاصلة عن موعد الاجتماع المقبل كافية لجلاء الموقف على الجبهة العراقية لا سيما في حال شن الحرب بعد الاطاحة بالجهود السلمية لتفاديها". وأضاف: "ان شيراك، سيضغط في هذا الاجتماع، في حال وقوع الحرب، على الدول التي قد تتأخر في ترجمة التزاماتها والمقصود بها الدول الغربية الصديقة للبنان، إضافة الى انه سيدعو المترددين الى الانضمام الى لائحة المساهمين، خصوصاً انه يراهن على مقدرة حكومة الرئىس رفيق الحريري على إثبات اهليتها امام المجتمع الدولي في استخدام الفرصة التي ضمنها لها "باريس -2" في مكانها الصحيح". ولفت الى ان "مقدرة الحكومة على حسم ملف خصخصة الهاتف الخلوي من جهة وتحقيق الاصلاح الاداري وضبط النفقات ووقف الهدر وتفعيل الجباية وزيادة واردات الخزينة واستكمال التشريعات التي وعدت بها، ستدفع ادارة صندوق النقد الدولي الى التعامل بايجابية اكثر وستشجع بالتالي المتريثين على العودة عن تحفظاتهم والمباشرة بتقديم التسهيلات المالية للبنان". وأكد ان التسهيلات المالية من "باريس -2" ستساعد على وقف نمو المديونية على رغم ان صندوق النقد الدولي لم يكن في عداد المساهمين. وهذا ما يبدد اعتقاد الذين كانوا يعدون العدة في لبنان للهجوم على الحكومة بذريعة انها قدمت تنازلات عن خطتها الاصلية التي تختلف مع الصندوق عليها. ويسأل بعض الوسط السياسي في لبنان عن مدى مقدرة الحكومة على ان تثبت للمجتمع الدولي ان قبول "باريس -2" لأوراق اعتمادها يتجاوز العلاقة الشخصية التي تربط رئيسها برؤساء الدول المساهمة، الى اقناعها بأن مؤسسات الدولة جادة في الحفاظ على الانجاز الذي تحقق وصولاً الى حمايته بغية تعزيز الدعم الدولي للبلد. كما سأل بعض هذا الوسط عن الموقف السوري من "باريس -2" ومدى اسهامه في تحصين الموقف الرسمي، خصوصاً ان توافق اهل الحكم في الظروف الراهنة، كان من حيث اهميته السياسية أكبر بكثير من النتائج المرجوة من ادوات السلطة وأجهزتها. ويؤكد وزير بارز ل"الحياة" ان الموقف السوري الداعم ل"باريس -2"، "شكل قاعدة اساسية لتوفير الحماية له"، لافتاً الى انه "من التحامل تحميل دمشق مسؤولية الثغرات التي لا تزال قائمة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، والتي لا مبرر لها". ويرى الوزير نفسه ان على جميع القوى المحلية الرسمية والسياسية التوقف امام استقبال الرئىس السوري بشار الاسد، للحريري لثلاث مرات في اقل من شهر، وبين جولة وأخرى للأخير على الدول والمؤسسات المدعوة ل"باريس -2" لوضع اللمسات الاخيرة على التحضيرات له، معتبراً انها رسالة مباشرة من القيادة السورية الى اللبنانيين ومن خلالهم الى المجتمع الدولي بأن دمشق مع حشد كل الجهود لانجاح المؤتمر، إضافة الى انها لعبت دوراً في قطع الطريق على التشكيك بتحرك الحريري وتصويره وكأنه يسعى الى التساهل حيال الثوابت الوطنية اللبنانية من اجل انجاح المؤتمر. وكشف الوزير عن ان دمشق لم تكن راضية على التوقيت الذي اعتمد لاعادة فتح بعض الملفات القضائية وتحريك الاستنابات القضائية ضد المعارضين وانها قالت كلمتها في هذا الخصوص للمرجعيات الرسمية. وأكد ان ما صدر عن وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" له اكثر من مغزى سياسي، اذ لم يسبق ان اوردت كلاماً تفصيلياً حول لقاءات الرئىس الاسد والحريري كما اوردته بعد اللقاء الاخير لجهة "ان البحث تناول الخطوات المطلوبة لانجاح مؤتمر "باريس -2" واستثمار هذا النجاح بما يخدم التنمية في لبنان". كما ان تحديد موعد اللقاء فور عودة الحريري من باريس قطع الطريق على استغلال اي موقف لطرف سياسي لبناني انتقادي للمؤتمر، خصوصاً من جانب اصدقاء دمشق. وعليه، فإذا كان هناك من قصور عند الدولة في التعاطي مع النتائج، فالاعتقاد السائد انها مشكلتها مع ذاتها قبل ان تكون مع المعارضة او الموالاة على السواء، وان حلها في اعلان الاستنفار ليكون دورها منتجاً وبمستوى حجم التفاهم الرئاسي، وانجاز "باريس -2". وتتجه الانظار الى مجلس الوزراء، غداً للتأكد من مقدرته على اطلاق خصخصة الهاتف الخلوي، لا سيما ان المجلس النيابي كان واكب التحضير للمؤتمر بالتصديق على مشاريع القوانين التي احيلت اليه في هذا الصدد.