حقق لبنان نجاحاً بارزاً أمس بحصوله على دعم مالي دولي من خلال مؤتمر "باريس 2"، يعينه على مواجهة مشكلة المديونية ويعطيه فسحة من الوقت لمعالجة أزمته الاقتصادية. اذ قرر المؤتمر تقديم تسهيلات ماليةللبنان بلغت 4.285 - 4.420 بليون يورو على شكل قروض أو ودائع او سندات بفوائد مخفوضة ولآجال طويلة، ومشاريع انمائية. راجع ص7 وجاءت نتائج "باريس 2" نجاحاً للرئيس الفرنسي جاك شيراك في خوض تحدي الدعوة الى المؤتمر ثم ترجمة نهايته الى التزامات دولية بالأرقام، اضافة الى انه نجاح مؤكد لرئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري الذي راهن على حماس شيراك والاتصالات التي بذلها معه وصولاً الى ما تحقق. وجاءت المساهمة الكبرى في اجمالي التعهدات المالية لدعم البرنامج الاصلاحي المالي للحكومة اللبنانية من المملكة العربية السعودية 700 مليون يورو ومن فرنسا 500 مليون يورو توقعت مصادر متعددة مشاركة في "باريس 2" ان يرتفع المبلغ الاجمالي تدريجاً في الأشهر المقبلة بانضمام دول وصناديق مالية شاركت في المؤتمر، ولم تقدم خلاله تسهيلات، الى المساهمة اللاحقة فيه. شارك ممثلو 27 دولة وصندوقاً ومؤسسة مالية في المؤتمر، ولم تعلن بريطانيا وإسبانيا والمانيا "موقتاً" عن مساهماتها "ريثما تستكمل الحكومة اللبنانية بعض الخطوات" في اشارة الى توقعها الاسراع في ملف الخصخصة، لكنها ضمت اصواتها الى صوت الولاياتالمتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في "الاشادة باجراءات الحكومة". وقالت مصادر مطلعة ل "الحياة"أن الجمهورية الايرانية الاسلامية التي لم تشارك في المؤتمر مستعدة لتحويل وديعة الى مصرف لبنان المركزي بقيمة 100 مليون دولار أميركي. واتصل الرئيس اللبناني إميل لحود بالرئيس شيراك مساء وقال له: "ما قمتم به كان عملاً استثنائياً من اجل لبنان وهو ليس بمستغرب، ففي الأوقات الصعبة كنتم الى جانب لبنان والدول العربية". وأعرب لحود عن تقديره لمواقف شيراك، معتبراً ان "لولا اهتمامه ومتابعته المستمرة وسهره على أدق التفاصيل لما انعقد باريس 2 وحقق النتائج". وأكد لحود التزام الدولة اللبنانية المطلوب منها لتحسين الأداء المالي والاداري، معتبراً ان الخطوات الاصلاحية ستشجع دولاً أخرى على المساهمة. كما هنأ لحود الحريري في اتصال اجراه معه الأخير، على نتائج المؤتمر، منوهاً بما قام به من جهود لتأمين انعقاده. وكان شيراك نجم المؤتمر بامتياز، ليس للجهود التي بذلها فحسب، وانما لملاحقته الدول المشاركة وحضّها على المساهمة، مؤكداً في مستهل المؤتمر ان "سقوط لبنان ممنوع" وان انهيار الاستقرار فيه "سيلحق الضرر بالمنطقة ويهدد الاستقرار فيها". كما حرص في المؤتمر الصحافي بعد المؤتمر على تأكيد موقفه من قضية العراق ودعوته الى تجنب الحرب وطلبه من الرئيس العراقي التعاون مع قرار مجلس الأمن الرقم 1441 لنزع ذريعة شن اي حرب ضده. ووجه شيراك لفتة خاصة الى وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل، ومن خلاله الى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ونائبه ولي العهد الأمير عبدالله، لمساهمة المملكة بنسبة 15 في المئة من مجموع المساهمات المالية في المؤتمر. ولاحظ متابعون لأعمال المؤتمر ان كلمة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وليم بيرنز تميزت بانفتاح على اصلاحات الحكومة اللبنانية، وهو تقويم توافق فيه مع مضمون الموقف الذي عبر عنه ممثل صندوق النقد الدولي، وأبقى الباب مفتوحاً أمام المزيد من اللقاءات مع الجانب اللبناني. وعلمت "الحياة" ان بيرنز اكد ان استقرار لبنان وأمنه وازدهاره الاقتصادي مهمة للشرق الأوسط وللولايات المتحدة، ورحب بالمؤشرات الأخيرة الصادرة عن القطاع المصرفي في لبنان لجهة استعداده للمساهمة في تقويته المالية العامة. ولفت مصدر مشارك في المؤتمر الى ان رئيس الوزراء الكندي جان كريتيان قال خلال الجلسة المغلقة وهو يعلن رقم المساعدة الكندية بين 100 و200 مليون يورو "إننا عادة نساهم بعشرة في المئة من المساهمات الأميركية الدولية". وذكر المصدر ان الجانب الأميركي على رغم عدم مساهمته بدا واضحاً انه شجع دولاً على المساهمة.