الدوريت كينيا - رويترز - شهد الصومالي موليد معان كفايته من المناورات وثورات الغضب والتعصب خلال فترة عمله حكما في مباريات كرة القدم على مدى عشر سنوات. لكن، بعد ان تحول الى السياسة، أصبح عليه الان ان يتحسب لروح غير رياضية من نوع مختلف في بلدة الدوريت في كينيا حيث تجري محادثات سلام بين زعماء الفصائل الصومالية المتناحرة. ويستعين معان بحرصه القديم على "اللعب النظيف" ليساعد صناع السلام الاقليميين على استمالة زعماء الفصائل الصومالية للاتفاق على اعادة اعمار البلاد التي تسودها الفوضى الشاملة. وقال معان الذي يرأس لجنة تضم زعماء الفصائل تحاول تسوية النزاعات الكبيرة: "عندما يحين الوقت، واذا استمر الزعماء على اختلافهم، فمعي بطاقة حمراء في جيب سترتي وسأرفعها في وجوههم"، مشيرا الى البطاقة التي يرفعها الحكم لطرد لاعب من فريق لكرة القدم. وليست هناك روح رياضية في التعامل بين الساسة الصوماليين الذين خضبت الدماء أيديهم، و"طرد" فصيل متعصب من المحادثات قد تكون له عواقب يصعب تصورها. ومجرد فكرة وجود مجموعة من القواعد المتفق عليها بين الاطراف المتصارعة يبدو أمرا غريبا في الصومال حيث الولاء للفصيل هو اهم شيء وتسوية النزاعات عادة ما تعني اراقة الدماء. وانهارت الدولة العام 1991 باطاحة محمد سياد بري، وتفككت الى مقاطعات تحكمها ميليشيات متصارعة اكتسبت قوتها وسط فوضى الحروب. وقال ديبلوماسيون ان نتائج المؤتمر الذي مر عليه شهر الان ستؤثر بشكل أو بآخر على منطقة القرن الافريقي التي شهدت حربا مدمرة بين 1998 و2000 بين اثيوبيا واريتريا، والمهددة الان من جديد بنقص الغذاء. وقد يؤثر المؤتمر أيضا على الحرب التي تشنها الولاياتالمتحدة على "الارهاب" الذي تخشى واشنطن أن يلجأ اليه متشددون اسلاميون صوماليون. وهناك العديد من بشائر الخير التي انطوى عليها المؤتمر الذي تعقد جلساته في قاعات فنادق الدوريت البلدة الزراعية الهادئة. وأبرز ما يميز المؤتمر حضور غالبية الزعماء، مما جعله أوسع تجمع للفصائل منذ سنوات بعد عام من محادثات السلام الاقل شمولا والتي فشلت كلها. ويحضر المؤتمر حشد من القادة البارزين منهم موسى سودي يلحو، ابرز قادة الفصائل في مقديشو، ومحمد ابشر فرح رئيس وزراء الادارة الضعيفة التي تسمى الحكومة الوطنية الانتقالية. وحضر كذلك زعماء من "بلاد بونت" الانفصالية وديبلوماسيون من نحو ست دول افريقية تدعم العملية السلمية. وتحظى المحادثات بمباركة الجامعة العربية والاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة. لكن "جمهورية ارض الصومال" التي اعلنت انفصالها والتي تتسم باستقرار نسبي في شمال البلاد هي الجزء الوحيد من الصومال الغائب عن المؤتمر. لكن من المتوقع ان تجري محادثات مع اي حكومة جديدة يتم الاتفاق عليها في الدوريت. وبين ابرز المراقبين الحاضرين اثيوبيا القوة المهيمنة عسكريا على القرن الافريقي، والتي تصر على انها لن تقبل اي تسوية صومالية تتجاهل امنها. ويقول ديبلوماسيون انه نظرا الى ثقل اثيوبيا في المنطقة يستحسن ان تدعم اديس ابابا العملية من الداخل بدلا من تدميرها من الخارج. ومن البوادر الايجابية كذلك ان العديد من الفصائل اصبحت مهيئة للتوصل لتسوية بعد ان نقصت مواردها. وقال محلل اقليمي "ان العديد من الفصائل تخشى الا تتمكن من مواصلة دفع رواتب افرادها وتوفير سبل العيش لانصارها". ويعرض الوسطاء حوافز للسلام على شكل معونات اذا تم التوصل الى دستور جديد ومشاركة في السلطة. وهناك اشارات الى عقوبات مالية وحظر سفر ضد اي زعيم ميليشيا او قبيلة لا تؤيد الاتفاق. لكن العقبات كثيرة على طريق السلام. فهناك حالة من عدم التيقن بشأن ما اذا كانت الدول الغربية ستواصل دفع التكاليف على مدى اربعة اشهر قد يستغرقها التوصل الى اتفاق. ويشعر اخرون بالقلق من ان تفقد كينيا الدولة المضيفة اهتمامها وسط انشغالها بانتخاباتها العامة في 27 الشهر المقبل، علما ان المفاوضات النهائية التي تتعلق باقتسام السلطة وتوزيع المناصب لم تبدأ بعد. والان تتركز المحادثات بين الفصائل على تمثيل كل منها في لجنة تضع مسودة دستور جديد. والنتيجة هي جدل يضيع الوقت. وقال محلل اقليمي شاكيا من تنازلات قدمها الوسطاء تحت ضغوط من بعض زعماء الفصائل "ان القاعدة الذهبية لهذه المفاوضات هي الحسم والنزاهة والمثابرة". ويرى زعماء الفصائل حجم الوفد باعتباره اختبارا للشرعية. وزعماء الفصائل مفرطون في الحساسية ازاء أدنى مساس بمكانتهم. ويقول الديبلوماسيون ان من اسباب موافقة زعماء القبائل على قيام معان بدوره الكبير في المؤتمر انه لا يشكل تهديدا يذكر لهم. فهو يقود فصيلا يمثل الاقلية السوداء التي تفتقر لاي قوة. وقال عبد القادر يحيى علي من مركز البحوث والحوار في مقديشو: "هذه العملية أشبه ببيضة يجب أن تمسك بها بحرص بين يديك. واذا وقعت وانكسرت فلا أدري أي فرصة تبقى للسلام".