حضت فرنسا على استعجال تسوية الملف العراقي مشددة على وحدة مجلس الامن ومقلّلة من الخلافات بين اعضائه حول مشروع القرار الاميركي البريطاني. واكدت استمرار الحوار مع واشنطن و"تقارب الاهداف" بين الجانبين، في حين افيد ان مستشارين لرئيس الوزراء البريطاني حذّروه من ان شن حرب على العراق لاطاحة نظام حكمه سيكون "غير قانوني" وقد يرغم لندن على المثول امام محكمة العدل الدولية. باريس، لندن، موسكو- "الحياة"، أ ف ب، رويترز - قبل ساعات من لقائه امس نظيره البريطاني جاك سترو، حض وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان على "استعجال" تسوية الملف العراقي في مجلس الامن. وقال لاذاعة "ار. تي. ال" امس انه اجرى الاحد اتصالاً هاتفياً بنظيره الاميركي كولن باول، واضاف: "يجب الاسراع الآن ونعتقد اننا نستطيع تحقيق ذلك. يجب الضغط على العراق وان يعود المفتشون لإزالة الاسلحة ويتمكنوا من القيام بعملهم بفاعلية"، واشار الى استمرار المشاورات في مجلس الامن للتوصل الى موقف مشترك. وزاد ان "الاولوية هي العودة السريعة لمفتشي الاممالمتحدة. يجب البدء بإزالة اسلحة الدمار الشامل التي يمكن ان تكون موجودة في العراق، ومن المهم ان يكون مجلس الامن موحداً لممارسة ضغط قوي على العراق، وهذا سيعطي شرعية قوية لعمل الاممالمتحدة". وتسعى واشنطنولندن الى دفع المجلس الى تبني قرار واحد يحدد شروط مهمات التفتيش، والنتائج التي يمكن ان تواجهها بغداد في حال عدم امتثالها للقرار، اي اللجوء الى القوة تلقائياً، في حين تدعو باريس الى مبادرة على مرحلتين. واعتبر دوفيلبان ان "اعتماد قرار ليس امراً لا يمكن الاستغناء عنه لكنه قد يكون مفيداً اذا اوضح الترتيبات العملية التي ستسمح للمفتشين بالعمل بفاعلية، وهدفنا هو تجنب خطر اي سوء تفاهم. ان أي قرار يتعلق بالعراق يجب ان يكون مرتبطا بالجهات المعنية اكثر به، اي الجانب العربي". وقلل من الخلافات بين اعضاء مجلس الامن وقال: "نواصل حواراً مع الاميركيين وهناك تقارب في الاهداف". وشدد على ان "المسار المكوّن من خطوتين" اي الاقتراح الفرنسي بإصدار قرارين "يوفر الشرعية المطلوبة والفعلية" لأي تحرّك ضد بغداد اذا لم تمتثل للقرارات. لا جدول زمنياً لقرار مجلس الامن في لندن اعلن ناطق باسم رئيس الوزراء توني بلير ان بريطانيا واثقة من ان مجلس الامن سيصدر قراراً جديداً يخوّل الى المفتشين صلاحيات حازمة، مدعومة باستخدام القوة اذا دعت الضرورة، خلال سعيهم الى نزع الاسلحة العراقية المحظورة. واشار الى مناقشات "مكثفة" في اروقة الاممالمتحدة محذراً من توقع التوصل الى قرار سريع حول نص القرار الجديد للمجلس. وذكر ان ليس بإمكانه تحديد اي موعد لصدوره، مشيراً الى ان "العمل يركز على نزع سلاح الرئيس صدام حسين". واللافت في اطار الجدل حول اهداف الحرب المحتملة ان المستشارين القانونيين لرئيس الوزراء البريطاني حذروه من ان شن حرب لتغيير النظام في بغداد سيكون عملاً غير قانوني ويمكن ان يؤدي الى مثول بريطانيا امام محكمة العدل الدولية. وافادت صحيفة "ذي فاينانشيال تايمز" التي نشرت النبأ امس ان المدعي العام البريطاني اللورد غولدسميث والمحامي العام السيدة هاريت هرمان، ابلغا بلير ان العمل العسكري الذي يهدف الى اطاحة صدام سيؤدي الى خرق ميثاق الاممالمتحدة. واوضحت الصحيفة ان مشروع القرار الذي تسعى بريطانيا واميركا الى اقراره في مجلس الامن سيجعل العمل العسكري لنزع سلاح العراق مقبولاً من الناحية القانونية. الى ذلك نشرت صحيفة "ذي دايلي تلغراف" امس تقريراً يفيد ان قاعدة حكم الرئيس العراقي تتعرض لضغوط هائلة وان اعضاء في الدائرة الضيقة المحيطة به "ينضمون الى المعارضة او يبذلون محاولات غير معلنة للحؤول دون توجيه اتهامات اليهم اذا اطيح صدام". ونسبت الصحيفة الى اياد علاوي الامين العام لحركة الوفاق الوطني المعارضة ان منشقين بارزين من اجهزة الامن العراقية التي تشكل عصب النظام لجأوا الى الحركة في الاسابيع الاخيرة، فيما اكدت جماعات كردية انها تلقت "اتصالات سرية من قادة عسكريين يعرضون فيها ان يسددوا اسلحتهم الى صدام عندما تبدأ الحرب"، وجاء في تقرير الصحيفة ان الجماعات الكردية اكدت ان افراداً في اسرة المجيد التي تعتبر العمود الرئيسي لقاعدة الحكم في العراق، اجروا اتصالات للحصول على ضمانات تتعلق بمصيرهم بعد الضربة العسكرية. موسكو تستبعد "هزّات" وفي اشارة الى احتمال تفادي الحرب على العراق، توقع مسؤول روسي رفيع المستوى ان تبقى اسعار النفط على حالها، مستبعداً "حدوث هزّات". وقال سيرغي ميرونوف رئيس مجلس الفيديرالية الشيوخ الذي يشغل ثالث منصب بعد رئيس الدولة ورئيس الوزراء، ان "كل شيء سيبقى هادئاً" في العراق. وتابع في حديث نقلته وكالة "ايتار تاس" الحكومية ان الامور "لن تصل الى حد الضربة العسكرية" وعزا ذلك الى "مواقف متزنة" تتخذها اطراف دولية بينها روسيا.