امهلت السلطات الفرنسية حوالى خمسين مهاجراً غير شرعي غالبيتهم من الاكراد العراقيين، 24 ساعة لإخلاء كنيسة يعتصمون في داخلها منذ اربعة ايام في بلدة كالي شمال فرنسا. وقال رئيس بلدية كالي جاكي هينان بعد لقائه امس وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، ان الدولة "تعهدت بتحمل مسؤولياتها" باخلاء الكنيسة بعد انقضاء المهلة وفي "ظل احترام الحقوق الانسانية". وكان هينان فتح بالاتفاق مع كاهن كالي، ابواب الكنيسة امام اولئك المهاجرين غير الشرعيين، لايوائهم موقتاً بعدما تعذر عليهم الانضمام الى حوالى 1800 مهاجر غير شرعي في معسكر "سانغات" التابع للصليب الاحمر الفرنسي. ومعروف أن السلطات الفرنسية اغلقت ابواب "سانغات" امام الوافدين الجدد وتعمل لاعداد الترتيبات لفرز نزلائه بين الذين سيرحلون من فرنسا والذين سيمنحون حق اللجوء السياسي على الاراضي الفرنسية او على اراضي دول اخرى اوروبية. وادى اعتصام الوافدين الجدد في كنيسة كالي ورفضهم الانتقال الى اماكن اقامة موقتة وضعتها في تصرفهم المنظمات الانسانية، بانتظار بت مشكلتهم، الى نشوء نماذج مصغرة من معسكر "سانغات" في المنطقة. ويقصد المهاجرون غير الشرعيين كالي والمناطق القريبة منها نظراً الى قربها من السواحل البريطانية، وهي الوجهة الاساسية التي يطمح المهاجرون اليها بشتى الوسائل. وكادت هذه الهجرة ان تتسبب في تسميم العلاقات بين لندن وباريس، اذ اعتبرت فرنسا ان بريطانيا مسؤولة عن مناطقها الشمالية، منطقة عبور المهاجرين الراغبين في الانتقال الى الاراضي البريطانية والاستفادة من مرونة القوانين المتبعة في مجال الهجرة. واخذت بريطانيا على فرنسا معاملتها المهاجرين غير الشرعيين، عبر ايوائهم، على رغم علمها بنيتهم التوجه بطرق غير شرعية للاقامة على الاراضي البريطانية. واتفق اخيراً على تسوية هذه المشكلة، فأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية عزمها على اغلاق "سانغات" الذي تدفق اليه منذ انشائه عام 1999 حوالى ثلاثين الف مهاجر غير شرعي، فيما اكدت بريطانيا استعدادها لتشديد القوانين التي تتبعها في مجال الهجرة. ورأت مصادر مطلعة ان الهجرة غير المشروعة تشكل مشكلة انسانية تتعذر على دولة بمفردها معالجتها. ولفتت الى انه بمعزل عن السياسات الانمائية التي يعتبر غيابها من ابرز اسباب الهجرة، وبمعزل عن سياسات الرقابة المشددة والمنسقة بين الدول الصناعية، يبدو متعذراً القضاء على الهجرة غير المشروعة المرشحة للاستمرار على رغم الحزم الذي تبديه اجهزة الامن.