يهدف منظرو السياسة الاستراتيجية المتشددون في الحزب الجمهوري، ومعهم بعض الديموقراطيين، الى جمع الأمن الاميركي والأمن الاسرائىلي في سلة واحدة. "فالخطر واحد ومشترك على مصالح الدولتين". وكان ريتشارد بيرل، الرئىس الحالي ل"مجلس سياسة الدفاع" في البنتاغون، نصح نتنياهو، عندما تسلم منصب رئاسة مجلس الوزراء في اسرائىل، بإلغاء كل الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين، والتمسك بأراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، اي اعادة احتلالها. ومن الطبيعي وقوف رامسفيلد الى جانب هذا الطرح بقوة، يسانده نائبه وولفوفيتز الصقري المتشدد. وعلى قمة اليمين الاميركي المتطرف، نائب الرئىس ديك تشيني الذي قاد هذا التيار. ويسعى الرئيس بوش الى ضمان حصول الحزب الجمهوري على الغالبية، في انتخابات الكونغرس المقبلة، من خلال عسكرة القرار السياسي، وتحشيد المجتمع الاميركي خلفه والمبرر 11 ايلول/ سبتمبر نحو حروب اخرى في دول كثيرة وبالتناوب. فالحرب، اليوم، عنوانها العراق. وهي حرب لم تتوقف منذ حرب الخليج. وعلى الضفة الاسرائىلية يسعى شارون بكل قوته لضمان فوز حزبه المتطرف، حزب الليكود، بمقاعد اكبر في انتخابات الكنيست المقبلة، على امل الفوز بانتخابات رئاسة الحكومة، وتشكيل حكومة ليكودية بالكامل، او حكومة ائتلاف وطني صهيوني كتلك القائمة اليوم. واسرائىل - شارون، اليوم تهمها الحرب على العراق اكثر من الولاياتالمتحدة الاميركية نفسها. فهي تعد عدتها العسكرية لاستكمال "حرب الاستقلال" - اي اغتصاب فلسطين بالكامل، وبدء عملية "الترانسفير" القسرية لشعب فلسطين او المتبقي منه باتجاه الاردن - وهو حلم شارون، والأصح سيناريو شارون الذي نادى به منذ اكثر من عقود ثلاثة، الوطن البديل للشعب الفلسطيني. اما ال280 مليون عربي فهم غير قادرين على حماية مصالحهم، او حتى الالتقاء، كأنظمة سياسية، للدفاع عن وجودها. فالخريطة السياسية العربية مقبولة اميركياً وأوروبياً واسرائىلياً حتى الآن. وخوف هذه الانظمة هو من انه اذا لم تحل قضية الصراع العربي - الاسرائىلي، وتم غزو العراق، وتقسيمه الى دويلات، وأعادت اسرائىل احتلال الضفة الغربية والقطاع، وسقطت كل الاتفاقات الفلسطينية - الاسرائىلية، وجرت عملية "الترانسفير" القسري للشعب الفلسطيني، فهل ستبقى الشعوب العربية حملاناً صامتة؟ وسؤال آخر: ما الذي يضمن للأنظمة العربية وجودها السياسي؟ أهي المظلة الدولية ام شعوبها؟ وإذا قررت اميركا استبدال نظام عربي بآخر، كما يفترض في العراق، فمن يستطيع منعها؟ انه الخوف العربي - الفلسطيني غير المبرر. فإننا إذا اطلقنا ارادتنا الوطنية من القمقم القابع في داخلنا، وتحركنا شعوباً وأنظمة على كل الصعد مدافعين عن حقوقنا ومصالحنا وأرضنا ومياهنا وحياتنا، فلن نخسر الحرب. دمشق - أحمد الحاج كاتب فلسطيني