أنهى الفنان الفرنسي سيرج ليسكور معرضه التجهيزي "لا توجد وسادات عجائبية" الذي افتتحه الثلثاء الماضي في صالة "زيكو هاوس" في شارع سبيرز في بيروت. خلال المعرض عرضت أربعة أشرطة "فيديو ارت" صوّرت بين مدينتي مرسيليا الفرنسية وبيروت، وتضمن المعرض نصاً بثلاث لغات: العربية والفرنسية والانكليزية طبع على شريحة مضاءة وعلق على جدران الصالة، والى جانبه بعض الصور الفوتوغرافية التقطها سيرج أثناء تظاهرة شبابية طالبية تضامنية مع الشعب الفلسطيني، قرب السفارة الأميركية في لبنان، في منطقة عوكر. سيرج ليسكور مواليد لوريان - فرنسا 1970 يعيش في مرسيليا، انجز معرضه في بيروت، وهو اختار ملصقاً له صورة لوجه فتاة كانت أصيبت بحجر في جفنها خلال احدى التظاهرات بعد تبادل للرشق بالحجار مع الشرطة اللبنانية، هذا الملصق يراه الذاهب الى "بيت زيكو" عند مدخل الصالة، وفي الداخل يتأمل ما تتضمنه صور الأشرطة التي تبث على الشاشات، لوهلة لا ينتبه المرء لشيء إلاّ أنه بعد التمعن، يلاحظ ان الفكرة الأساسية الرابطة بين الأشرطة الأربعة، هي حركة الدوران، وهي النقطة التي اعتمد عليها الفنان في أشرطته. في الشريط الأول عامل يحمل مطرقة ويضرب على جنزير جرافة يرتفع قليلاً على الأرض، وسط ايقاع المطرقة والجنزير الذي يتحرك دائرياً، في المقابل نجد كاميرا تصور من موقع ثابت دولاباً للأحصنة الاصطناعية في مدينة الملاهي المحاذية للشارع، في وقت كانت تمر تظاهرة لمناهضي العولمة يرفعون الأعلام الحمر، وعندما يتوقف دولاب مدينة الملاهي لتبديل رواده، تتوقف التظاهرة، ربما بسبب تقاطع الطرق، وتقع المصادفة حين تمر مسيرة الأحصنة الحقيقية يقودها أشخاص يلبسون أزياء "ملكية" أو "نابليونية"، وهذه الصدفة "تقاطعية" بامتياز، بين أمور الحياة وحركة التاريخ. وما يجمع بين الشريط الأول "جنزير الجرافة" والشريط المقابل "دولاب مدينة الملاهي" هو ايقاع المطرقة على الجنزير، وأمور الانطلاق والتوقف في الدولاب إضافة الى المعنى الرمزي للعامل "حامل المطرقة" في مقابل ما يسمى "اليسار الجديد" في أوروبا الذي يتظاهر ضد العولمة. في الشريط الثالث شخص يمارس رياضة الهرولة ويدور حول ملاعب كرة القدم في أماكن باهتة من مدينة ما، ومن خلال دورانه نرى الأبنية الضخمة المنهوشة بالجماد، والجسور والفضاءات، وفي هذه الأجواء نشعر بقزمية الإنسان أمام رعب الاسمنت. في الشاشة المقابلة "لهذا"، نراقب صور الشريط التي انجزت في بيروت بعنوان "كل شيء على ما يرام"، وفي الفيلم يظهر شرطي لبناني ببزته الرمادية المرقطة يقف عند حافة مستديرة، في منطقة الروشة يراقب ما يجرى حوله، حيث تمر سيارات بموديلات مختلفة وباصات وموتوسيكلات وسيارات "رانجر روفر" وحتى الحصان السياحي، في وسط حركة دائرية بلا أصوات فيها ضرب من الملل واللامنظور في الشرطي المستسلم لرتابة المعدن المتحرك. لا ضرر في القول، ان حركة الدوران، هي تعبير عن الديمومة، وإذا كان سيرج ليسكور يخترق اليومي، من خلال تصوير اشارته، فهو يلتقط حال الانسان وأزمته مع الآلة، وهو يعبر عن ذلك من خلال نصه الذي علقه على الحائط والذي يقول: "لكل الأشخاص المجبرين على البقاء ساعات طويلة في وضعية واحدة لا توجد وسادات عجائبية تسهل الانتقال بين السرير والأريكة لكي لا تضطر الى الانحناء. قضيب طويل من الخشب مجهز بشكل جديد لتسهيل ارتداء الملابس والتقاطها يمكنك استعماله بكلتا اليدين فيسهل حياتكم اليومية لمرغ الزبدة والمربى بطريقة مريحة حتى بيد واحدة. مقعد خاص ينصح به للأشخاص الذين يعملون بوضعية القعود. الوقوف يسمح بالكنس من دون انحناء. حزام يتيح للجالس الاحتفاظ بوضعه مستقيماً يثبت على طرف الطاولة لاقطاً سنارة حياكة سامحاً لك حياكة الصوف بيد واحدة لسحب الشرشف من دون الاحتكاك بالمريض، تعطي هذه الحماية الأمان والضمانة للأشخاص المهتاجين. بسيط مريح وفاعل يوضع ويزال بسرعة".