هزئ من الحديث عن إبعاده وقال انه ما زال يرفع شعار :"شهيداً ... شهيداً ... وليس طريداً". عرفات ل"الحياة": في المعارك تؤخذ قرارات صعبة واذا كانت الاصلاحات ستقوضني فمرحباً بها

تحدث الرئيس ياسر عرفات عن تجربة حصاره السادس، وقال في مقابلة مع "الحياة" انها لم تختلف عن التجارب السابقة الا بعدد الشهداء الذين قضوا، وعدد الجرحى والمعاقين، وحجم الاراضي التي ضمتها اسرائيل. وتسائل كيف يحصل ذلك والعالم يتفرج؟ لكنه قال انه لم يشعر بالاحباط على رغم سقوط 86 الف فلسطيني بين شهيد وجريح.
واضاف انه ما زال يرفع شعار "شهيداً… شهيداً… شهيداً ويا جبل ما تهزّك ريح"، ولا يأبه بإبعاده الى اي مكان. وشدد على انه ما زال "متمسكاً بسلام الشجعان" على رغم ما حصل في "جنينغراد" مخيم جنين واعرب عن تمسكه بالقرار 194 الذي ينص على حق الفلسطينيين بالعودة.
وعن سجن الامين العام ل"الجبهة الشعبية" قال انه ليس سجيناً بل هو تحت الرعاية الاميركية الاوروبية في اريحا، ولمح الى انه قبل هذا الحل لان اسرائيل كانت ستغتاله او تسجنه.
ونفى ان يكون هناك اي اتصال مع الاسرائيليين حالياً وقال انه قرر البدء بالاصلاحات لانها لمصلحة الشعب الفلسطيني و"مرحباً بها حتى اذا كانت ستقوضني".
وجدد تأكيده انه ضد العمليات الفدائية التي تستهدف الاطفال والنساء. وشدد على انه لم يدن العمليات ضد الجيش والمستوطنين.
وفي ما يأتي نص حديثه ل"الحياة:
خرجتم للتو من حصار هو السادس في اقل من سنة كيف اختلفت هذه التجربة عن التجارب السابقة؟
- اختلفت هذه المرة اختلافاً كبيراً جداً بسبب ما تعرض له شعبنا خلال 24 شهراً. عندنا حوالى 86 الف شهيد وجريح، 38 في المئة اعمارهم دون ال17. و30 في المئة جروحهم خطيرة، ومعظمهم معاق الى جانب التدمير الشامل للبنية التحتية، على سبيل المثال اكثر من 55 في المئة من اشجار زيتوننا اقتلع ودمر، تعرفين ان آلاف العائلات تعيش منها. معظم مزارعنا دمرت سواء في غزة او الضفة، بالاضافة الى 90 في المئة من مصانعنا الصغيرة، حدادة او نجارة، دمرت وحرقت فضلاً عن مؤسساتنا الرسمية، وزارتي الشرطة والامن الوطني والمستشفيات والمدارس كلها تعرضت للتدمير.
المقدسات حصل فيها تدمير. هل حدث هذا في اي مكان في العالم؟ هل حدث ان منع حاجز امرأة من ان تذهب لوضع جنينها. بعض اخواتنا توفي بعدما اضطررن الى الولادة على الحواجز. اذكري بلداً في العالم حصل فيه مثل هذا.
اموالنا محجوزة 1.9 بليون دولار، 25 شهراً وهي محجوزة، هل هذا معقول؟ هل هذا مقبول عالمياً وانسانياً ودولياً؟ هل هذا مقبول في الامم المتحدة؟ هل مقبول ان يحدث هذا في الارض المقدسة، اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى الرسول محمد عليه السلام ومهد المسيح عليه السلام، لقد حدثت هذه الجرائم وهي مستمرة حتى الآن.
هل تعرفين ان نسبة من تعيش دون خط الفقر في غزة حوالى 75 في المئة وفي الضفة حوالى 54 في المئة؟ لست انا من يقول هذا الكلام بل مؤسسات دولية رسمية تقول ذلك. التدمير الشامل حصل في كل مكان… "جنينغراد" بدل "ستالينغراد"، ونابلس خصوصاً البلدة القديمة الاثرية، هذا اسم نابلس من ايام الامبراطورية الرومانية مشتقة من "نابولي"، من حقي ان اسأل كل المسلمين والمسيحيين في العالم هل هذا مقبول لديهم؟
هل تشعر بالاحباط بسبب ردة الفعل العالمية والاسلامية والعربية ازاء ما يجري هنا؟
- احباط! ماذا يعني احباط؟ هل تنسين انك تكلمين اخاك ابو عمار الذي هو رسمياً رئيس منظمة التحرير الفلسطينية التي قدم اليها من كل الثوار في العالم علم الثورة العالمية عام 1974 في برلين؟
كُشف ان الجيش الاسرائيلي تدرب على خطة لابعادك من الاراضي الفلسطينية الى منطقة نائية لا عمران فيها…
- الى منطقة نائية! صحراء يعني… سيرمونني في الصحراء. اهلاً وسهلاً بذلك. نحن واياهم والزمن طويل ويا جبل ما تهزك ريح. ثم انت نسيت شعاري: لن يأخذوني أسيراً ولا سجيناً ولا طريداً ولكن شهيداً شهيداً شهيداً. اللهم اطعمنا الشهادة. لا تزال فئة من أمتي على الدين محافظين لعدوهم ظاهرين لا يضرهم من عاداهم وانهم لمنتصرون بحول الله… قيل يا رسول الله اين هم ومن هم؟ قال في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس وهم في رباط الى يوم الدين.
اثناء وجودك تحت الحصار خرج الناس لنجدتك وبايعوك من جديد والاستطلاعات اشارت الى ان 60 في المئة من الفلسطينيين سيصوّتون لك…
- كثير 60 في المئة وانا اكتفي ب55 في المئة.
ولكن 80 في المئة يؤيدون استمرار الانتفاضة والعمليات المسلحة…
- هل يعتقد احد ان شعبنا سيستسلم لهذا الاحتلال وهذا التدمير وهذا الحصار. نحن كقيادة وكشعب ما زلنا متمسكين بسلام الشجعان الذي وقعته مع شريكي الراحل اسحق رابين الذي دفع ثمن سلام الشجعان لهذه العناصر المتطرفة التي الآن في القمة في اسرائيل وفي الحكم. والسلام في ارض السلام في الاراضي المقدسة ليس للفلسطينيين انما للعالم اجمع لاطفالنا ولاطفالهم.
يطرح الآن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون "حلاً على مراحل" هل مقبول لديكم ان تعيدوا تجربة اوسلو من جديد؟
- هنالك قرارات يجب أن تنفذ. وهنالك اتفاقات يجب أن تنفذ.
هل ستقبلون بالمرحلية مرة أخرى؟
- سيعرض هذا الكلام على المجلس الوطني الفلسطيني وهو الذي يتخذ القرار.
اسرائيل وفي اطار تغيير الواقع على الارض تشيد "جدار الفصل الواقي"…
- هل تعلمين حتى الآن كم مساحة الاراضي الخصبة التي تمت مصادرتها حول طولكرم وقلقيلية وغرب جنين؟ اكثر من 80 الف دونم ارض خصبة من أراضينا الزراعية، وتحتها ثاني اكبر خزان مياه.
كنت اود ان اقول ان هذا الجدار وصل الى ضاحية ام الشرايط اي وسط مدينة رام الله…
- ليس هذا فقط… هذا ليس السور الواقي… بل حائط برلين حول القدس. انهم يمنعون المسلمين والمسيحيين من الذهاب الى الصلاة في القدس. ماذا يعني هذا دولياً ومسيحياً واسلامياً؟ يضمون مدخل بيت لحم لكي يكون تابعاً لهم في القدس، رئيس بلديتها اولمرت اين هذا في الاتفاقات؟
ولكن هناك سياسة امر واقع تفرضها حكومة شارون لتغيير الواقع الجغرافي والاجتماعي باسلوب الضم قطعة قطعة والفلسطينيون ما زالوا يطالبون بتطبيق القرارات الدولية؟
- هل هذه اول مرة؟ الم يشطبوا القرار 181 قرار التقسيم في الامم المتحدة؟ ألم يسألوا غولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيلية سابقة عندما وصلت الى قناة السويس وماذا عن الشعب الفلسطيني؟ اجابت هل هناك شعب فلسطيني؟ لا يوجد شعب فلسطيني. وهذا الشعب الفلسطيني منذ سايكس بيكو وقبلها المؤتمر الصهيوني في "بازل" وهو يواجه هذا المخطط دفاعاً عن هذه الارض المقدسة والمقدسات فيها.
مسؤول ملف القدس سري نسيبة وقّع على "وثيقة تفاهم" مع شخصيات يسارية اسرائيلية يتضمن اسقاط حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى ديارهم التي هجروا منها…
- لا احد يسقط حق العودة. هناك القرار 194 وانا قلت لهم ذلك رسمياً في الاتفاقات الموقعة بيننا وبينهم بمن فيهم شارون ونتانياهو في "واي ريفر".
المحكمة الفلسطينية اصدرت قراراً باطلاق الامين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات وحتى الآن لم ينفذ هذا القرار. الى متى سيبقى سجيناً؟
- لا تنسي كيف اغتالوا اخاه زوراً وعدواناً. مسكين لم يكن يعمل في السياسة. ونائبه عبدالرحيم ملوح عضو اللجنة التنفيذية موجود في السجن. هم ليسوا مساجين لا سعدات ولا الشوبكي. انهم تحت الرعاية الاميركية الاوروبية في اريحا لحين حل المشكلة.
هذه الصفقة سابقة. انها تدخل اجنبي في الشأن الفلسطيني الداخلي…
- هل اسلّمهم للاسرائيليين؟
لم تسلّم الطيراوي ولا ابو عوض ولم يكن هناك صفقة هذه المرة.
- كان هناك وساطة من اللجنة الرباعية. وجاءني مندوبون اوروبيون واميركيون ووصلوا الى اتفاق بالنسبة الى بيت لحم وكنيسة المهد وبالنسبة اليّ هنا، لم يستطيعوا ان يعتقلوا شخصاً واحداً.
هل تعتقد انه كان من الخطأ عقد هاتين الصفقتين؟
- في احد المعارك المهمة في مؤتة في صدر الاسلام، استشهد القائد الاول والقائد الثاني والقائد الثالث، والقائد الرابع كان خالد بن الوليد فأخذ القرار بالانسحاب، فلما رجع هاجت الناس عليه، لكن النبي صلى الله عليه وسلّم، قال: "سيف الله المسلول". لا تنسين انه في المعارك تؤخذ قرارات صعبة ولكن في النهاية اهم شيء هو ان طفلاً من اطفالنا وزهرة من زهراتنا سيرفعان علم فلسطين فوق كنائس القدس وأسوار القدس ومآذن القدس، يرونها بعيدة ونراها قريبة، وإننا لصادقون "وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة".
ترددت أنباء عن لقاء جرى بين محمود عباس أبو مازن أمين سر اللجنة التنفيذية ورئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي افرايم هليفي...
- ليس صحيحاً.
هل هنالك أي اتصالات مع الإسرائيليين؟
- كانت هناك محاولات. اتفاق بيت لحم - الخليل - غزة أولاً أن يبدأوا بالانسحاب منها فوراً بالاتفاق مع بن اليعيزر ثم جاء شارون وشطبها.
وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز صرح بأن الاصلاحات الداخلية في السلطة الفلسطينية من شأنها أن تقوّض سلطتكم؟
- هل هو الذي قرر الاصلاحات أم أنا الذي أعلنت الاصلاحات في خطابي في المجلس التشريعي. إذا كانت الاصلاحات تقوضني فمرحباً بها. أنا لا أجري اصلاحات من أجل نفسي، بل من أجل القضية المقدسة.
القدس كانت هي التي فجرت محادثات قمة كامب ديفيد... وهي الآن...
- ليس فقط القدس. صحيح انهم ارادوا أن يأخذوا ما تحت الحرم القدسي، ونحن لنا ما هو فوق. هكذا كان العرض. ويسيطروا على الحي الأرمني، قلت لهم انا لا أخون الأرمن. وأيضاً ان يسيطروا على كنيسة "الجثمانية" والمنطقة المحيطة بها، لأنهم يريدون أن يبنوا فيها مستوطنة، بالإضافة إلى السيطرة على الحدود مع مصر والحدود مع الأردن. فوراً بعد عودتي دعيت لجنة القدس للاجتماع وعرضت عليهم إذا قبلتم سأقول لهم نعم. وإذا رفضتم سأرفض. كان الله بالسر عليماً.
الآن وبذريعة وجود تصدعات في الحائط الغربي للحرم القدسي، تحاول حكومة شارون التدخل في شؤون الأوقاف.
- هذا أخطر. وهذه ليست المرة الأولى، حفروا على مدى 34 سنة انفاقاً أخطرها النفق الكبير. لم يجدوا حجراً واحداً يثبت أن معبد سليمان كان هناك. لأن الهيكل لم يكن في فلسطين تاريخياً. ولكن فقط وجدوا آثاراً لمعبد هيرودوس الروماني.
حالياً يحاولون أن يضعوا عدداً من الأحجار ليقولوا إننا كنا هنا. هذا كلام. ولكن اتحداهم أن يجلبوا حجراً من أحجار هيكل سليمان. الآن منعوا الأوقاف من متابعة الاصلاح في الحائط الجنوبي من الحرم الشريف، ولكننا نتابع هذا الأمر دولياً وترين ان العالم أجمع يقف الى جانبنا في هذا الشأن.
تدخل الانتفاضة الفلسطينية عامها الثالث، هل هناك كلمة تريد أن توجهها إلى الشعب الفلسطيني؟
- نعم "واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد".
كيف شعر ياسر عرفات في الأيام العشرة تحت الحصار؟
- اسألي غيري. انا عندي قرار ليس من الآن، اطول ثورة في العصر الحديث.
قادة إسرائيل العسكريون تبجّحوا بأنهم هزموا الفلسطينيين وزادوا أنهم يريدون أن يعترف الفلسطينيون ب"الهزيمة".
- قالوا بعد معركة "أحد" ان النبي صلى الله عليه وسلم قد هُزم. فماذا حدث. و"صلح الحديبية". قال عنه عمر بن الخطاب "صلح الدنية".
ادانة الهجمات
الشارع الفلسطيني يتأذى عندما تصدر السلطة بيانات إدانة ضد العمليات المسلحة. فالفلسطينيون يقولون انه رد فعل طبيعي على وجود الاحتلال في عقر دارهم، لماذا تدينون المقاومة؟
- لأن القرار الصادر عن القيادة يجب ان يحترم. وأوردت لك مثلين معركة "مؤتة" و"صلح الحديبية". لا يحق لأحد ان يخرج عن قرار القيادة.
ولكن الفلسطينيين يقولون ان ذلك دفاع عن النفس؟
- نحن الذين نقرر كقيادة، خصوصاً انني لا يمكن ان أقبل على شرفي العسكري ولا ديننا الاسلامي ان أقتل امرأة في شارع أو قهوة أو رجلاً مدنياً أو طفلاً أو في جامعة. نحن نقول في لغتنا العربية "الحرم الجامعي" نحن نحترم انفسنا وثورتنا وشعاراتنا الوطنية والقومية والدينية.
صدرت ادانات ايضاً عندما قتل جنود ومستوطنون...
- لا. دعينا نكون دقيقين ولا تدخلي معي في سين وجيم ساغلبك. أنا الذي أصدر القرارات مع القيادة وأنا الذي يقرر من هي القيادة. عندما كنت ضابطاً في الجيش المصري لم أتصرف على كيفي. كنت أنفذ قرارات. في عام 1973 عندما خضنا ثلاثتنا: المصريون والسوريون والفلسطينيون الحرب كانت القيادة لقائد الجيش المصري. وقدت منطقتي وانا أتابع كل شيء مع قائد الجيوش الثلاثة وهو القائد المصري. وأورد لك مثالاً آخر. عام 1981، عندما حصلت المعركة في جنوب لبنان وجاءت القوات الدولية واتفقنا على وقف القتال. أوقفناه. هنالك قرار يجب على الجميع ان يحترمه.
ماذا في شأن الحوار مع الحركات الاسلامية، خصوصاً حماس؟
- الحوار مستمر وهناك اخوان يتابعون هذا الموضوع.