مؤكد أن حظ اللبنانيين السينمائيون منهم على الأقل في مصر، طيب في هذه الأيام. إذ ها هو السينمائي أكرم زعتري يفوز بالجائزة الكبرى في المهرجان الدولي السادس للأفلام التسجيلية والقصيرة الذي يقام سنوياً في الاسماعيلية واختتم مساء أمس دورته السادسة. قبله بأيام كان اللبناني الآخر أسد فولادكار فاز بالجائزة الكبرى عن الفيلم الروائي الطويل في مهرجان الاسكندرية عن فيلمه "لما حكيت مريم"، كما فازت برناديت حديب بجائزة أفضل ممثلة عن الفيلم نفسه. فيلم أكرم زعتري الذي حقق الفوز الجديد "هو " هي: فان ليو"، هو فيلم تسجيلي عن حياة المصور الفوتوغرافي الأرمني فان ليو الذي عاش في مصر وحقق صوراً رائعة خلدت هذه الحياة. كان زعتري مهتماً بفان ليو منذ زمن، ودأب على جمع صوره، والتقاه وحاوره طويلاً، وصوّر ذلك كله قبل موت المصوّر بفترة قصيرة، ما مكن زعتري من الحصول على وثيقة تتجاوز كونها وثيقة فنية إبداعية لتصبح صورة من تاريخ مصر، وتاريخ البعد الاجتماعي للصورة طوال أكثر من خمسين عاماً. منذ عرض "هو " هي: فان ليو"، حقق اجماعاً، ومن هنا حين أعلن فوزه ب"جائزة الجوائز" في هذا المهرجان بدا الأمر طبيعياً. وتبين أن لجنة التحكيم التي تضم السينمائية مي مصري والناقد سمير فريد والمخرج عمر أميرالاي بين آخرين، التقطت جيداً الحساسية العامة التي آثارها الفيلم. فيلم اكرم زعتري كان واحداً من أربعة أفلام عربية فازت، في المهرجان نفسه، بجوائز مختلفة: فهناك فيلم "جنين جنين" من إخراج الفنان الفلسطيني المعروف محمد بكري عن مأساة الاحتلال والتدمير التي تعرضت لها مدينة جنين جائزة محافظة الاسماعيلية الخاصة. وهناك أيضاً "تحولات" للمخرج المصري الشاب حسن خان عما طرأ من جديد على أحوال الشبيبة المصرية جائزة لجنة التحكيم لأحسن فيلم تسجيلي قصير، ثم الفيلم المتميز "آخر الصور" الذي عرض باسم ايطاليا وحققه الفلسطيني أكرم صفدي مقدماً الحال الفلسطينية من خلال مغنية أوبرا تستعرض حياتها وعلاقتها بفلسطين، ومناضل سجين سابق صار بائعاً للبطاقات البريدية، كما من خلال صور التقطها المخرج نفسه للانتفاضة الأولى. "البئر" للإيراني بيرم فضيلي، وهو فيلم رائع في المقاييس كافة، فاز بجائزة أحسن فيلم روائي قصير، كما فاز "ليونارد" بجائزة لجنة التحكيم في الفئة نفسها. وفاز بجائزتي أفضل فيلم تحريك "حتى النخاع" و"الجيران"، وأعطيت جوائز أخرى لأفلام أجنبية هي "كان يا ماكان" و"مان وينازدا". وبهذا التوزيع للجوائز اختتم المهرجان أعماله مساء أمس في المدينة المصرية الواقعة على قناة السويس والتي تعبق بالتاريخ. ولئن كان في التوزيع الذي جرى خلال حفلة ضخمة في قصر الثقافة الفخم، ما أرضى علي أبو شادي، الناقد المعروف ومدير المهرجان الذي لفته بشكل عام المستوى المرتفع، خصوصاً لأفلام شباب عرب من بلاد متنوعة في أنحاء العالم، فإن الجمهور صفق من دون أن تفوته ملاحظة تطور في هذا النوع المتقشف من السينما، يضعه على تضاد تام مع السينما الأخرى الجماهيرية. وكما في كل مناسبة من هذا النوع كان هناك خاسرون ورابحون، ظالمون ومظلومون.