قالت مصادر برلمانية سورية ل"الحياة" ان لجنة سداسية من القيادة لحزب "البعث" الحاكم تعكف منذ فترة على تقييم اداء مجلس الشعب البرلمان السوري في الدور التشريعي الاخير لوضع توجهات عامة للانتخابات المقبلة المقررة في بداية العام المقبل. وتضم اللجنة السداسية نائبي الرئيس عبدالحليم خدام ومحمد زهير مشارقة والامين العام المساعد ل"البعث" عبدالله الاحمر والامين القطري سليمان قداح ورئيسي البرلمان عبدالقادر قدورة والحكومة محمد مصطفى ميرو. وعقدت اللجنة الى الآن اجتماعين لمناقشة اداء مجلس الشعب في السنوات الاربع الاخيرة. ومن المقرر ان ينتهي الدور الحالي في منتصف كانون الاول ديسمبر المقبل. وينص الدستور السوري للعام 1973 على اجراء الانتخابات في مدة اقصاها 90 يوما. لكن التقديرات تشير الى احتمال اجراء الانتخابات في بداية العام بحيث تشمل تغيير معظم النواب "البعثيين" الذين ترشحهم قيادة الحزب، ذلك قبل توجيه الولاياتالمتحدة ضربة عسكرية الى العراق. وكان الرئيس الراحل حافظ الاسد رفع عدد اعضاء البرلمان الى 250 عضوا وسمح بدخول 85 مستقلا في اطار الانفتاح السياسي الذي حصل بعد انهيار الكتلة الشرقية في بداية التسعينات، ودخل وقتذاك تجار وصناعيون الى البرلمان الذي شهد نقاشات ساخنة حول قضايا اجتماعية واقتصادية، خفت وتيرتها تدريجا في دورتي 1994 و1998. وكان بين النواب المستقلين رياض سيف ومحمد مأمون الحمصي اللذان حكما امام القضاء المدني بالسجن مدة خمس سنوات لانهما "انتهكا القوانين السورية"، حيث دينا ب"الدعوة الى تعديل بالقوة" لدى مطالبتهما بتعديل الفقرة الثامنة من الدستور التي تعتبر حزب "البعث" الحاكم "قائداً للدولة والمجتمع". واعلن قدورة قبل ايام اسقاط عضويتهما لأن الفترة المقبلة لا تتطلب دستورياً انتخاب بديل عن كل منهما. وتجرى الانتخابات عادة بأن تحدد قيادة "البعث" مرشحيها ومرشحي الاحزاب الشيوعية والناصرية والقومية المتحالفة معها في اطار "الجبهة الوطنية التقدمية" منذ العام 1972، لطرحها في قوائم مع ترك حصة المستقلين حرة للمرشحين والناخبين. ونتيجة دخول اكراد ومؤيدين ل"حزب العمال الكردستاني" بزعامة عبدالله اوجلان وارسالهم وثيقة الى البرلمان التركي تتضمن المطالبة بحقوق الاكراد هناك، شهدت انتخابات الدورتين الاخيرتين حذراً رسمياً في محافظات حلب وريفها والحسكة عبر "توجيهات" بترشيح قوائم انتخابية فيها. واشارت صحيفة "النور" الناطقة باسم "الحزب الشيوعي" بزعامة يوسف فيصل الى ان قيادة "البعث" تدرس اصدار قانون للاحزاب عشية اجراء الانتخابات، ما فتح الباب واسعا لحصول نقاش بين مثقفين وحزبيين سوريين في الصحف المحلية ومواقع الانترنت. وفيما اعربت المصادر البرلمانية عن اعتقادها بأن "الفترة المتبقية لم تعد كافية لاصدار قانون للاحزاب يسمح بهامش اوسع للعمل السياسي في الانتخابات وان مشروع قانون الاحزاب موضوع جانبا حالياً"، اكدت ان السلطات "لن تسمح في اي ظرف تأسيس احزاب سياسية على اساس قومي او ديني". وبدا عدد من الباحثين والنشطاء متفائلين بصدور قانون للاحزاب. اذ قال الباحث محمد جمال باروت ان اجراء الانتخابات التشريعية المقبلة "على اساس تعددي حزبي - سياسي ينظمه للمرة الاولى في سورية منذ ثلاثين عاما ونيف قانون للاحزاب، يجب ان يترافق مع اعادة النظر في قانون الانتخابات العامة لعام 1973 وتعديلاته بما ينسجم مع تمثيل الانتخابات التشريعية لاتجاهات الرأي العام السوري".