في الوقت الذي تجول فيه وفود ادارية من الجامعات الخاصة في لبنان على الدول العربية لاستقطاب طلابها الى جامعات بيروت بعد تخلي عدد لافت منهم عن فكرة الدراسة في جامعات الولاياتالمتحدة، يشهد لبنان وعدد من الدول العربية جولات "مضادة" لوفود اكاديمية من هذه الجامعات الاميركية لتوجيه "دعوات شخصية" لاقناع الطلاب العرب بأن الابواب مفتوحة امامكم في الولاياتالمتحدة وانها لم تقفل مع الاقرار بحصول عثرات. ولا يجد المدير التنفيذي للعلاقات الدولية في جامعة "ويسترن ميتشيغن" هاورد دولي افضل من كلمتي "اهلاً وسهلاً" باللغة العربية، قالها مرتين، لتأكيد الترحيب بالطلاب الاجانب لا سيما العرب في هذه الجامعات، فيما اختار السفير الاميركي لدى لبنان فنسنت باتل فندق "ريفيرا" المجاور للجامعة الاميركية في بيروت مكاناً للقاء الاعلاميين بدلاً من حرم السفارة الاميركية واجراءاتها الامنية، في ايحاء الى التقارب المطلوب ايصاله الى الخائفين مما سماه "بعض الاحداث السلبية التي كانت صغيرة جداً لكنها اثارت اشاعات وتحولت الى خرافات". وفضّل باتل اختصار مشكلة عزوف الطلاب العرب عن الذهاب الى الولاياتالمتحدة بسبب واحد هو صعوبة الحصول على تأشيرة دخول، ولم يجد مفراً من "الأسف للازعاج الذي تحمله بعض الطلاب وأهاليهم في الاشهر الستة او الثمانية الاخيرة بسبب التغيرات الادارية لاصدار التأشيرات"، موضحاً "ان الطلبات للحصول على تأشيرة طالب لم تتغير بل اصبح الوقت المطلوب اطول، سعينا جاهدين لانهاء التراكم في طلبات التأشيرات التي ما زالت قيد الدرس وآمل في ان نتمكن قريباً من توقع المدة التقريبية لاصدارها". ويوغل باتل في تبرير التأخير "فتاريخ 11 ايلول سبتمبر برهن ان اميركا معرضة للهجمات الارهابية وواجبنا الاول هو حماية المواطنين الاميركيين والزوار ويجب ألاّ ننسى ان مواطنين من اكثر من 90 دولة ومنها لبنان قتلوا في هذه الهجمات الارهابية ويجب ان نتفادى اي هجمة مستقبلية، واحدى الطرق لذلك تكمن في التدقيق في كل طلبات التأشيرات وقد تستغرق الاجراءات الجديدة وقتاً اطول لكننا نعتبر ان حماية الاميركيين والطلاب الاجانب الذين يسعون الى متابعة دروسهم في بلادنا تستحق هذا الوقت". والرسالة التي يراد ايصالها من خلال الجولات التي تنظمها مؤسسة "اميديست" برعاية وزارة الخارجية الاميركية وبالتعاون مع السفارات الاميركية في المنطقة، تولى باتل وثلاثة اكاديميين اعلانها من بيروت "ابواب الجامعات الاميركية مفتوحة امام الطلاب، نرحب بكم ونقدر وجودكم في كلياتنا اكثر من اي وقت، لأميركا ولبنان تاريخ مشترك طويل في التبادل التربوي والثقافي، وهذا التبادل يؤسس لتفهم قيمنا المشتركة ولتقبل اختلافاتنا، وبعد احداث 11 ايلول نحن احوج ما نكون الى التفهم والتقبل لنتمكن من تخطي الصور المسبقة الظالمة ولنبني التعاون بين الشرق والغرب وهذه فحوى التربية، توسيع الآفاق وفهم الماضي والسعي الى تحسين المستقبل، ان الاميركيين يستطيعون ان يتعلموا الكثير عن الشرق الاوسط وعن التنوع بين العرب وعن تاريخ العالم الاسلامي عبر الطلاب اللبنانيين الذين يتابعون دروسهم في الولاياتالمتحدة، كما يستطيع الطلاب اللبنانيون ان يتعلموا الكثير عن التاريخ والثقافة الاميركيين في جامعاتنا وعكس ما تظنون ربما، الولاياتالمتحدة ليست تماماً كما تشاهدونها في افلام هوليوود، بل هي افضل من ذلك بكثير". وتولى كل من الدكتور دولي والمدير التنفيذي لقسم المبادرات الدولية في جامعة "نورث ايسترن" في منطقة بوسطن باتريك بلانكيت ومساعدة نائب الرئىس للبرامج الاكاديمية الخاصة في جامعة "جورج واشنطن" اوسكار بوروث تسويق هذه الجامعات لبنانياً وعربياً، ففي جامعة "ويسترن ميتشيغن" نحو 30 ألف طالب بينهم 2000 اجنبي يمثلون 102 دولة منها 18 من الشرق الاوسط وشمال افريقيا، و"الولاية تضم اوسع جالية عربية في اميركا والطالب حين يأتي تتوافر له مقومات كثيرة كي يشعر وكأنه في بلده". اما في جامعة "نورث ايسترن" فهناك 22 ألف طالب بينهم ثلاثة آلاف اجنبي منهم 400 من شمال افريقيا والشرق الاوسط ومن هؤلاء 35 من لبنان. وتضم جامعة "جورج واشنطن" 14 ألف طالب بينهم ألوف الاجانب ونحتاج في اميركا الى اصدقائنا وطلابنا الاجانب الذين يستطيعون ان يسهموا في معرفتنا للعالم ولطلاب الشرق الاوسط ولبنان دور اساسي في تثقيف طلابنا. وحين تبدأ الملاحظات عن ان عزوف الطلاب عن الذهاب الى الولاياتالمتحدة سببه مشاعر الخوف من المجتمع الاميركي من المضايقات الامنية التي يتعرض لها الطالب العربي. يحاول السفير باتل التقليل من اهميتها "فالمجتمع الاميركي عموماً لا يزال متسامحاً ومتقبلاً للتنوع، ورأيتم مسؤولين في البيت الابيض والحكومة الاميركية يبذلون جهداً كبيراً للتأكيد ان الأمر ليس موجهاً ضد اي مجموعة معينة، وأعطى المسؤولون الكبار وخصوصاً خلال شهر رمضان الماضي مثالاً للتسامح الذي اشتهرت به اميركا". ولم ينف الاكاديميون الثلاثة تحرك المكتب الفيديرالي للتحقيق اف بي آي في اتجاه الجامعات، فقال دولي: "ان هذا الجهاز استجوب عدداً من طلاب جامعته وعاملهم بطريقة جيدة جداً ولم يستمر الاستجواب اكثر من ساعتين ولم يشكل ذلك مشكلة بالنسبة الى طلابنا الاجانب"، وقال بلانكيت: "ان الجهاز ابلغ الوكالة المهتمة بأمور الطلاب الاجانب في الجامعة ضرورة التأكد من اننا سجلنا بعض المعلومات الاساسية، وبعدما استشرنا حقوقيين تبين لنا ان الامر عادي ولا يناقض الحفاظ على خصوصية الطلاب". وأوضح السفير باتل "ان الطالب الذي ينال تأشيرة دخول خاصة بالطلاب عليه الحفاظ على هذه الصفة ويتطلب ذلك ان يؤمن دواماً دراسياً كاملاً، والسلطات كانت دائماً تحاول التأكد من هذا الامر لكن يتبقى ان طلاباً كثراً لم يحترموا الدوام الكامل. وعلى الجامعات ان تؤكد للسلطات ان الطالب هو بدوام كامل". ويلفت باتل الى "ان على رغم حصول تشنجات فإن ثمة حقيقة وراء كل الصعوبات وهي ان الابواب ما زالت مفتوحة امام الطلاب ومن المهم بالنسبة الينا ان يستمر الطلاب في المجيء الى الولاياتالمتحدة". معتبراً "ان تفضيل الطلاب العرب الدراسة في الجامعتين الاميركية في بيروتواللبنانية - الاميركية هو خيار. ولا يعني ان الطلاب فضلوا بيروت على الذهاب الى الولاياتالمتحدة، ونحن مسرورون لأن هاتين الجامعتين عادتا لاستقطاب الطلاب ما يشير الى قوة التعليم العالي من لبنان ومقدرته على جذب الطلاب من العالم العربي، لكن من الخطأ ربط المسألتين معاً". دكتور بلانكيت اعتبر ان السؤال الذي تردد عن سبب كره العرب والمسلمين للأميركيين "ليس مطروحاً، على الاقل في جامعتنا التي فقدت ثلاثة طلاب كانوا على متن احدى الطائرتين اللتين خطفتا من بوسطن ومع ذلك فإن التضامن كان جامعاً للمسلمين والمسيحيين واليهود". الوفد الاكاديمي الاميركي عقد على مدى يومين لقاءات في الجامعات ومع طلاب ثانويين وجامعيين برفقة اهاليهم لطمأنتهم، فيما حرص السفير باتل على التأكيد ان لا قيود امام الطلاب العرب لدراسة اي اختصاص في الولاياتالمتحدة.