تنتشر في بعض المدن الايطالية ظاهرة النشل، وتعتبر روما ومناطقها السياحية الشهيرة الفوروم رومانو أهم مناطق نشاط النشالين الذين تراوح ضحاياهم بين السياح والمتقدمين في السن والنساء وتجمعات المسافرين في محطات القطار او الحافلات. وغالباً ما تنجم عمليات النشل عن الإهمال، عند النساء حين يتركن حقائبهن من دون اهتمام لتكون هدفاً سهلاً، إضافة الى الجيوب المنتفخة في زحمة المواصلات، او حقائب السفر داخل محطات القطار والمطارات التي تختفي في لحظات عند أول التفاته يقوم بها المواطن ليضع السارق حقيبة كبيرة تستولي على حقيبة السائح وكأنها وعاء يكبس ليحتضن الكنز المسروق. واضطرت شرطة العاصمة خلال الآونة الأخيرة الى تخصيص فرق أمنية مدنية خاصة في فترات الازدحام الصباحية، وفي المواسم السياحية، وفي الاحتفالات الشعبية والدينية، لتجميع المعلومات عن عصابات النشل ومتابعة أفرادها ونشاطاتهم، وتشديد الحراسة على أبواب مترو روما وطرق المركز التاريخي لروما القديمة، وحول ميدان كنيسة القديس بطرس وأبواب الفاتيكان. وأعلنت الشرطة الحرب على هذه العصابات التي أصبحت هي الأخرى مهيأة اكثر من قبل لمواجهة المطاردات اليومية، وزرعت الشرطة عناصر متعددة الأجناس والألوان من الشبيبة الإيطالية والأجنبية في كل مكان، من باعة ومخبرين ومتسولين زائفين لرصد عمليات النشل التي احبط بعضها ونجح معظمها، لأن النشالين سرعان ما يتعرفون الى "أعدائهم" الجدد بكل بساطة من خلال مخبريهم أيضاً المندسين في الأجهزة الأمنية نفسها، ومن خلال تعاون بعض رجال الشرطة والأمن مع هذه العصابات لقاء الحصول على رشاوى منتظمة. ووظف النشالون جيشاً من صغار الغجر الذين يسيرون داخل المدينة على شكل تجمعات مراقبة ومحمية من الكبار الذين يترصدونهم من بعيد لاتمام عمليات النشل، كما بدأت العصابات النابوليتانية نسبة الى مدينة نابولي توظيف عدد من الشباب العاطلين من العمل من الإيطاليين والمهاجرين الأجانب، لقاء اجور يومية او نسب مئوية يتفق عليها وتضمن هذه الجماعات حمايتهم والدفاع عنهم في حال التهديد او وقوعهم في أيدي رجال الشرطة. تقول فتاة عراقية في محطة روما المركزية تعمل مخبرة لدى الشرطة في مكافحة عصابات النشل ان من الصعب على العصابات كشفها "لا يستطيع اي منا معرفة من يعمل معه داخل المحطة، ونحن نستخدم من بعيد جهاز الهاتف النقال للاتصال برقم خاص يعطي إشارة سريعة الى الكونترول المركزي الذي يوجه عناصره بثوان معدودة الى المكان المحدد". وعن عدد ساعات عملها قالت: "لا يتجاوز وقت عملي اكثر من سبع ساعات في اليوم، اقضيها متنقلة ما بين مقهى وآخر داخل المحطة وبعض الأحيان اقرأ الصحف اليومية والمسؤولون ينقلوننا من مكان الى آخر بعد مضي فترات لا تتجاوز الثلاثة اشهر حتى لا يشتبه أحد بدورنا على رغم ان أعضاء هذه العصابات لهم من يحاول تشخيصنا". وهل استطعت ان توقيعي ببعض النشالين خلال عملك؟ - نعم وباستمرار، وقد حصلت في اكثر من مرة على مكافأة من المسؤول لأن "الغنيمة" كانت أحد الرؤوس الكبيرة في عصابة متخصصة بعمليات السرقة. وفي عدد من المرات كان الضحية عدد من الأشقاء المغاربة وهو أمر مؤسف للغاية. هل أنت موظفة في مركز الشرطة الرئيسية في مدينة روما؟ - نحن نعمل بحسب نظام المكافآت الشهرية المقطوعة، وأنا خريجة جامعة بغداد في الاقتصاد، وأحمل ترخيص الإقامة الرسمية منذ اكثر من خمسة عشر عاماً، أتحدث الإنكليزية والإيطالية بطلاقة، إضافة الى معرفتي التي تتنامى يوماً بعد آخر باللغتين الألبانية والغجرية اللتين تفرضها ظروف عملي الحالي. كيف تم اختيارك لمثل هذا العمل؟ - كان ذلك قبل أربع سنوات. كنت حينها أراجع مركز قيادة الشرطة لتجديد إقامتي السنوية وكنت اعمل بائعة ملابس. وقد استفسر الشرطي عن معرفتي باللغات الأجنبية وشهادتي الجامعية ثم قدمني للمسؤول الذي عرض علي عملي الحالي، وقد وافقت في الحال.