احتجزت قوات الاحتلال الاسرائيلي مئات المواطنين في مدينة جنين ومخيمها سجناء في الطوابق السفلى من بنايتهم السكنية بعد ان طردتهم من الطوابق العليا واحتلتها ووضعت القناصة فوق اسطحها وذلك في اليوم الثاني لاعادة احتلال المنطقة في اطار عملية عسكرية جديدة اطلقت عليها اسم "التنظيف". وفيما انهى المبعوث الاميركي الخاص وليام بيرنز زيارته الى اسرائيل والاراضي الفلسطينية بدون التمكن من تحقيق تقدم، حذرت مؤسسات حقوقية من وقوع كارثة بسبب قطع الماء والكهرباء عن بعض الحارات، مشيرة الى ان الجنود الاسرائيليين يقومون بعمليات "انتقام جماعي" ضد المواطنين هناك. أكد شهود عيان ل"الحياة" ان قوات اسرائيلية مكونة من مئات الجنود معززين بآليات عسكرية ثقيلة بما فيها الدبابات احكمت سيطرتها على جنين ومخيمها بعد ان فرضت نظام منع التجول واحتلت نحو 50 بناية ومنزلا سكنيا بعد ان طردت سكانها منها واحتجزتهم في غرف صغيرة في الطوابق السفلى ومنعتهم من التحرك. ويخضع الفلسطينيون المحتجزون لامزجة الجنود الاسرائيليين في ما يتعلق بالسماح لهم بالتزود بالماء داخل الغرف التي تم احتجزوهم فيها. واشارت المصادر ذاتها الى ان جنود الاحتلال صادروا اجهزة الهواتف النقالة من سكان المنازل وقطعوا خطوط الهواتف الارضية كما قطعوا المياه والكهرباء في بعض المناطق فيما منعت صهاريج المياه التي تزود المواطنين بالماء من التحرك، الامر الذي يعرض حياة المواطنين للخطر خصوصا بعد ان اعلن رعنان غيسين الناطق باسم الحكومة الاسرائيلية ان احتلال جنين "سيستمر طالما اقتضت الضرورة ذلك". واحتلت القوات الاسرائيلية مدرسة عز الدين وحولتها الى مقر للدبابات. وكان وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر وصف جنين بانها "عاصمة الارهاب". وقال الناطق باسم الجيش الاسرائيلي للاذاعة الاسرائيلية ان "محاصرة المدينة ومخيمها واحاطتهما لم يعد مجديا وعلينا ان نحكم سيطرتنا من الداخل". واعلنت اسرائيل ان الهدف من العملية العسكرية الجديدة التي اعتبرتها امتدادا لعلمية "السور الواقي" هو "تنظيف المدينة من الانتحاريين واعتقال نحو 20 مطلوبا فلسطينيا لها". وقالت مصادر اسرائيلية ان قوات الاحتلال اعتقلت في الساعات الاخيرة ستة فلسطينيين في مدينة جنين ومخيمها وقرى مجاورة بينهم مطلوب واحد لم تعلن عن هويته. واضافت ان الجيش كان يستعد ايضا لتدمير منزلي منفذي العملية الانتحارية ضد حافلة قرب الخضيرة. وتعتبر اسرائيل جنين ومخيمها 35 الف نسمة معقلا قويا ل"حركة الجهاد الاسلامي" التي اعلنت عن مسؤوليتها عن تنفيذ عملية الخضيرة الاخيرة التي استهدفت حافلة للجنود الاسرائيليين قتل فيها 14 شخصا حسب المصادر الاسرائيلية. كما يوجد فيها عناصر من كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة "فتح". وكان مخيم جنين مسرحا لقتال عنيف بين المقاومين الفلسطينيين وقوات كبيرة من وحدات النخبة في الجيش الاسرائيلي استمر عشرة ايام متواصلة قتل فيها عشرات الفلسطينيين فيما اعتبره الفلسطينيون مجزرة، و23 جنديا اسرائيليا في اوائل نيسان ابريل الماضي في اوج عملية "السور الواقي" العسكرية الاسرائيلية التي اعادت اسرائيل خلالها احتلال معظم مدن الضفة الغربية. وتوقف القتال في المخيم بعد ان هدمت الجرافات والمروحيات العسكرية الاسرائيلية احياء بكاملها وحولتها ركاما. واعرب سكان جنين عن تخوفهم من الايام المقبلة مشيرين الى ان الجيش الاسرائيلي ركز في اليومين الماضيين على احكام سيطرته على المدينة والمخيم وان "الآتي اشد رهبة". واوضح بعض السكان ل "الحياة" ان تصرفات الجنود الاسرائيليين تشير ان الهدف من العملية "ليس اعتقال مطلوبين بل عملية انتقام ممنهجة وقاسية ضد السكان جميعا بعد ان فشلت كافة المحاولات الاسرائيلية لكسر المخيم والمدينة". ودعا نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اللجنة الرباعية الدولية الى ارغام اسرائيل على سحب قواتها من جنين. وكانت السلطة الفلسطينية دانت اعادة احتلال جنين ووصفتها بانها "دليل على ان الحكومة الاسرائيلية لن تقبل باي خريطة طريق للسلام". واتهمت السلطة الفلسطينية الحكومة الاسرائيلية ب "تخريب" جهود مساعد وزير الخارجية الاميركي وليام بيرنز الذي عرض في المنطقة "خريطة الطريق" لعملية السلام الاميركية وغادر امس متوجها الى اليمن. ووصفت السلطة الفلسطينية اعادة انتشار الجيش الاسرائيلي في الخليل بانها "مسرحية". وفي الخليل، منع الجنود الاسرائيليون وصول حاويات مياه الى قرى جبل الخليل كانت ارسلتها منظمة "تعايش" الاسرائيلية اليسارية. ودعا الاتحاد الاوروبي اسرائيل الى الانسحاب من جنين "وضبط النفس". وكان مخيم طولكرم شمال الضفة الغربية تعرض بدوره الى قصف اسرائيلي في الساعات الاخيرة.