من النافذة المفتوحة، قفزت الى الداخل، فحجبت عين الشمس، ومنعت وصول الضوء الى الاسرة، الجالسة في أمان واطمئنان... اظلم المكان. هل حدث خسوف للشمس؟ هكذا سأل الأب كل من حوله من الافراد. ولكنها لم تمهله واستقرت على صدره، فعاد الضوء ينتشر في الاركان المعتمة، بينما انشبت مخالبها في وجهه العريض، فسال الدم. بدأت تلعق فيه بتلذذ غريب. المفاجأة، شلت الجميع، فلم يستطع احد ان يفكر ماذا يفعل؟ تغلبت الزوجة القوية على جمودها ورفعت العصا اليابسة ونزلت بها على ظهرها المقوس، وشعرها النافر الابيض كالحرير، ضربتها بكل قوة وغيظ، فتراجعت الى الوراء في جنون وأكثر شراسة من ذي قبل، وقفزت فوق المائدة، وعادت تتفرس في وجه الزوجة الغيورة وتستعد للانقضاض من جديد. صرخت الزوجة: "انني اعرفها" ولم تستكمل كلامها، فقد هاجمتها وهي تصرخ في وجهها لطردها خارج البيت، بدأت الزوجة تدافع عن نفسها وكيانها وحيدة، والاخرى تنشب مخالبها في جسدها، فينزف الدم سطوراً في المكان الذي مررت فيه مخالبها الحادة الطويلة الملونة. وأطبقت الزوجة عليها من رقبتها وخنقتها بشدة، فأخذت تموء في ضعف واستسلام، فقذفتها بقوة تجاه جدار الحجرة، فاصطدمت به وسقطت على الارضية الصلبة. صرخت الابنة الشابة في فزع عندما شاهدتها تقترب منها: "ليست حيواناً" فقفزت على كتفها وأخذت تنهش منه، والابنة تصرخ والكل في ذهول، كأنما تسمر مكانه بالغراء، لا يستطيع الحركة او السير. ومدت الأم ذراعيها تحاول المساعدة، ولكن الابن كان اقرب اليها، فاستطاع الامساك بها من ذيلها، وجذبها عليه بشدة ودار بها حول نفسه في فراغ الحجرة، ثم قذف بها خارج النافذة وهو يقول في ضيق: "اللعنة"!! وظل الزغب الذي في ذيلها عالقاً في يديه، اخذ ينفضه في ضوء الشمس القادم من النافذة المفتوحة، بدأ الزغب المتناهي في الصغر يتصاعد مع الضوء ويرتفع رويداً، رويداً... حتى صار خارج الحجرة. عاد الهدوء يخيم على ارجاء البيت. وسرى الأمان والاطمئنان بين افراد الاسرة. قالت الزوجة بعد ان افاقت من المحنة: "كأنه حلم، وليس حقيقة!" وأفاق الأب من هول ما حدث، قال: "كانت بيضاء، ناعمة الوبر...". قالت الابنة الشابة: "وشقراء، يلمع الشرر الاخضر من عينيها". هزت الزوجة رأسها لتنفض النعاس والكسل: "انها شرسة، لن افتح لها النافذة مرة ثانية...". نظر الابن الوحيد الى الوجوه وقال: "امرأة ملعونة!".