أعلن بيان فرنسي - ليبي مشترك صدر في اعقاب اجتماع اللجنة المشتركة الذي رأسه وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان ونظيره الليبي عبدالرحمن شلقم عن اتفاق للتوصل الى حل نهائي لقضية تفجير طائرة "يوتا" الفرنسية العام 1989 وينص على التزام ليبيا بتنفيذ قرارات القضاء الفرنسي المتعلقة بأُسر الضحايا التي لم تحصل بعد على تعويضات. لكن شلقم قال، من جانبه، في مؤتمر صحافي عقده في باريس ان "هناك حكماً صدر عن القضاء الفرنسي في قضية يوتا وأدى الى تقاضي التعويضات، وهناك قضايا مرفوعة الى المحكمة التي ستتخذ قراراً في شأنها". وقال ان الموضوع قانوني و"استغرب كيف يعترض بعض الناس على تنفيذ قانون فرنسي صادر عن القضاء الفرنسي". واضاف ان "هناك اطرافاً تريد استغلال هذا الموضوع لأسباب عنصرية وعدائية". ونفى اي علاقة بين قضيتي "يوتا" و"لوكربي" تفجير طائرة بان اميركان العام 1988. وقال ان لكل بلد قوانينه المدنية و"الجميع قبل منذ البداية بالمعالجة القانونية". لكن مصدراً فرنسياً مطلعاً اكد ل"الحياة" ان القضيتين مرتبطتان وان فرنسا متضامنة مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا في مجلس الأمن بالنسبة الى قضية "لوكربي". وقال شلقم ملمحاً الى مطالبة أسر الضحايا في حادثة "يوتا" بالمزيد من التعويضات: "اننا نرفض الابتزاز ولا يمكن ابتزازننا من أي جهة، فالمشاكل تحل بالقانون". وعن الليبيين الستة الذين حوكموا غيابياً في فرنسا ودينوا في قضية "يوتا" اشار شلقم الى ان محاكمتهم غيابياً "لا تعني بالضرورة انهم مجرمون. فمن الممكن ان تعاد محاكمتهم وينالوا البراءة"، وان "ليس من حق احد، بما في ذلك المحامين، ان يدافع عنهم بغيابهم، ومعروف ان الحكم الغيابي في العالم كله يعني الإدانة". أما بالنسبة الى العلاقات الاميركية - الليبية فقال ان الخلاف لم يبدأ منذ حادثة "لوكربي" وانما منذ سنة 1969 حين اسقطت الثورة الليبية النظام الملكي، وانه "لا يوجد الآن بين ليبيا واميركا أي داع للصدام. ونحن نعمل على تطبيع العلاقات". ورداً على سؤال "الحياة" عما اسفرت عنه محادثات ليبيا مع الشركات النفطية الاميركية للعودة الى العمل في الحقول الليبية، قال شلقم: "لقد حافظنا على حقوق الشركات التي كانت تعمل في ليبيا وعقدنا معها اتفاقات وقلنا لها اننا لا نستطيع قبول هذا الوضع الى ما لا نهاية، لأننا نريد تطوير احتياطنا وانتاجنا". وتابع ان عودة هذه الشركات الى ليبيا متوقفة على القوانين الاميركية الاحادية مثل قانون "داماتو" و"ايلسا" العقوبات على ايران وليبيا و"نحن حريصون على عودتها لأن تقنيتها جيدة والسوق الاميركية هي الأكبر. ونحن مستعدون هذا المساء لعودة هذه الشركات". وأشار الى ان الاتفاقات النائمة مع هذه الشركات مداها حتى سنة 2005، وانه بعد هذا التاريخ يصبح من حق ليبيا ان تتصرف. وعن زيارة المسؤول الليبي السيد أحمد قذاف الدم للبنان وهل ساهمت في حل مشكلة اختفاء الإمام موسى الصدر في ليبيا، قال شلقم ان "علاقتنا مع الرئيس اميل لحود ممتازة ونحن لا نتعامل مع لبنان بصفته طوائف. فلبنان واحد ولا نستطيع التعامل مع طائفة معينة فهذا غير معقول". وأضاف ان "من استغل قضية موسى الصدر يعرف جيداً انه غادر ليبيا بوثائق وموجودات الى ايطاليا". وتابع ان ليبيا عملت على دعم الصدر لأنه كان معادياً لاسرائيل ومؤيداً لمنظمة التحرير الفلسطينية ومناهضاً للطائفية، و"لم يكن على تناقض معنا، ولكن لأسباب على صلة بالتركيبة الداخلية هناك من يريد الاصطياد بالمياه العكرة. وهذه مشكلته". واكد ان العلاقة مع لبنان على المستوى الرسمي جيدة وان هذه المشكلة ضد المصلحة اللبنانية "وتجار التفاح اللبنانيون يعانون منها لأن ليبيا كانت تستهلك هذا التفاح وهم الآن يدفعون الثمن". وعن العلاقات الفرنسية - الليبية قال شلقم ان لا تناقض اساسياً اليوم بين البلدين. وأشار إلى أن فرنسا تلعب الآن دوراً دولياً من أجل حفظ السلام والتوازن في العالم، و"فرنسا اليوم ليست فرنسا قبل 20 سنة". وقال مصدر فرنسي مطلع ل"الحياة" إن التزام ليبيا دفع التعويضات يشمل أسر الضحايا التي لم تحصل على تعويضات في السابق، وان احكاماً قضائية ستصدر في هذا الشأن. وذكر أن هناك عائلات أخرى استقبلت في وزارة الخارجية وتم الاستماع إلى مطلبها بالحصول على تعويضات اضافية. وتعتقد فرنسا ان تطبيع العلاقات مع ليبيا سيمكنها من أن تعوض ما خسرته من عقود كبرى، كانت السلطات الليبية امتنعت عن توقيعها بعد الشكوى التي قدمتها منظمة "اس او اس اعتداءات" ضد القذافي، ومن بينها عقد ببناء محطة توليد كهربائية بقيمة 5 بلايين يورو.