نصح الرئيس الفرنسي جاك شيراك كبار المسؤولين اللبنانيين باتباع سياسة "أكثر اعتدالاً" في ما يتعلق بموضوع ضخ مياه الوزاني الذي دشّن لبنان مشروعه الأربعاء الماضي، تفادياً لرد فعل اسرائيلي قد يكون عنيفاً إزاء هذا المشروع. راجع ص 6 و7 وذكرت مصادر لبنانية وزارية، وأخرى فرنسية متطابقة، ان الرئيس الفرنسي أبلغ رؤساء الجمهورية إميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري، اثناء لقائه بهم بعيد وصوله الى بيروت في زيارته الرسمية ليوم واحد قبل افتتاح القمة الفرنكوفونية أمس، مخاوفه من أن الجانب الاسرائيلي قد يستغل الخلاف مع لبنان على قضية الوزاني من اجل القيام بعمل عسكري ضده، وأن تل أبيب قد تستفيد، بعد اختتام أعمال القمة الفرنكوفونية يوم غد الأحد من اجل اطلاق العنان لتهديداتها، وربما لأعمالها العسكرية. وأوضحت مصادر لبنانية رسمية ل"الحياة" ان شيراك أوضح للرؤساء ان عقد القمة في بيروت لجم الجانب الاسرائيلي عن رد الفعل العسكري إزاء مشروع لبنان للاستفادة من جزء من مياه الوزاني، "لكن بعد انتهاء القمة بدءاً من الاثنين المقبل لا يمكن التكهن بما يحتمل ان يقدم عليه الاسرائيليون". وأشارت المصادر الى ان شيراك كرر في اجتماعه مع الحريري مساء أول من أمس، في حضور عدد من معاونيه، ومن الوزراء اللبنانيين، النصيحة، مشيراً الى انه فوجئ "باللهجة العنيفة" لكل من وزيري الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز والدفاع بنيامين بن اليعيزر حين زارا فرنسا، إزاء لبنان ومشروع الوزاني. ونقلت المصادر عن شيراك قوله: "الوضع ليس سهلاً وهناك مخاطر من التهديدات الاسرائيلية، وأنا أنصح كصديق لكم ان تتجنبوا اعطاء ذريعة لاسرائيل كي تقوم بضرب لبنان. فالجانب الاسرائيلي ينتظر فرصة لتوجيه ضربة الى لبنان وسورية معاً". وعلمت "الحياة" ان شيراك أبلغ الحريري والوزراء انه ينصح بوضع حدود لعملية ضخ المياه من الوزاني أو تأجيلها، في انتظار أن يأتي الخبراء الدوليون والفرنسيون لتصبح الأمور واضحة أكثر فيتم الاستناد الى القوانين الدولية والأممالمتحدة في عملية ضخ المياه فيستند لبنان الى هذه القوانين وفق ضوابط دولية تحمي موقفه وتغطيه مظلة الأممالمتحدة. وكرر القول ان فرنسا سترسل خبراء من جهتها. وأشارت مصادر وزارية لبنانية إلى ان شيراك دعا لبنان الى تفويت الفرصة التي تحاول اسرائيل انتهازها من أجل التصعيد. وأوضحت مصادر فرنسية ان سبب ابلاغ شيراك الجانب اللبناني النصائح يعود الى مخاوفه الجدية من مخاطر توجيه اسرائيل ضربة الى لبنان تكون لها عواقب عليه وعلى سورية، واقتناعه بأن اتباع القوانين الدولية يتيح للبنان ضخ المياه وفق ما تحدده هذه القوانين ويجنبه مغامرات قد يلجأ الىها رئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون. وأضافت المصادر ان الجانب الفرنسي يعتقد ان بعض الاطراف اللبنانية زاد من التعقيدات المحيطة بقضية الوزاني بما لا يتلاءم مع الأوضاع الدقيقة في المنطقة، وبالتالي فإنه يتخوف من اثر أي تصعيد على لبنان وسورية. وزادت مصادر وزارية لبنانية على ذلك اعتقادها بأن الجانب الفرنسي ربما يخشى من انه اذا تأخرت الحرب على العراق واحتمال الحرب هو أحد اسباب لجم اسرائيل قد تستفيد الدولة العبرية من هذا التأخير لأخذ حريتها تجاه لبنان. وأشارت المصادر الوزارية الى ان الحريري أبلغ شيراك ان لبنان لا يستطيع وقف الضخ لكنه ملتزم بالقوانين الدولية وهو أبدى رغبته في مجيء خبراء دوليين ومن دول عدة من هذا المنطلق لأنه يدرك ان ما يضخه من مياه أقل من حدود حقوقه. وكشفت المصادر ان شيراك أبلغ الجانب اللبناني انه يفكر بالدعوة الى عقد اجتماع باريس - 2 الهادف الى مساعدة لبنان اقتصادياً، بين 15 و20 تشرين الثاني نوفمبر المقبل.